بقلم:&nbspيورو نيوز

نشرت في

اعلان

وبعد مقتل زعيم المجموعة يفغيني بريغوجين في تحطّم طائرة عام 2023، عمدت موسكو إلى تشكيل “فيلق إفريقيا”، كقوة رديفة تخضع مباشرة لسلطة الكرملين، في خطوة بدت كإعادة هيكلة لوجودها غير النظامي في القارة.

في مالي، حيث ينتشر نحو ألفي عنصر روسي وفق تقديرات أميركية، أعلنت فاغنر مؤخرًا إنهاء مهمتها هناك عبر منشور على تطبيق “تليغرام”، بينما أعلن “فيلق إفريقيا” نيته البقاء ومواصلة النشاط العسكري بالتعاون مع الجيش المالي. غير أن هذا الوجود أثار موجة انتقادات، على خلفية انتشار مقاطع مصوّرة توثّق انتهاكات و”فظائع مروّعة” نُسبت إلى عناصر بزي عسكري، وتضمّنت مشاهد اعتُبرت على نطاق واسع صادمة وغير إنسانية.

توثيق للفظائع… ومخاوف من “تطبيع التوحش”

تُظهر تسجيلات، تحققت منها وكالة “أسوشيتد برس”، مشاهد مروّعة لجثث مشوّهة وعمليات تعذيب وقتل نفذها أشخاص بزي عسكري، بعضهم من مليشيا “دوزو” المتحالفة مع الجيش المالي. وضمن المقاطع، يظهر رجال يُطبخون أعضاء بشرية أو يقطعون جثثًا ويتباهون بما يبدو أفعالًا آكلة للبشر. وقد أثارت هذه المواد المصوّرة صدمة واسعة، خصوصًا بين أبناء قومية الفولاني، الذين وجدوا أنفسهم بين نيران الجيش والمسلحين الجهاديين، بحسب مصادر محلية تحدثت للوكالة.

الخبيرة السابقة في “هيومن رايتس ووتش” كورين دوفكا، وصفت ما يجري بـ”التجريد الكامل من الإنسانية”، وقالت إن تداول هذه المشاهد على المنصات الاجتماعية “يدل على تدهور أخلاقي آخذ في التعمّق في منطقة الساحل”.

وقد أعلن الجيش المالي فتح تحقيق في هذه الانتهاكات التي اعتبرها “أفعالًا نادرة لا تمثل قيم المؤسسة العسكرية”، لكن لم يُعلن حتى الآن عن نتائج التحقيق أو الكشف عن المسؤولين.

قنوات تابعة لفاغنر تروّج للصور والتعذيب

منصات محسوبة على عناصر فاغنر على “تليغرام”، وعلى رأسها قناة تحمل اسم “العمات البيض في إفريقيا”، نشرت صورًا ومقاطع تُظهر عمليات قتل وتعذيب، وتستخدم تعليقات ساخرة تصف الضحايا بـ”الكائنات المعادية”. ويعتقد خبراء في المصادر المفتوحة من جامعة كاليفورنيا – بيركلي، أن القناة تدار من قبل أعضاء حاليين أو سابقين في فاغنر، رغم عدم التمكن من التحقق من هويتهم بشكل قطعي.

من بين ما نشرته القناة صورة لثمانية جثث لمدنيين مقيدين ووجوههم لأسفل، مرفقة بتعليق: “العمات البيض قضوا على بؤرة حياة معادية”، إلى جانب صورة أخرى لمحتجز يتعرض للتعذيب، وصف بأنه “عينة للبحث”.

انهيار بيئة الرقابة الدولية… وتزايد الإفلات من العقاب

مع انسحاب بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام من مالي في ديسمبر 2023، ازداد غياب الرقابة الدولية على ما يجري داخل البلاد، ما فتح الباب واسعًا أمام الانتهاكات، بحسب الباحثة في “هيومن رايتس ووتش” إيلاريا أليغروتزي، التي أكدت أن القمع السياسي والإعلامي الذي تمارسه السلطات المالية حال دون التحقق المستقل من حجم الجرائم المرتكبة.

وأضافت: “في ظل اختفاء الهيئات الرقابية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي النافذة الوحيدة تقريبًا لرؤية ما يحدث فعليًا على الأرض”، مشيرة إلى أن مساءلة المرتكبين، سواء من الجيش أو المرتزقة الروس، ما تزال شبه معدومة.

منصات التواصل… بين التوثيق والدعاية الرهيبة

تُظهر تحليلات الوكالة أن بعض المحتوى العنيف أُزيل من منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بينما وُضع جزء كبير منه خلف جدار مالي على “تليغرام”. ووفقًا للمنصة، فإن المحتوى العنيف “محظور تمامًا” ويتم حذفه عند اكتشافه، لكن لم توضح ما إذا كان ذلك يشمل المحتوى المدفوع.

من جانبه، قال داني هوفمان، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة واشنطن، إن “القوة الحقيقية لهذه القصص تكمن في الرعب والانبهار الذي تولّده”. وأضاف أن تداول صور تتضمن أكل لحوم بشر أو طقوس قتل يجعل من المرتكبين رمزًا لـ”قوة متطرفة”، سواء كانوا من فاغنر أو ميليشيات محلية أو حتى مسؤولين سياسيين.

شاركها.
Exit mobile version