فيما تستمر معاناة الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة بسبب الاستيطان، وصل الفيلم الوثائقي “لا أرض أخرى” إلى جوائز الأوسكار لعام 2024، ليعرض للعالم جزءًا من معاناة الفلسطينيين في مواجهة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي. فهل يمكن أن يحدث تغييراً حقيقياً؟
الفيلم، الذي أخرجه باسل عدرا، المخرج الفلسطيني من الضفة الغربية، بالشراكة مع المخرج الإسرائيلي يوفال أبراهام، إلى جانب راحيل شور وبلال حمدان، يروي قصة قرية التوانة في “مسافر يطا” جنوب الخليل بالضفة الغربية، حيث يعيش الفلسطينيون في صراع مستمر مع المستوطنات الإسرائيلية.
من قرية التوانة إلى الأوسكار
تمكن الفيلم الفلسطيني “لا أرض أخرى” من الوصول إلى القائمة القصيرة لترشيحات جوائز الأوسكار، في فئة “أفضل فيلم وثائقي طويل” خلال النسخة 97 من الجائزة.
ويسلط هذا العمل، الذي يعتبر إنتاجًا فلسطينيًا نرويجيًا، الضوء على معاناة الفلسطينيين في قرى “مسافر يطا”، حيث يتعرض السكان للمضايقات المستمرة من قبل المستوطنين، بما في ذلك هدم المنازل وتهجير أصحاب الأرض.
ويوثق الفيلم معاناة سكان القرى الفلسطينية، في وقت يستمر فيه التوسع الاستيطاني بتضييق الخناق عليهم وتهديد وجودهم، ويستعين بمشاهد أرشيفية تمتد لأكثر من 20 عامًا.
وقد فاز الفيلم في مهرجان “برلين السينمائي” الأخير، بجائزة “أفضل فيلم وثائقي” وجائزة “الجمهور” في برنامج “البانوراما”، مما يسلط الضوء على النجاح الذي حققه على الصعيد العالمي.
الأمل في التغيير
سافر عدرا إلى قريته التوانة، وكانت هذه الزيارة فرصة له للتعرف عن كثب على ردود أفعال المجتمع المحلي، ومعرفة إذا ما كان هذا الصدى العالمي للعمل سيساهم في إحداث أي تغيير. وقد نظمت مدرسة محلية عرضًا للفيلم على شاشة كبيرة، ما سمح لأهالي القرية بأن يروا واقعهم ينعكس على الساحة العالمية.
يقول عدرا: “لم نكن نتوقع أبدًا أن نصل إلى مرحلة الترشيح لجائزة الأوسكار”. ويرى أن الوثائقي سيؤثر على وعي الناس حول ما يجري في فلسطين: “لا أعتقد أن الفيلم يمكن أن يغير الوضع، ولكن على الأقل يمكن أن يغير عقول الناس، والأشخاص الذين لا يعرفون ما يجري هنا بالفعل”.
ويستذكر عدرا حادثة مؤلمة: “هاجمت مجموعة من المستوطنين قرية طوبا القريبة، اقتحموا منزل صديقي وأحرقوا سيارته أمام باب منزله. كان ذلك بعد يومين من ترشيحنا لجائزة الأوسكار”.
ويُضيف: “أحاول أن أنقل قصة مجتمعي إلى هذا المسرح، على مستوى العالم، وهذا أمر رائع. ولكن من المحزن أيضًا أن الوضع على الأرض يسير عكس ما نريد”.
من جهتها، تعرب سناء عدرا، ابنة عم باسل، عن فخرها بالقول: “بالطبع، أشعر بالفخر، وإذا حقق الفيلم نجاحًا في حفل توزيع جوائز الأوسكار، فإن التغيير سيحدث حتماً”.
وفيما يواصل المستوطنون ممارسة الانتهاكات، تقول سهام عدرا، وعي عاملة في متجر وابنة عم باسل: “في السابق كانوا يستخدمون الغاز المسيل للدموع والحجارة والهراوات. ولكن الآن، يطلقون النار على الناس بالذخيرة الحية”.
ورغم النجاح الذي لا زال يحققه الفيلم على الساحة العالمية، يبقى السؤال قائماً: هل يمكن أن يكون هذا الترشيح بداية حقيقية لتغيير واقع سكان الضفة الغربية المحتلة؟