بعد معارك دامية خاضاها في بلدة عرسال اللبنانية، وتكدست بينهما “أنهار من جثث ودم وحقد طويل”، اجتمع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، المكنى سابقا بأبو محمد الجولاني، مع الرئيس اللبناني، العماد جوزاف عون، على طاولة واحدة، ولم لا، على طاولة إفطار واحدة.. فهل تجبّ القمة العربية ما قبلها؟

اعلان

تغير المشهد كثيرًا في بيروت ودمشق بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، وسقوط نظامبشار الأسد. إذ وقعت أحداث جيوسياسية متسارعة ساهمت في صعود زعيم النصرة السابق أحمد الشرع إلى الحكم، واستلامه زمام السلطة في سوريا. كما شهد لبنان انتخاب قائد الجيش اللبناني جوزاف عون الرئيس الـ14 لبلد الأرز بعد شغور دام سنتين ونصفا.

وفي القاهرة وفي إطار اللياقة الدبلوماسية ، تبادل الرجلان التهنئة على منصبيهما الجديدين. وبينما وُضعت تحركاتهما تحت المجهر، حرصا على مجاملة بعضهما، وعلى إظهار الودّ لـ”البلد الشقيق”، في مشهد رآه البعض سُرياليًا، أو يُشبه، إلى حد ليس ببعيد، تلك النكتة السمجة التي تصف ما يحدث بـ”أحلام العصر”.

بين الجولاني وعون ماض دفين

بين عامي 2014 و2017، وإبان الحرب الأهلية السورية، استولى مقاتلو جبهة النصرة، التي كان يتزعمها أبو محمد الجولاني، أحمد الشرع حاليا، على بلدة عرسال اللبنانية. واندلعت وقتها مواجهات عنيفة مع الجيش اللبناني بقيادة جوزاف عون، ومقاتلي حزب الله والعشائر اللبنانية الشيعية لدحر عناصر النصرة وجماعات متطرفة أخرى من المنطقة.

وقد أسفرت المعارك عن مقتل العشرات واختطاف عدد من جنود الجيش اللبناني في معركة سُميت بـ”فجر الجرود”.

حينها، قطع عون على نفسه وعدًا للبنانيين وأهلي الجنود، بأنه “لن يتساهل مع من قتل أبناء الجيش اللبناني في أحداث 2014″، وهو وعد، لربما حالت دونه حسابات السياسة، وإرادات دول.

هذا وقد بدأ “الغزل” بين الشرع وعون قبل انتخاب الأخير بفترة لا بأس بها، إذ سبق وأن زكّى رجل دمشق القوي ترشيح قائد الجيش للانتخابات الرئاسية اللبنانية، في واقعة أثارت الاستغراب.

اللقاء على هامش قمة الدول العربية

وعلى هامش قمة الدول العربية لبحث المقترح المصري بشأن غزة، التقى الرئيسان لأول مرة في القاهرة، و”تناولا عددًا من المسائل العالقة، حيث تم الاتفاق على التنسيق عبر لجان مشتركة تشكل بعد تأليف الحكومة السورية الجديدة. كما تم التأكيد على ضرورة ضبط الحدود بين البلدين لمنع جميع أنواع التجاوزات”، وفقًا لبيان الرئاسة اللبنانية على منصة “إكس”.

وفي وقت سابق، شهدت الحدود اللبنانية السورية توترًا أمنيًا ملحوظًا، حيث اندلعت اشتباكات دامية بين القوات التابعة للنظام السوري، والتي تتألف بشكل رئيسي من عناصر هيئة تحرير الشام من جهة، والعشائر اللبنانية الشيعية التي تسكن منطقة الهرمل من جهة أخرى.

وقد أسفرت المعارك عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، وشهدت المنطقة عمليات خطف أيضا، فضلاً عن تبادل لإطلاق النار باستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة. كما شارك الجيش اللبناني بالمعركة جزئيًا، حيث رد على مصادر النيران القادمة من الأراضي السورية.

وقد وصفت الإدارة السورية الجديدة تلك الاشتباكات بأنها محاولة للتصدي لـ”عمليات تهريب المخدرات”، بينما اعتبر بعض اللبنانيين أنها محاولة “للانتقام من المنطقة التي كانت سابقا مسرحا لمعارك فجر الجرود”. قبل أن يتم التوصل إلى تهدئة، لحقن الدماء.

شاركها.
Exit mobile version