مع سيطرة المعارضة السورية على دمشق ومغادرة الرئيس بشار الأسد، تصاعدت التساؤلات حول مصيره. وبينما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الأسد “استقال من الرئاسة وغادر البلاد”، ظل مكانه مجهولاً إلى ساعات المساء قبل إعلان الكرملين وصول الأسد إلى موسكو
شهدت الساعات الأولى من فجر الأحد دخول قوات المعارضة إلى دمشق، في حدث مثّل نهاية حكم عائلة الأسد الذي استمر أكثر من 50 عاماً. ووسط هذا التحول المفاجئ، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الأسد قرر التنحي ومغادرة البلاد، لكن لم تُحدد وجهته.
في المقابل، أصر التلفزيون الرسمي السوري على أن الأسد ما زال في دمشق، “يواصل عمله بشكل طبيعي”، قبل أن ينقطع البث فجأة ويُعرض على الشاشة إعلان مكتوب نصه: “انتصار الثورة السورية وإسقاط نظام الأسد المجرم”.
يوم الجمعة، ذكرت صحيفة التلغراف البريطانية أن أن عائلة الأسد فرت إلى روسيا، لكنها لم تكشف هوية الأفراد الفارّين ولا المدينة التي ذهبوا إليها. وفي سياق متصل، أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الأسد غادر دمشق إلى وجهة غير معلومة.
من جانبه، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة أسوشيتد برس إن “بشار الأسد استقل طائرة وغادر دمشق صباح الأحد”، وهي معلومات نقلتها أيضاً وكالة رويترز عن مسؤولين عسكريين كبيرين.
وبحسب موقع تتبع الرحلات الجوية FlightRadar24.com، فقد أقلعت طائرة إليوشن، دون الإعلان عن وجهتها، من مطار دمشق في وقت يتزامن تقريباً مع الوقت الذي سيطرت فيه المعارضة على العاصمة.
ويبدو أن الطائرة حلّقت في البداية شرقاً نحو الحدود مع العراق، ثم غيرت مسارها شمالاً باتجاه مناطق يسيطر عليها أنصار الأسد والروس. بعد مرورها فوق حمص، التي تخضع هي الأخرى لسيطرة المعارضة، اختفت الطائرة عن أنظمة التتبع.
وفقاً لمصادر سورية نقلتها وكالة رويترز، يُعتقد أن اختفاء الطائرة قد يكون بسبب إيقاف نظام التتبع عن عمد، أو أنها تعرضت لإسقاط جوي. إذا صحت الفرضية الأخيرة، وكان الأسد على متنها، فهذا يعني أن مصيره قد انتهى.
بالقرب من المكان الذي اختفت فيه آثار الطائرة، في بلدة القصير، توجد قاعدة للقوات الجوية السورية. تسيطر المعارضة على المنطقة، لكن حالة المطار العسكري غير معروفة.
الطائرة الوحيدة التي يمكن تحديد هويتها والتي غادرت سوريا صباح يوم الأحد هي طائرة محظورة يبدو أنها غادرت أبو ظبي إلى حمص وعادت مرة أخرى إلى أبو ظبي. لكن الرحلة مسجلة بعد عدة ساعات من دخول المعارضة إلى دمشق، وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إنه “لا يعرف” ما إذا كان الأسد في البلاد.
وفي الوقت ذاته، كتب مراسل أكسيوس الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد عبر منصة “إكس” نقلًا عن مصدر إسرائيلي أن الأسد ذهب إلى قاعدة روسية في سوريا منتصف ليل السبت بهدف الفرار إلى روسيا.
وكتب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” أن الأسد “هرب من بلاده. لم تعد حاميته، روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، ترغب في حمايته”.
وتكهنت وسائل إعلام دولية بمصير الأسد، اذ أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأنه ربما يكون في موسكو برفقة عائلته، بعدما تلقى نصائح من مصر والأردن باللجوء إلى روسيا. من جهة أخرى، زعمت وكالة “بلومبرغ” أن هناك اتفاقاً يسمح بنفيه إلى منطقة تحت سيطرته مؤقتاً قبل نقله إلى إيران.
وكان التصريح الأكثر وضوحاً حتى الآن هو بيان وزارة الخارجية الروسية، الذي جاء فيه إنه “بعد مفاوضات مع عدد من الأطراف المتورطة في النزاع المسلح في سوريا، قرر الأسد التنحي عن الرئاسة ومغادرة البلاد، وأصدر تعليمات بنقل السلطة سلمياً”، مشددة على أن “روسيا لم تشارك في هذه المفاوضات”.
وكانت أنباء قد ترددت ظهر الأحد عن اقتحام مسلحين سوريين لمقر إقامة السفير الإيطالي في دمشق، بحثاً عن مقربين من بشار الأسد، لكنهم لم يجدوا السفير أو أفراد طاقمه، الذين أكدت الخارجية الإيطالية أنهم في مكان آمن.
في المقابل، فرضت قوات المعارضة حظر تجول في دمشق حتى الساعة الخامسة من صباح الاثنين، في خطوة فُسرت بأنها محاولة لتعقب الرئيس أو مقربين منه قد يقدمون معلومات عن مكانه.