اعلان

مر عامان كاملان على اندلاع الحرب في السودان، التي تحولت إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. إذ أنالصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لم يسفر فحسب عن دمار هائل داخل البلاد، بل ألقى بظلاله على استقرار المنطقة بأكملها.

ومع تصاعد وتيرة النزوح الجماعي، ونقص التمويل الإنساني، وانتشار الانتهاكات الحقوقية، يبدو المستقبل قاتما أكثر من أي وقت مضى.

أوضاع كارثية بعد عامين من الحرب

بحسب الأمم المتحدة، اضطرّ نحو 15 مليون شخص منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 للنزوح داخليًا أو اللجوء إلى دول الجوار، مما يجعل هذا البلد مركزًا لأكبر أزمة نزوح في أفريقيا. ويعكس هذا الرقم حجم الكارثة التي يعيشها الشعب السوداني، حيث تمزقت الأسر، وواجه الملايين شبح الجوع والمرض والعنف.

النساء والأطفال الأكثر تضررًا

المفوض السامي الأممي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، أكد في تدوينة نشرها الأربعاء أن غالبية النازحين هم من النساء والأطفال. وأشار إلى أن تخفيض المساعدات الدولية أجبر الأمم المتحدة على تقديم “كميات أقل من الغذاء والمياه والأدوية والمأوى”، مما زاد من معاناة الفارين من العنف.

وفي رسالة وجهها إلى المانحين من الحدود التشادية-السودانية، قال غراندي: “لا تخفّضوا دعمكم لضحايا حرب السودان”، محذرًا من أن استمرار تدهور الوضع قد يؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر بكثير.

تصاعد الهجرة غير النظامية إلى أوروبا

مع انهيار المساعدات الإنسانية وعدم وجود حلول سياسية في الأفق، بدأ العديد من السودانيين في البحث عن طرق خطيرة للنجاة بأنفسهم. في مؤتمر صحافي عُقد الجمعة 11 ابريل في جنيف، أفادت المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أولغا سارادو، بأن 484 مواطنًا سودانيًا وصلوا إلى أوروبا خلال شهري يناير وفبراير 2025، بزيادة قدرها 38% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. كما أشارت إلى أن 937 آخرين تم إنقاذهم من البحر الأبيض المتوسط أو اعتُرضوا وأعيدوا إلى ليبيا، وهو رقم يمثل أكثر من ضعف ما سُجل في الفترة نفسها من العام الماضي.

وحذرت سارادو من أن استمرار انهيار المساعدات الإنسانية وعدم توقف الحرب سيؤدي حتمًا إلى زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يختارون خوض الرحلات الخطرة عبر البحر الأبيض المتوسط، الذي يُعد أحد أخطر مسارات الهجرة في العالم. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فقد بلغت الوفيات المسجلة في هذا المسار رقماً قياسيًا في عام 2024، حيث لقي العديد من المهاجرين حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا.

أرقام صادمة حول النزوح

في فبراير 2025، أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن عدد النازحين داخل السودان وخارجه تجاوز 15 مليون شخص، بينهم أكثر من 3.5 ملايين عبروا الحدود إلى دول الجوار مثل مصر، تشاد، جنوب السودان، وإثيوبيا. أما النازحون داخل البلاد، فقد بلغ عددهم 11 مليونًا و585 ألفًا و384 شخصًا، بينهم 8 ملايين و856 ألفًا و313 نزحوا بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023.

تقرير الصليب الأحمر: وضع كارثي

وأصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الخميس 10 أبريل، تقريرًا حذرت فيه من “الوضع الإنساني الكارثي” الناجم عن النزاع المستمر منذ منتصف أبريل 2023. وأكدت اللجنة أن “التجاهل الصارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني” ساهم في تعميق هذه الأزمة المروعة. كما حذرت من أن الانخفاض الحاد في تمويل المساعدات الإنسانية ينذر بتفاقم المعاناة بشكل غير مسبوق.

وبعد عامين من الحرب، يبدو أن السودان يغرق أكثر فأكثر في أزمة لا نهاية لها. ومع استمرار النزاع في حصد المزيد من الضحايا، تكثف الأمم المتحدة من نداءاتها للمجتمع الدولي بضرورة تعزيز الدعم المالي والإنساني لمواجهة الكارثة الإنسانية.

شاركها.
Exit mobile version