في خطوة جديدة لتعزيز الجاهزية لمواجهة الأزمات، دعا وزير العدل والأمن الهولندي، فان ويل، يوم الأربعاء، جميع المواطنين إلى تجهيز حقيبة طوارئ تكفي لمدة 72 ساعة تحسبًا للكوارث الطبيعية، أو الهجمات السيبرانية، أو حتى النزاعات العسكرية.
ويأتي هذا التوجيه كتحديث لتوصيات سابقة كانت دعت إلى الاستعداد لمدة 48 ساعة فقط، وهو يعكس الحاجة إلى تعزيز قدرة الأفراد على التأقلم في ظل المخاطر المتزايدة. وتشمل قائمة المستلزمات الأساسية التي يُنصح بتوفيرها: الأوراق النقدية، والأطعمة المعلبة، والمياه، والبطاريات، لضمان التكيف مع أي انقطاع محتمل في الخدمات الأساسية.
ورغم أن فكرة تجهيز حقيبة طوارئ ليست جديدة، إلا أن استطلاعًا حديثًا أجرته شركة الأبحاث “إبسوس آي أند أو” كشف عن ارتفاع معدل الاستعداد بين المواطنين، حيث أظهر أن ربع سكان هولندا يمتلكون بالفعل حقيبة طوارئ، مقارنة بـ15% فقط في عام 2024. ويعكس هذا التحسن تأثير حملات التوعية التي أطلقتها الحكومة الهولندية والصليب الأحمر، والتي يبدو أنها بدأت تؤتي ثمارها.
ومع ذلك، لا يزال 17% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن امتلاك حقيبة طوارئ غير ضروري، بينما أبدى آخرون اقتناعهم بأهميتها، مستشهدين بالمخاطر المحتملة مثل انقطاع الكهرباء والفيضانات كدوافع رئيسية للاستعداد.
وفي هذا السياق، شدد فان ويل على ضرورة رفع مستوى الوعي حول أهمية الاستعداد، مشيرًا إلى أن المجتمع كان أكثر جاهزية خلال فترة الحرب الباردة. وأوضح في حديث لصحيفة “دي تلغراف” أن المواطنين في ذلك الوقت كانوا يعرفون تمامًا كيفية التصرف عند انطلاق صافرات الإنذار. لكنه أشار إلى أن تفكيك أنظمة الدفاع المدني بعد سقوط جدار برلين أدى إلى تراجع القدرة المدنية على التعامل مع الأزمات.
وتتزامن هذه التصريحات مع اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة زيادة الإنفاق الدفاعي، في ظل تصاعد المخاوف الأمنية في القارة، خاصة بعد التطورات الأخيرة في أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، اقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تخفيف القيود على الميزانيات الوطنية للسماح للدول بزيادة إنفاقها الدفاعي. وتعتمد خطتها على قروض بقيمة 150 مليار يورو لشراء معدات عسكرية أساسية، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تمويل هذه الزيادة، خصوصًا مع معاناة العديد من الدول من مستويات ديون مرتفعة.
وفي سياق متصل، حذّر فان ويل من تداعيات تراجع الدعم الأمريكي لأوروبا، خاصة بعد إعلان إدارة ترامب تعليق جميع المساعدات لأوكرانيا، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية. وأوضح الوزير الهولندي أن الحكومة قد تضطر في حالات الطوارئ الكبرى إلى تركيز جهودها على الدفاع الوطني ونشر القوات المسلحة، مما قد يستوجب على المواطنين تدبير أمورهم ذاتيًا لفترة من الزمن.
إلى جانب التركيز على الاستعداد الفردي، تعمل الحكومة الهولندية على وضع خطط لحماية خمسة قطاعات حيوية أساسية: الأمن الغذائي والمائي، الكهرباء، الرعاية الصحية، البنية التحتية، والحكومة نفسها.
ومن المتوقع أن يتم قريبًا نشر تفاصيل دقيقة حول المستلزمات التي يُنصح بتخزينها في المنازل ضمن حقائب الطوارئ، لضمان استعداد السكان لمواجهة أي أزمة محتملة. وتأتي هذه الجهود في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز قدرة هولندا على الصمود في وجه التحديات، سواء على المستوى المحلي أو ضمن المشهد الأمني الأوروبي الأوسع.