على خلفية تسجيل صوتي تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُعتقد أنه يحتوي على إساءة للنبي محمد صدر عن أحد الأشخاص من الطائفة الدرزية، شهدت عدة محافظات سورية مظاهرات غاضبة منددة بالتسجيل مطلقة عبارات طائفية وتهديدات ووعيد لأبناء الطائفة الدرزية، ما أدى إلى توتر الوضع الأمني في عدد من المناطق.
وعلى خلفية المظاهرات اندلعت الاشتباكات بشكل مركز بعد منتصف ليل الاثنين في مدينة صحنايا بريف دمشق الجنوبي الشرقي، من دون ورود معلومات عن خسائر بين الأطراف المشتبكة، حيث تم فرض حظر تجوال كامل استمر حتى ساعات الصباح الأولى. فيما بقيت الحركة داخل المدينة خفيفة جداً مع حالة من القلق والترقب التي تخيم على السكان المحليين.
“أنصار السنة” تستهدف جرمانا بانفجارات وقذائف هاون
وفي جرمانا شن فصيل مسلح يُعرف باسم “أنصار السنة” هجوماً انطلق من بلدة المليحة في الغوطة الشرقية نحو المدينة الواقعة بريف دمشق، في هجوم بدأ ليل الاثنين واستمر حتى صباح الثلاثاء، وشمل إطلاق قذائف هاون استهدفت الأحياء السكنية، مما أسفر عن تضرر عدد من المنازل، كما أدت الاشتباكات إلى مقتل 5 من المدافعين عن المدينة وإصابة 12 آخرين، بالإضافة إلى مقتل 6 من المهاجمين.
السكان يعيشون ليلة رعب… وهلع بين الأطفال والنساء
حالة من الخوف والهلع الشديد عاشها أهالي المدينة طوال الليل، خاصة مع سماع أصوات الانفجارات والتكبيرات والاشتباكات المسلحة. العديد من السكان وصفوا لـ”يورونيوز” لحظات الرعب التي عاشوها، مشيرين إلى خوفهم من تكرار ما حدث سابقاً في مناطق أخرى كأحداث الساحل السوري.
وقالت مريم ، وهي أم من حي النسيم الذي تعرض لأعنف الاشتباكات: “حاولت الفرار مع بناتي الاثنتين لكن الرصاص الكثيف حال دون ذلك، واضطررنا إلى الاختباء داخل حمام المنزل لتجنب الرصاص الطائش والقصف العشوائي”.
تحديات سياسية وأمنية: رفض بيانات الداخلية واتهامات للدولة بالتقصير
من جانبه، شكك خلدون ، أحد سكان جرمانا، بصحة البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية السورية، مؤكداً أن المهاجمين على المدينة هم في الأصل فصائل مسلحة تنتمي لما يُعرف بـ”الجيش السوري الجديد” وليس كما تدعي أنهم مواطنون.
ودعا خلدون الحكومة إلى اتخاذ موقفٍ واضحٍ وحازم من هذه الانتهاكات المتكررة التي تستهدف الدم السوري باسم الطائفية والانتقام، قائلاً: “لا يمكن الاستمرار في التغاضي عن استباحة المواطنين والدماء بدعوى الدفاع عن الدين أو الكرامة”.
إجراءات أمنية مشددة وعودة الطلاب الدروز إلى جرمانا
عقب انتهاء الاشتباكات، فرضت قوات الأمن العام طوقاً أمنياً محكماً حول مداخل ومخارج جرمانا، في محاولة لمنع أي هجوم محتمل قد تشنه الفصائل المسلحة مرة أخرى.
وقالت “منار”، وهي من سكان المدينة، أنها هربت منها فور توقف الاشتباكات خوفاً من أي خرق أمني جديد قد يحدث في الساعات القادمة.
وأشارت إلى أن التجييش الطائفي لا يزال مستمراً على أبناء المنطقة، مما زاد من قلق السكان ودفع العديد منهم إلى محاولة مغادرة المدينة.
وفي ظل التوتر الطائفي المستمر، لوحظ عودة المئات من الطلاب السوريين من أبناء الطائفة الدرزية من مختلف المحافظات السورية إلى جرمانا، وذلك خوفاً من تكرار ما حدث في السكن الجامعي بحمص . وقد تم تأمينهم داخل المدينة، بينما لا تزال الطريق بين دمشق والسويداء مقطوعةً بسبب عمليات القنص المستمرة على طولها.
وأكد الطالب قصي ، العائد من محافظة حمص ، لـ”يورونيوز” أنه عاش أياماً صعبة ومليئة بالرعب خلال تواجده في المدينة، نتيجة الحملات التي طالت المواطنين المنتمين للطائفة الدرزية.
وقال قصي: “عشنا يومين صعبين في حمص، الكثير من الضغط عشناه؛ من بحث عنا لقتلنا، والتنكيل بنا، والمضايقات، وسماع الشتائم طوال الليل. كنت أخاف كثيراً، وودعت أهلي أكثر من مرة”.
وأضاف: “الآن أنا مرتاح لأنني وصلت جرمانا، ولو أن الوضع الأمني فيها صعب، لكنه أفضل من البقاء في حمص. لن أعود إليها ما دام الدم الدرزي مهدوراً بهذه الطريقة، ولن أستكمل دراستي إن استمر الأمر على هذا المنوال”.
السويداء تعيش حالة توتر بعد دعوات للهجوم على المحافظة
وفي السياق ذاته، يعاني أهالي محافظة السويداء من حالة توتر أمني بعد انتشار دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي تستهدف المحافظة التي تعد معقلاً للطائفة الدرزية.
وأكد محافظ السويداء، مصطفى البكور، في بيان له تعقيباً على الاحداث الأخيرة “خطابنا في سوريا ليس طائفياً” مستشهداً بقول من النص القرآني “ولا تزر وازرة وزر أخرى”.
وأضاف: “لم ولن نسمح لأحد بالتعدي على نبينا الكريم، وسنحاسب كل من يسيء إلى الرموز الدينية أو يتطاول عليها”.
وأوضح البكور أنه وجّه قيادة الشرطة في المحافظة للتحري عن صاحب التسجيل المسيء، بهدف تحويله إلى القضاء أصولاً، مؤكداً أن مثل هذه الأفعال لا تمثل الشعب السوري الواعي والمتعدد الأطياف.
