بقلم: يورونيوز
نشرت في •آخر تحديث
أظهرت صور أقمار صناعية أُخذت عقب هجوم أوكراني بطائرات مسيّرة في عمق الأراضي الروسية خلال عطلة نهاية الأسبوع، تدمير وإصابة عدد من القاذفات الاستراتيجية الروسية، وفقاً لما أكّده ثلاثة محللين متخصصين في تحليل المصادر المفتوحة.
واستهدفت أوكرانيا ما لا يقل عن أربعة قواعد جوية في روسيا مستخدمةً 117 طائرة مسيّرة أُطلقت من حاويات قريبة من المواقع المستهدفة. وأكدت لقطات التُقطت بطائرات من دون طيار، وتم التحقق منها من قبل وكالة “رويترز”، إصابة عدة طائرات في موقعين على الأقل.
شركة “كابيلا سبيس” الأميركية زوّدت “رويترز” بصورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية لإحدى تلك القواعد الجوية، وتحديداً قاعدة “بيلايا” العسكرية في منطقة إيركوتسك السيبيرية، وذلك بتاريخ 2 يونيو، أي بعد يوم من تنفيذ العملية، التي اعتُبرت من أكثر العمليات الأوكرانية تعقيداً وفعالية منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات.
ورغم أن الغيوم تحجب الرؤية في الصور التقليدية، إلا أن هذه الصور التُقطت باستخدام تقنية الرادار ذي الفتحة الاصطناعية (SAR)، والتي تعتمد على إرسال موجات طاقة نحو سطح الأرض ورصد صداها، ما يتيح الكشف عن تفاصيل دقيقة رغم العوامل الجوية.
الصورة، وهي بالأبيض والأسود وتقلّ دقّتها عن الصور البصرية التقليدية، أظهرت حطام طائرات عدة منتشرة على مدرج القاعدة أو داخل حواجز إسمنتية واقية.
وقال جون فورد، الباحث في “مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار” في كاليفورنيا: “بالمقارنة مع صور الأقمار الصناعية السابقة ولقطات الطائرات المسيّرة التي نُشرت عبر تليغرام وتويتر، يمكنني تأكيد تدمير عدد من الطائرات”. وأشار إلى أن الصور تُظهر بقايا طائرتين من طراز Tu-22 “باكفاير”، وهي قاذفات استراتيجية بعيدة المدى تُستخدم في ضربات صاروخية ضد أوكرانيا.
وأضاف أن الصور ولقطات الطائرات المسيّرة المنشورة على وسائل التواصل تشير أيضاً إلى تدمير أو تضرر أربع قاذفات استراتيجية ثقيلة من طراز Tu-95.
من جانبه، أكد برادي أفرِك، محلل استخبارات المصادر المفتوحة، أن الصور تُظهر بالفعل تدمير وإصابة عدد من قاذفات Tu-95 وTu-22 في قاعدة إيركوتسك، لكنه أشار إلى الحاجة لمزيد من الصور لتقدير حجم الأضرار بدقة. ومع ذلك، اعتبر أفرِك أن “الهجوم كان ناجحاً جداً”، لافتاً إلى أن القاعدة تضم أيضاً نماذج مزيّفة لطائرات، يبدو أنها فشلت في تضليل الطائرات المسيّرة الأوكرانية.
ولم تحصل “رويترز” بعد على صور رادارية لقاعدة “أولينيا” الجوية في منطقة مورمانسك شمال غربي روسيا، التي كانت أيضاً هدفاً للهجوم. لكن لقطات فيديو قدمتها السلطات الأوكرانية وتحققت منها الوكالة، أظهرت اشتعال النيران في قاذفتين يُعتقد أنهما من طراز Tu-95، بالإضافة إلى ثالثة أُصيبت بانفجار ضخم.
وزارة الدفاع الروسية من جهتها أكدت أن أوكرانيا استهدفت قواعد جوية عسكرية في مناطق مورمانسك، إيركوتسك، إيفانوفو، ريازان، وآمور. وأضافت أن الدفاعات الجوية الروسية تصدت للهجمات في ثلاث مناطق، لكنها لم تتمكن من منع الأضرار في مورمانسك وإيركوتسك، حيث اندلعت النيران في عدد من الطائرات.
جهاز الأمن الأوكراني (SBU) تبنّى العملية التي أطلق عليها اسم “شبكة العنكبوت”، مشيراً إلى أن 41 طائرة حربية روسية أُصيبت، بينها 13 تم تدميرها بالكامل. وأشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالعملية واصفاً إياها بأنها “عبقرية بكل معنى الكلمة”، بعدما وصلت الضربات إلى أهداف تبعد نحو 4,300 كيلومتر عن خطوط القتال.
وفيما لم تكشف القوات الأوكرانية عن تفاصيل إضافية، أعلنت أنها أضافت 12 طائرة إلى سجل خسائر روسيا الجوية. وقدّر جهاز الأمن الأوكراني أن حجم الخسائر التي تسببت بها العملية بلغ نحو 7 مليارات دولار، مشيراً إلى أن 34% من القاذفات الحاملة لصواريخ كروز الاستراتيجية في القواعد الروسية الأساسية قد تضررت.
ورغم عدم قدرة “رويترز” على التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، إلا أن محللين أشاروا إلى أن الخسائر ستؤثر على القدرة الروسية، خصوصاً أن بعض الطائرات المستهدفة لم تعد تُنتج، ما يجعل تعويضها أمراً بالغ الصعوبة.
ويرجّح “معهد دراسات الحرب” (ISW) أن يجبر هذا الهجوم موسكو على إعادة توزيع أنظمتها الدفاعية الجوية لحماية نطاقات أوسع، وربما اللجوء إلى نشر منظومات متنقلة قادرة على الاستجابة السريعة لهجمات مماثلة مستقبلاً.