يرى محللون سياسيون وعسكريون أن واشنطن اقتنعت بأن وقف إطلاق النار في غزة سيمتد تلقائيا إلى جبهة الشمال مع لبنان، مستدلين بتصريحات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، كما أكدوا أن فيديو حزب الله الجديد سيثير فزعا داخل المجتمع الإسرائيلي.

وفي هذا السياق، قال الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إن الربط بين جبهتي الجنوب والشمال معروف للإسرائيليين، ولكن المعضلة تكمن في رفض حكومة بنيامين نتنياهو وقف الحرب في غزة، وهو ما يعني أن جبهة الشمال ستبقى مشتعلة.

وأوضح مصطفى خلال حديثه لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟” أن استمرار اشتعال جبهة الشمال يعني تآكلا مستمرا بمكانة إسرائيل الإستراتيجية، مشيرا إلى أن الأخيرة باتت تطالب فقط بإبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني وليس تجريده من سلاحه.

وأشار إلى وجود ضغط في إسرائيل للحسم سياسيا أو عسكريا، لكنه كشف عن وجود تيارين داخلها، أحدهما يقوده غادي آيزنكوت الذي يعارض الدخول في حرب مع لبنان لأنه يعلم أن الجيش غير جاهز وغير مستعد.

وأضاف أن تصاعد الجبهة الشمالية أو خفضها بات إيقاعا من حزب الله “وهو ما يفقد إسرائيل قوة ردعها ويقلق الإستراتيجيين فيها”.

ولفت إلى أن إسرائيل لا تستطيع حسم الحرب مع حزب الله، متطرقا إلى خوف “العقلاء” في تل أبيب من ذلك، وما سيترتب عليه من انتكاسة خطيرة للأمن القومي الإسرائيلي ومكانة إسرائيل إقليميا واقتصاديا وإستراتيجيا وأمنيا.

ويعتقد الخبير في الشأن الإسرائيلي أن تل أبيب سوف تبقى على موقفها بضرورة إبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني لطمأنة مواطنيها.

“انعطافة تاريخية”

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة إن إسرائيل فشلت في الفصل بين لبنان وغزة رغم محاولات أميركية وفرنسية، منبها إلى أن موقف حزب الله وأنصار الله الحوثيين كان حاسما وقاطعا، مما أدى إلى تغير اللهجة الأميركية بشأن ذلك.

واستدل الحيلة بتصريحات هوكشتاين التي قال فيها إن عدم توقف حرب غزة “قد يأخذنا إلى حرب مع حزب الله وربما إيران”، لافتا إلى أن الأوضاع في المنطقة قد تصبح خارج السيطرة بتدخل قوى يمنية وعراقية وسورية وعربية أخرى.

لكن ضعف الإدارة الأميركية -وفق الحيلة- يشكل حافزا لنتنياهو واليمين الإسرائيلي بالذهاب إلى جنوب لبنان، إذ إن الرئيس جو بايدن مكبل بالانتخابات الرئاسية ولا يستطيع الضغط كثيرا على حكومة إسرائيل خشية إغضاب اللوبيات النافذة في واشنطن.

وخلص إلى أن إسرائيل تحولت إلى كيان متوحش، وهناك فرصة تاريخية لإنزال إسرائيل على ركبتيها، واصفا ما تشهده بالانعطافة التاريخية ما لم يحدث استدراك من واشنطن التي تدرك أن استمرار حرب غزة وتصعيد الشمال يشكلان تحديا لأمن المنطقة.

شرط حزب الله

وبشأن جولة المبعوث الأميركي في بيروت وتل أبيب، أشار الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة إلى أن حزب الله بدأ عملياته في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي نصرة لغزة، ووضع شرطا بتوقف الحرب في غزة لإيقاف عملياته، وهو ما بات واضحا للأميركيين.

وأكد شحادة أن حزب الله بدأ مرحلة ثالثة من عملياته عمقها 40 كيلومترا بعد اغتيال قائده البارز طالب سامي عبد الله عبر توسيع عمق الاستهداف داخل إسرائيل وبكثافة نارية أكبر، كما أصبحت الأهداف أكثر إستراتيجية كاستهداف مركز أمني مختص بالاغتيالات.

ويرى أن شرط إبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني غير واقعي وغير منطقي، مستندا إلى أن عناصر المقاومة هم من سكان جنوب الليطاني، حيث تجري كافة حفلات التأبين في القرى هناك.

فيديو “الهدهد”

وبشأن شريط “الهدهد” الذي نشره حزب الله اليوم الثلاثاء، أكد الخبير العسكري أنه رسالة ردعية لإسرائيل مفادها وجود بنك أهداف إستراتيجية لضربها في حال الإقدام على عمل عسكري ضد لبنان.

وأشار إلى أن إيران كانت قد صرحت بأنها ستتدخل في حال شنت إسرائيل حربا على لبنان، لأنها تعتقد أن الولايات المتحدة سوف تتدخل، لكنه كشف عن عاملين قد يعيقان ذلك، وهما الانتخابات الرئاسية الأميركية، وخشية تدخل دول أخرى.

من جانبه، قال الخبير بالشأن الإسرائيلي مهند مصطفى إن الفيديو أثار الرعب لدى الإسرائيليين، ويعني أن نصف إسرائيل سيتعرض لشلل كامل، مؤكدا أن نشره جاء في توقيت يتنامى فيه تأييد المجتمع الإسرائيليين حربا مع حزب الله.

بدوره، يعتقد الحيلة أن الفيديو سيثير الفزع في الجبهة الداخلية الإسرائيلية على المستوى المدني، مضيفا “إذا كانت إسرائيل تعاني من نزوح ربع مليون شمالا الآن فإن معظم سكانها سيكونون تحت النيران في حال استهدف داخل قلبها الديمغرافي من حيفا إلى تل أبيب”.

شاركها.
Exit mobile version