بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في آخر تحديث

اعلان

نفذت الولايات المتحدة فجر الأحد عملية عسكرية واسعة ضد المنشآت النووية الإيرانية أطلقت عليها اسم “مطرقة منتصف الليل”، ووصفت بأنها من أضخم الضربات الجوية في تاريخ الجيش الأميركي. العملية شارك فيها أكثر من 125 طائرة عسكرية، من بينها سبع قاذفات شبح من طراز B-2، انطلقت من قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميزوري في مهمة استغرقت 37 ساعة، بدعم من طائرات تزويد بالوقود في الجو ومقاتلات لتأمين المسار. كما أُطلقت عشرات صواريخ “توماهوك” من غواصات متمركزة في البحر.

وأفادت وزارة الدفاع الأميركية أن الهجوم استهدف فقط المنشآت النووية الإيرانية دون استهداف مدنيين أو مواقع عسكرية أخرى، مؤكدةً أن واشنطن لا تسعى إلى تغيير النظام، لكنها سترد “بسرعة وحزم” عند تهديد مصالحها أو حلفائها. وأكد الرئيس ترامب أن إيران ما تزال تملك الفرصة للعودة إلى طاولة المفاوضات.

لكن، ورغم الاحتفاء الأميركي بنجاح العملية، يبقى السؤال: هل نجحت الضربة فعلاً في تدمير البرنامج النووي الإيراني؟

في 21 يونيو، أعلن ترامب أن الضربات التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان “دمرت البرنامج بالكامل”، فيما بدا رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين أكثر تحفظًا، مشيرًا إلى أن التقييم الكامل للأضرار لا يزال قيد الدراسة، لكن التقديرات الأولية تشير إلى “أضرار جسيمة للغاية” في المواقع الثلاثة.

أظهرت صور أقمار صناعية نشرتها شركة “ماكسار” في 22 يونيو حفراً عميقة في سفح الجبال، خاصة عند موقع فوردو، وهو الهدف الرئيسي للهجوم، إذ استخدمت القاذفات الأميركية قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57، وهي الأقوى في الترسانة الأميركية.

أما منشأة أصفهان، والتي تُستخدم لتحويل اليورانيوم وصناعة أجهزة الطرد المركزي وتخزين اليورانيوم عالي التخصيب (HEU)، فقد استهدفتها صواريخ “توماهوك”. وكان لدى إيران وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية نحو 400 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من المستوى اللازم لصنع سلاح نووي.

ورغم أن إسرائيل كانت قد استبقت الضربة الأميركية بشن غارات على نطنز وأصفهان، وأضعفت الدفاعات الجوية الإيرانية، فإن منشأة فوردو، المحصّنة داخل جبل، بقيت عصيّة على القنابل الإسرائيلية. وقد أشار رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى أن الموقع “مدفون على عمق قد يصل إلى 800 متر تحت الأرض”، بينما قدرت مصادر أوروبية العمق بنحو 500 متر.

وكانت هناك شكوك سابقة بشأن قدرة القنابل الخارقة للتحصينات على اختراق موقع فوردو، لكن تكرار ضرب الموقع بنقطة واحدة قد يكون سمح باختراق أعمق وإلحاق أضرار مدمّرة. ويعتقد بعض الخبراء أن الضربة الأميركية استهدفت أنفاق التهوية والوصول، وهي نقاط حيوية لعمل المنشأة.

ويرى ريتشارد نيفيو، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن الهزّات الناتجة عن الانفجارات قد تكون كفيلة بتدمير أجهزة الطرد المركزي، إذ إن “الاهتزاز غير المنضبط كفيل بتدمير أجهزة الطرد”، حتى تلك المتقدمة من طراز IR-6 الموجودة في فوردو. ويضيف أن الوقت لم يكن كافيًا لتعطيل هذه الأجهزة أو تفكيكها بشكل آمن قبل الضربة.

ويبقى التساؤل اليوم: هل تمتلك إيران منشآت سرية أخرى أو مخزونًا خفيًا من اليورانيوم المخصب يمكنها من استئناف البرنامج في الظل؟ خاصة وأنها كانت قد هدّدت سابقًا بالانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهو ما سيجعل عمل المفتشين الدوليين مستحيلاً.

لكن تجدر الإشارة إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية أثبتت مرارًا قدرتها على التغلغل داخل العمق الأمني الإيراني واغتيال علماء ومسؤولين بارزين في البرنامج النووي.

ورغم شدة الضربة الأميركية، يشير بعض المحللين إلى أن تجربة إيران قد لا تشبه ما جرى مع العراق عام 1981 أو سوريا عام 2007، حيث دُمرت مفاعلات نووية بالكامل. يقول نيكولاس ميلر، الباحث في قضايا منع الانتشار النووي بجامعة دارتموث: “السؤال هو: هل ستُذكر هذه العملية كضربة قاصمة مثل سوريا 2007، أم ستكون بداية لمسار مشابه للعراق 1981، حيث استمرت الطموحات النووية رغم الضربة؟ أنا أرجّح السيناريو الثاني، ما دام النظام الإيراني قائمًا”.

شاركها.
Exit mobile version