اهتمت اثنتان من كبريات المجلات الأميركية المتخصصة في الشؤون الدولية بتداعيات توغل الجيش الأوكراني مؤخرا في عمق الأراضي الروسية، وتساءلت عن الأهداف التي تسعى كييف إلى تحقيقها من خلال هذه العملية.

وأفادت مجلة نيوزويك نقلا عن معهد دراسة الحرب المعني بالأبحاث العسكرية -ومقره في واشنطن- بأن تعيين موظف الكرملين السابق أليكسي ديومين للإشراف على الدفاع في منطقة كورسك يوحي بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى التخلص من الضباط المسؤولين عن الفشل في وقف التوغل الأوكراني.

كما نقلت عن التقييم الذي أصدره المعهد أن بوتين يريد أن يعرف “كيف خُدع ولماذا” فيما يتعلق بخطط كييف العسكرية ونواياها.

وورد في التقييم أن العديد من المدونين العسكريين “تكهنوا” بأن ديومين “سيحدد مصير العديد من المسؤولين والقادة الروس رفيعي المستوى”.

الرد قادم

وذكرت نيوزويك في تقريرها أن هذا التقييم صدر بعد تصريح نيكولاي إيفانوف نائب مجلس الدوما الروسي عن منطقة كورسك الحدودية بأن مصادره أكدت له أن ديومين الحارس الشخصي السابق لبوتين “تلقى تعليمات بالإشراف على سير عملية مكافحة الإرهاب” في كورسك الواقعة جنوب غربي روسيا.

وقال إيفانوف لقناة “آر تي في آي” الخاصة إن “المهمة المهمة الرئيسية هي هزيمة القوات المسلحة الأوكرانية التي غزت أراضي منطقة كورسك”، في إشارة إلى التوغل عبر الحدود الذي شنته كييف في 6 أغسطس/آب الجاري، والتي يبدو أنها أخذت موسكو على حين غرة.

وأفادت نيوزويك بأن روسيا لم تؤكد بعد رسميا تعيين ديومين، مضيفة أنها أجرت اتصالا بوزارة الدفاع الروسية عبر البريد الإلكتروني.

وأشار معهد دراسة الحرب إلى أن التقارير عن تورط ديومين أثارت تكهنات واسعة النطاق بين المدونين والمعلقين السياسيين الروس بشأن خيبة أمل الرئيس بوتين في أجهزته الأمنية.

وقال المعهد إن ذلك أثار أيضا تكهنات بأن الرئيس الروسي قد يجري تعديلا عسكريا وسياسيا.

وتفيد تقارير حديثة استندت إليها المجلة الأميركية بأن ما استولت عليه أوكرانيا من أراضٍ في منطقة كورسك في أيام يفوق ما استحوذت عليه روسيا في أوكرانيا منذ بداية العام.

وكشف القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية أولكسندر سيرسكي أن منطقة العمليات العسكرية في منطقة كورسك تجاوزت الألف كيلومتر مربع يوم الاثنين الماضي.

مكاسب ولكن

وفي تقرير آخر في سياق الموضوع نفسه، أكدت مجلة فورين بوليسي أن أوكرانيا تحقق مكاسب على الأرض داخل روسيا، لكنها استدركت متسائلة عما إذا كان توغلها هذا سيكلفها مزيدا من الجنود يصعب عليها تعويضهم.

وأوضحت أن التوغل “الجاري” أذهل المسؤولين في الغرب والكرملين على حد سواء، مشيرة إلى أن الهجوم عبر الحدود رفع الروح المعنوية في أوكرانيا، خاصة أن القوات الأوكرانية لم تواجه مقاومة تذكر.

وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوع على الهجوم المباغت -بحسب تقرير فورين بوليسي- فإن كييف لا تزال تلتزم الصمت إزاء الأهداف التي تنشدها من ورائه، بل إنها تكتمت على الهجوم، إذ لم يؤكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حدوثه إلا يوم الأحد الماضي فقط بالقول إن قواته تقاتل في روسيا.

وإزاء هذا التكتم جمع المحللون ما في وسعهم من معلومات بشأن العملية باستخدام صور مفتوحة المصدر على وسائل التواصل الاجتماعي والتدقيق في ادعاءات المدونين العسكريين الروس.

تداعيات

واعتبر بوتين أن التوغل كان يهدف إلى إحباط التقدم الروسي في ساحات القتال الرئيسية بأوكرانيا.

من جانبه، قال مايكل كوفمان -وهو زميل بارز في برنامج روسيا وأوراسيا التابع لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي- “من المرجح أن تعتقد أوكرانيا أن هذه العملية -على أقل تقدير- ستجبر الجيش الروسي على نشر قوة أكبر بكثير لمواجهة هجومه، وبالتالي إضعاف عملياته في منطقة دونيتسك” شرقي أوكرانيا.

وترى زميلته في البرنامج دارا ماسيكوت أن الأوكرانيين كانوا يعرفون ما يريدون، وهو البحث عن “نقطة ضعف” في الجانب الروسي، موضحة أن وجود عناصر مختلفة من أجهزة الأمن الروسية تعمل في المنطقة ربما أعاق التنسيق فيما بينها.

وقالت “ليس من الواضح بالنسبة لي حتى الآن ما إذا كان الروس فشلوا في رصد القوات الأوكرانية من مسافة قريبة أم أنهم اكتشفوهم، لكن آلياتهم الحربية لم تعمل لأي سبب كان”.

ووفقا لفورين بوليسي، فإن عدم وضوح أهداف كييف من عملياتها في كورسك -والتي تعد واحدة من التحركات العسكرية “الأكثر تطورا” التي قامت بها أوكرانيا في الحرب حتى الآن- جعل المسؤولين والخبراء الأميركيين الحاليين والسابقين يشعرون بالقلق من أن أوكرانيا قد تعرّض نفسها لخطر ضربة روسية مضادة.

شاركها.
Exit mobile version