ووافق مجلس الوزراء الإسباني، الثلاثاء، على مرسوم ملكي للتعامل مع الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وفي هذا السياق، قدّم وزير الاقتصاد كارلوس كويربو تفاصيل الإجراءات المقرة، والتي تتضمن توفير تغطية تأمينية بقيمة 2000 مليون يورو للشركات المصدرة، وذلك بعد إعلان رئيس الحكومة عن هذه الخطوة الأسبوع الماضي.
وصرّح كويربو، عقب اعتماد المرسوم الملكي في جلسة مجلس الوزراء الصباحية: “نرغب في إيصال رسالة ثقة وطمأنة في ظل اتخاذ مثل هذه الإجراءات”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تُعد الشريك التجاري الأول لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، إذ تُعتبر الوجهة الرئيسية للاستثمار المباشر بإجمالي يصل إلى نحو 90 مليار يورو. كما أكد أن الإجراءات المعتمدة تنسجم مع الجهود الأوروبية الجماعية للرد على الحرب التجارية التي أطلقتها واشنطن.
وفي سياق متصل، جاءت التحركات الإسبانية بالتنسيق مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي بادرت بالتواصل مع الإدارة الأمريكية لاستكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاق، معربةً عن استعداد الاتحاد الأوروبي لمواجهة التداعيات حال عدم تحقيق ذلك.
تشمل الحزمة الإسبانية التي تم اعتمادها لمواجهة الرسوم الجمركية حوالي 14.1 مليار يورو، منها 7.4 مليار يورو تمثل تمويلات جديدة، و6.7 مليار يورو من الأدوات المالية القائمة. بالإضافة إلى التدابير المتعلقة بالتأمين.
وأعلن وزير الاقتصاد الإسباني عن خطط مستقبلية تشمل تعزيز دور هيئة ICEX، الكيان العام المسؤول عن دعم توسع الشركات الإسبانية في الأسواق الدولية.
كويربو يتواصل مع المعارضة
وأكد كويربو، خلال ظهوره في قصر مونكلوا، أهمية الحوار مع مختلف الأطراف السياسية، بما في ذلك حزب الشعب المعارض. وعبّر عن شكره للمجموعات البرلمانية والوكلاء الاجتماعيين، مشيرًا إلى وجود “استعداد للحوار والتوصل إلى استجابة مشتركة من أجل البلاد”، وهو ما تجسد في سلسلة اجتماعات ودعوات أسفرت عن تحسينات طرأت على المرسوم.
وأوضح كويربو أن ردود الأحزاب السياسية المختلفة ساهمت في تعزيز نص المرسوم، لا سيما من خلال إدخال مادة مرتبطة بالشفافية وطلب تعزيز الحوار مع المجتمعات المتمتعة بالحكم الذاتي. وأشار الوزير، الذي ينحدر من إكستريمادورا، إلى أنه أجرى حوارات “أيضًا مع الحزب الشعبي”، لافتًا إلى أن المجلس التشريعي يمر بمرحلة استثنائية من التعاون بين الحكومة والحزب المعارض الرئيسي.
من جانبه، أكد زعيم المعارضة ألبرتو نونيز فيخو، في بيانٍ يوم الاثنين، استعداد حزبه للتعاون مع الحكومة، لكنه أشار إلى أن هذا التعاون لن يكون “دون تحفظات”.
وفي ختام تصريحاته، أعرب كويربو عن أمل الحكومة في أن يؤدي هذا الحوار إلى الموافقة على المرسوم الحالي، بالإضافة إلى تدابير أخرى تتعلق بإعادة الإعمار، مؤكدًا استمرار التعاون مع جميع الجهات الفاعلة في السلطة التشريعية.
إجراءات اسبانية لمواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية
وأكد الرئيس الأمريكي هذا الأسبوع أنه لا يعتزم تعليق الرسوم الجمركية العالمية، رغم التراجع الحاد في الأسواق المالية العالمية. وفي مواجهة هذا الوضع غير المسبوق، أعلنت الحكومة الإسبانية عن خطة تتضمن خطوط ضمانات وتمويل بقيمة 5 مليارات يورو من مكتب الائتمان الدولي، بهدف تسهيل الحصول على الائتمان التجاري.
كما خصصت الحكومة 2 مليار يورو في شكل تأمين ائتماني وتغطية لمخاطر التصدير لدعم الشركات المتضررة ومساعدتها على تنويع أسواقها. وسيُخصص ربع هذا المبلغ لدعم تدويل الشركات الصغيرة والمتوسطة.
إلى جانب ذلك، قررت الحكومة تمديد الوقف المحاسبي للخسائر الناجمة عن جائحة كوفيد-19 حتى عام 2026، لتفادي موجة محتملة من حالات الإفلاس بين الشركات التي تأثرت بالجائحة.
وردًا على استفسار حول تأثير التعريفات الجمركية على الاقتصاد الإسباني، قال وزير الاقتصاد إنه من السابق لأوانه تقديم تقدير دقيق، وأضاف: “ما زال هناك العديد من العوامل غير المؤكدة، مثل مدة فرض التعريفات ورد فعل الاقتصاد العالمي”.
وأشار كويربو إلى أن التحليلات الصادرة عن مراكز الدراسات الخاصة، مثل فونكاس، والتي تشير إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنصف نقطة، تبقى “مبكرة”. ومع ذلك، أكد أنه يمكن تحديد القطاعات الأكثر تضررًا لتقديم الدعم الاقتصادي اللازم لشركاتها.