بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

أثار كمين نفذته حركة حماس هذا الشهر في مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، وأسفر عن مقتل خمسة جنود إسرائيليين وإصابة 14 آخرين، “صدمة واسعة في إسرائيل”، ليس فقط بسبب الخسائر البشرية، بل بسبب موقع الهجوم ذاته. ووفق ما أفادت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير مفصل، فإن بيت حانون، التي كانت ضمن مسار الاجتياح الإسرائيلي الأول بعد هجوم 7 أكتوبر، تقع اليوم ضمن “منطقة عازلة” تخضع للجيش الإسرائيلي، وقد استُهدفت بأربع عمليات عسكرية منفصلة منذ بدء الحرب.

ورأت الصحيفة أن قدرة حماس على تنفيذ هجوم في مدينة مدمرة بالكامل وخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، طرحت تساؤلات داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن ما تحققه فعليًا هذه الحرب.

وبحسب التقرير، يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التأكيد على أن القوة العسكرية وحدها قادرة على تحرير الرهائن المتبقين البالغ عددهم نحو 50، والقضاء على حركة حماس، وهي المبررات التي تُستخدم لتبرير استمرار العمليات العسكرية. لكن بعد مرور 21 شهرًا، لم تُحقق هذه الأهداف، فيما تُشير التقديرات المحلية إلى مقتل ما يقارب 60 ألف فلسطيني، وتحول معظم مناطق القطاع إلى أنقاض.

وتنقل “فايننشال تايمز” عن عدد من النقاد الإسرائيليين، بينهم مسؤولون عسكريون سابقون، أن العملية باتت تفتقر إلى الهدف الاستراتيجي، ويُنظر إليها باعتبارها وسيلة للحفاظ على التماسك السياسي داخل ائتلاف نتنياهو، الذي يضم أطرافًا يمينية متشددة تهدد بإسقاط الحكومة في حال توقفت الحرب.

ويقول مايكل ميلشتاين، وهو ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، للصحيفة: “إنها حرب استنزاف.. بلا هدف استراتيجي، كأنك تسير في مستنقع”. ويضيف أن حماس لا تزال موجودة ونشطة، ولا تزال تُسيطر على القطاع، ولم يتم حتى الآن إطلاق أي رهائن أحياء منذ مارس.

ووفقًا لما ذكرته “فايننشال تايمز”، فإن عدد القتلى الإسرائيليين في غزة ارتفع إلى 35 جنديًا منذ يونيو، مقارنة بـ11 فقط في الأشهر الثلاثة التي أعقبت انهيار الهدنة السابقة في مارس، ما يثير تساؤلات جديدة حول كلفة الحرب.

انقسامات داخل المؤسسة الإسرائيلية

أشارت الصحيفة إلى أن الخلاف بات واضحًا بين قيادة الجيش والحكومة حول المسار المستقبلي للحرب. ففي حين يُفضل رئيس الأركان إيال زامير وكبار الضباط التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يعيد على الأقل نصف الرهائن، يتمسك نتنياهو بموقفه الرافض لأي هدنة لا تتضمن نزع سلاح حماس وضمان “زوال التهديد من غزة”.

وقال زامير لقواته في بيت حانون الأسبوع الماضي، بحسب ما نقلته “فايننشال تايمز”: “نحن على أعتاب مفترق طرق حاسم. إذا تم التوصل إلى اتفاق، سنتوقف ونعيد الانتشار. وإن لم يحصل، فإن توجيهاتي واضحة: تكثيف وتوسيع العمليات العسكرية إلى أقصى حد”.

خشية جديدة

في تقريرها، سلطت “فايننشال تايمز” الضوء على اقتراحات قدمها وزراء في الحكومة، من بينهم وزير الدفاع إسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لتأسيس “مدينة إنسانية” في رفح، تُنقل إليها مئات الآلاف من الفلسطينيين دون إمكانية العودة، وهو ما أثار معارضة قوية من كبار قادة الجيش الذين اعتبروا الخطة “غير قانونية”. وقد وُصفت الخطة دوليًا بأنها ترقى إلى “تطهير عرقي”.

وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الإسرائيلية تنتشر حاليًا في ثلاثة أرباع قطاع غزة، وتشن عمليات في دير البلح وخان يونس ومحيط مدينة غزة، في حين لم يتبق من مدينة رفح سوى الأنقاض.

مخاوف من غياب “الرؤية الاستراتيجية”

في ختام التقرير، نقلت “فايننشال تايمز” عن ميلشتاين قوله إن غزة باتت “عاصمة الأوهام الإسرائيلية”، حيث يعيش القادة في وهم الانتصار القريب، في حين لا تُسجل أي إنجازات استراتيجية حقيقية على الأرض. وأضاف: “هذه قصة الحرب.. الكثير من النجاحات التكتيكية، دون أي إنجاز استراتيجي”.

شاركها.
Exit mobile version