غزة- يعتبر الجريح العشريني أحمد سعد مبتور الساق أن ما حدث له إنجاز عظيم ومذهل، بعدما حصل على طرف صناعي محلي، من مبادرة مجانية ذاتية للشقيقين المتخصصين في العلاج الوظيفي والأطراف الصناعية صلاح وعبد الله سلمي.

وأطلق الشقيقان سلمي مبادرة لمساعدة مبتوري الأطراف من جرحى الحرب الإسرائيلية الضارية، المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وذلك من خلال تصميم وصناعة أطراف صناعية بديلة بطريقة بدائية، وباستخدام وإعادة تدوير مواسير الصرف الصحي وأخشاب ومواد بسيطة أخرى.

إنجاز عظيم

فقد سعد (25 عاما) أحد ساقيه ونصف قدمه في الساق الأخرى، في استهداف إسرائيلي لمدرسة في مدينة غزة أوى إليها مع عائلته، بعدما اضطروا للنزوح عن منزلهم في حي الشجاعية شرق المدينة، ويقول للجزيرة نت إنه فقد عددا  كبيرا من أفراد عائلته شهداء في هذا الاستهداف، وبقي هو ينزف لأيام قبل نقله إلى المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، ولاحقا إلى مستشفى غزة الأوروبي في مدينة خان يونس بالجنوب.

اضطر الأطباء إلى بتر ساق سعد، وبات من ذوي الإعاقة، ليصبح حلمه “السير على ساقين مرة أخرى”، ولجأ إلى الشقيقين سلمي من أجل الحصول على طرف صناعي حتى وإن كان بدائيا، لكنه برأيه “إنجاز عظيم ومذهل” في ظل الحرب الشرسة على غزة، وما تعانيه من حصار خانق.

وبالنسبة لسعد فإن هذا الطرف يمكّنه من الاعتماد على نفسه إلى حد كبير، إلى حين انتهاء الحرب وتركيب طرف صناعي أكثر جودة وصلابة، وقدرة على أداء المهام الحيوية اليومية.

ولا تتوفر في النصف الجنوبي من القطاع، حيث يقيم نحو 90% من السكان والنازحين (زهاء مليوني نسمة)، أي مراكز متخصصة بصناعة الأطراف الصناعية، فيما خرجت مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية ومراكز متخصصة أخرى في مدينة غزة وشمال القطاع عن الخدمة، جراء الاستهداف المباشر أو العزلة الحادة وفصل شمال القطاع عن جنوبه.

تجربة ملهمة

واستلهم صلاح سلمي، وهو مختص بالعلاج الوظيفي، فكرة المبادرة من ظروف اعتقاله، ويقول للجزيرة نت “اعتقلتني قوات الاحتلال أثناء نزوحي من مدينة غزة نحو جنوب القطاع، عبر حاجز نتساريم الذي تدعي أنه آمن، ومكثتُ في الأسر 47 يوما مكبل الأطراف”.

هذه التجربة كانت ملهمة لصلاح، ويقول “وجعلتني أعيش ظروف ومشاعر ذوي الإعاقة، فإحساسي وأنا مكبل الأطراف كان يشبه إلى حد كبير شعور العجز لدى المبتورين”.

وعندما تحرر صلاح من سجنه، تداول مع شقيقه عبد الله المختص بالأطراف الصناعية والأجهزة المساعدة فكرة إعانة مبتوري الحرب، بتصميم وصناعة أطراف صناعية لهم، من خلال إعادة تدوير مواد محلية بسيطة، ويقول “نفذنا الفكرة وصنعنا أطرافا بدائية بالإمكانيات المتوفرة، ولكنها بالنسبة لذوي الإعاقة إنجاز كبير وتسهم في تسهيل حياتهم”.

ويتكون الطرف الصناعي المبتكر من الخشب ومواسير أو أنابيب بلاستيكية تستخدم للمياه والصرف الصحي، ويتعاون صلاح وعبد الله في إعادة تدويرها وتهيئتها، لتخرج بصورة طرف مريح، ويساعد مبتوري الحرب على تأدية أمورهم الحياتية اليومية.

ونجح الشقيقان سلمي في صناعة عدة أطراف صناعية لمبتوري الأطراف، سواء ثابتة تحت الركبة أو متحركة بمفصل، ورغم بساطة المواد المستخدمة فإن عبد الله يقول للجزيرة نت إن الحصول عليها ليس هينا لندرتها في الأسواق، ولاعتماده وشقيقه على التمويل الذاتي في شرائها وتوفيرها.

وتشير إحصائيات رسمية محلية ودولية إلى أن الحرب تسببت في أكثر من 11 ألف حالة بتر أطراف، من بينها 4 آلاف حالة بتر في أوساط الأطفال، لا تتوفر لهم أطراف صناعية ومتطلبات العلاج اللازمة في القطاع المحاصر.

شاركها.
Exit mobile version