بيزنس الأربعاء 12:21 ص

بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

أثار مشروع إسرائيلي لنقل مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين جرى تهجيرهم سابقًا إلى ما يُعرف بـ”مدينة إنسانية” في قطاع غزة، خلافًا حادًا بين المسؤولين السياسيين والمؤسسة الأمنية، في وقت يقول مسؤولون إنه لم يتم بعد وضع خطة عملية واضحة للمشروع.

ورغم غياب تصور تفصيلي، انتقد معارضون الخطة بشدة، وشبّهها بعضهم بـ”معسكر اعتقال”، محذرين من أن المشروع قد يمهّد لتطهير عرقي في القطاع الذي أنهكته الحرب المستمرة منذ 21 شهرًا.

في المقابل، رفضت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الانتقادات، مؤكدة أن المشروع يهدف إلى توفير ملاذ آمن للمدنيين وفي الوقت نفسه إضعاف حركة حماس. غير أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الخطة تمثل سياسة حكومية رسمية.

تفاصيل الخطة والتحديات اللوجستية

طرح وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس الفكرة في وقت سابق من هذا الشهر، وعقد نتنياهو مساء الأحد اجتماعًا مع عدد من الوزراء والمسؤولين الأمنيين لمناقشتها. وطُلب من الجيش الإسرائيلي إعداد تصور تفصيلي، لكن نتنياهو رفضه واعتبره مكلفًا ومعقدًا، بحسب ما نقلته رويترز عن مسؤولين إسرائيليين حضروا الاجتماع، وطالب بوضع خطة “أسرع وأقل كلفة”.

وأشار مصدر عسكري إسرائيلي عبر رويترز إلى أن التخطيط لا يزال في مراحله الأولى، وأن المشروع يتطلب تجهيزات ضخمة من بنى تحتية تشمل الصرف الصحي، المياه، الغذاء، والخدمات الطبية، مؤكداً أن الهدف هو “مساعدة من لا يرغب بالعيش تحت حكم حماس”.

وفي 7 تموز/يوليو، قدم كاتس الخطوط العريضة للمشروع خلال إحاطة صحافية، مقترحًا إقامة منطقة خالية من حماس تُدار من قبل جهات دولية جنوب قطاع غزة قرب الحدود المصرية، حيث يتم نقل نحو 600 ألف فلسطيني إليها. وبحسب هيئة البث الإسرائيلية “كان” وإذاعة الجيش، لن يُسمح للسكان الذين يختارون الانتقال بالمغادرة.

ردود فعل متباينة ومخاوف من النقل القسري

في هذا السياق، قال الوزير زئيف إلكين، عضو المجلس الأمني المصغر، لهيئة “كان” إن هدف الخطة هو تقليص نفوذ حماس، “فكلما تم فصل السكان عن حماس، تراجعت قوة حماس. ما دامت حماس تسيطر على الغذاء والماء والمال، فهي قادرة على تجنيد المسلحين”، على حد تعبيره.

وردًا على المخاوف من أن تكون عمليات النقل قسرية أو أن الهدف تحويل المنطقة إلى معسكرات عبور تمهيدًا لطرد السكان، قال مسؤول عسكري تحدث لرويترز: “هذه ليست سياستنا”.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: “كما قلنا مرارًا، نحن نعارض بشدة أي خطة تتضمن تهجيرًا قسريًا للمدنيين في غزة أو إجبارهم على خيارات مستحيلة”.

تسريبات واحتدام الخلافات حول التكلفة والجدوى

منذ طرح كاتس الخطة، شهدت وسائل الإعلام الإسرائيلية تسريبات عديدة، وذكرت صحيفة هآرتس، في 9 تموز/يوليو، نقلًا عن مسؤولين عسكريين كبار، أن المؤسسة العسكرية تعارض المشروع بسبب تعقيداته القانونية واللوجستية.

ونقلت قناة N12 العبرية عن الجيش رفضه الخطة خشية أن تُعطل محادثات وقف إطلاق النار في الدوحة، فيما أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى تقديرات بتكلفة المشروع تتراوح بين 10 و15 مليار شيكل.

ورد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش متهمًا بعض الجهات الأمنية بمحاولة “تخريب المشروع” عبر تقديم تقديرات مالية “مبالغ بها”، مشيرًا إلى أن “إعداد منطقة محمية للسكان هو عملية لوجستية بسيطة تكلف بضع مئات من الملايين فقط، ومستعدون في وزارة المالية لتحويل المبلغ”.

المدينة الإنسانية في قلب مأزق سياسي – أمني

من جهة أخرى، وفي مقال تحليلي للواء المتقاعد إسرائيل زيف عبر القناة 12 العبرية، وصف المعركة في غزة بأنها تحوّلت إلى حرب عصابات مرهقة يخوضها الجيش الإسرائيلي داخل منطقة مدمرة ومليئة بالأنفاق والكمائن، حيث تملك حماس زمام المبادرة، وتكبّد القوات الإسرائيلية خسائر متزايدة.

وحذّر زيف من أن استمرار الحرب بهذا الشكل سيغرق إسرائيل في مستنقع طويل الأمد “تحت شعارات نصر فارغة”، مشيرًا إلى أن مشروع “المدينة الإنسانية” ليس سوى محاولة للهروب السياسي من الأزمة الأمنية، وليس حلاً إنسانيًا فعليًا.

وأشار إلى ارتباط المشروع بمحور “موراج”، الذي تحول إلى ما يشبه “فيلادلفيا 2″، بوصفه حجر أساس رمزي في خطاب نتنياهو، لكنه عمليًا “لا يقنع أحدًا”.

ونوّه إلى أن زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن كانت فاشلة ومخيبة، إذ لم تحقق أي تقدم في ملف الرهائن أو دعمًا سياسيًا حقيقيًا، في وقت لا يزال رئيس الحكومة يستخدم مشروع المدينة لتأجيل الحسم وشراء الوقت للبقاء في الحكم، حتى لو كان الثمن استمرار الحرب.

شاركها.
Exit mobile version