كانت خدعة حماس لشن هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر بسيطة: أقنعت إسرائيل بأنها تريد إشعال جبهة الضفة وتحييد جبهة غزة.

اعلان

قبل نحو أسبوعين فقط من شن حركة حماس هجومها المباغت والمذهل على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، الذي سمته “طوفان الأقصى”، اتضح للحركة أن الدولة العبرية اقتنعت بخدعة الحركة.

خرج مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنيغبي، المقرب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتصريح بدا غريباً بعض الشيء في دولة شديدة الحذر، وقال إن حركة حماس “مردوعة” ولن تطلق أي قذيفة قبل 15 عاماً، أي في 2036.

وفي السياق نفسه، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، في الفترة ذاتها، إن منطقة الشرق الأوسط باتت من “أكثر المناطق في العالم هدوءاً”.

يقول الحكيم الصيني، سون تزو، مؤلف كتاب “فن الحرب”، إن جميع أعمال الحرب تقوم على الخداع، فهي لا تكسب بالقوة إنما بالتضليل والتروي.

وبالفعل، كانت غالبية الحروب عبارة عن خدعة، بصورة ما، في حرب الخليج عام 1991، أقنع التحالف القوات العراقية بأنه سيهاجم الكويت من الشرق لكن الهجوم كان من الغرب، وبالمثل فعلت حماس.

الخداع على المستوى السياسي

كان الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الذي اغتالته إسرائيل في طهران في تموز/ يوليو، يكرر تصريحاً مفاده “الضفة هي ساحة حسم الصراع” مع إسرائيل.

وبدا أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية فسرتا الرسالة على أن حماس تريد الحفاظ على حكمها في غزة وقتال إسرائيل في الضفة، مما قد لا يؤدي إلى رد فعل عنيف من إسرائيل تجاه القطاع.

وفي السياق ذاته، كان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، الذي قتل في ضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، واتهمت الحركة إسرائيل باغتياله، يردد تصريحات عن الهجمات في الضفة الغربية، وأنها تستهدف الإسرائيليين ولا تريد استهدف السلطة الفلسطينية.

وفي آب/ أغسطس 2022 وأيار/ مايو 2023، دخل تنظيم الجهاد الإسلامي في قطاع غزة في مواجهتين مع إسرائيل لعدة أيام، وامتنعت حركة حماس التي تسيطر على القطاع عن المشاركة فيهما، وحينها واجهت حماس اتهامات من قبل خصمها السياسي حركة فتح بـ”التخلي عن الجهاد والمقاومة”.

وقبل أيام معدودة فقط من شن حماس هجوم “طوفان الأقصى”، أعادت حماس إشعال حدود قطاع غزة، بمواجهات شعبية، وأرسلت عبر وسطاء، بأنها معنية بزيادة عدد تصاريح العمال الغزيين في إسرائيل.

وخلص معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، المقرب من اللوبي الإسرائيلي في العاصمة الأمريكية، في تحليل له في نيسان/ أبريل 2023، أنه “من غير المرجح أن تخاطر حركة حماس بالدخول في حرب شاملة ضد إسرائيل من غزة كما فعلت في عام 2021.

ويقول: “يبدو أن حماس في صراعها المستمر مع إسرائيل، تفضل بشكل متزايد نهجاً دقيقاً، بحيث تصعد العنف في الضفة الغربية تدريجياً لتحدي إسرائيل وتقويض السلطة الفلسطينية. ويبدو هذا التكتيك جذابًا أكثر بكثير من شن حرب شاملة عبر جبهة غزة، حيث التكاليف تفوق الفوائد المحتملة”.

الخداع على المستوى العسكري والأمني

وكان يجب أن يكون هناك نشاط على الأرض، حتى تقتنع إسرائيل بأن حماس لا تريد مواجهة في غزة، وفي المقابل، تريد مواجهة في الضفة الغربية.

وبدأت الحركة في نشاط يقوم به أسرى محررون في صفقة شاليط عام 2011، وهم من الضفة الغربية وجرى إبعادهم إلى قطاع غزة، ويتمحور النشاط حول سعيهم لتجنيد شبان في الضفة لشن هجمات هناك، ويبدو أن هذا الجهد وإن كان حقيقياً، إلا أن الغاية منه خداع إسرائيل.

وأنشأت المخابرات الإسرائيلية صفحات على شبكات التواصل، بعضها يقول بشكل صريح إنها تابعة للمخابرات للإسرائيلية، وتكون باسم ضابط مستعار مسؤول عن منطقة معينة في الضفة الغربية، وكانت تتكرر فيها رسالة “التهديد من التواصل مع أشخاص في قطاع غزة”.

اعلان

كما أنشأت المخابرات نفسها صفحات أخرى لا توحي للوهلة الأولى بأنها تابعة لجهاز مخابرات، مثل صفحات “بدنا نعيش” و”أخبار الضفة”، التي ركزت على رسالة أن “حماس تريد إشعال الضفة وتخريب الحياة فيها”، لكن هذه الصفحات اختفت بعد هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وشنت حركة حماس سلسلة هجمات في الضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها، مثل الهجوم الذي قتل فيه مستوطنان في أغسطس/ آب 2023، كما قتلت مستوطنة في هجوم قرب الخليل في الشهر ذاته، وتبنت حماس العملية.

وتصاعدت النداءات في إسرائيل لتوجيه ضربة لحماس في غزة، لكن الحكومة اكتفت بالموجهة في الضفة.

شاركها.
Exit mobile version