قال تقرير نشرته صحيفة “إزفيستيا” الروسية إن أفريقيا أصبحت خلال السنوات الأخيرة محطة للتنافس الشرس بين القوى العالمية، التي تسعى لحماية مصالحها الاقتصادية والسياسية، مستغلة غياب الاستقرار السياسي في العديد من دول القارة السمراء.
وأكد التقرير أن التغيّرات الجيوسياسية الواسعة النطاق التي يعيشها العالم اليوم، جعلت القارة الأفريقية محط أنظار العديد من القوى لما تزخر به من موارد طبيعية هائلة.
وذكر أن التوقعات تشير إلى أن القارة السمراء قد تتحوّل في العقد القادم إلى المصدر الرئيسي للمواد الخام للصناعة العالمية.
نموذج
فعلى سبيل المثال، تملك جمهورية الكونغو الديمقراطية -التي كانت مستعمرة بلجيكية وظلت تحت التأثير المطلق للولايات المتحدة مدة طويلة- إمكانات اقتصادية يمكن مقارنتها بإمكانات أقوى القوى الإقليمية، لكنها لم تنجح في توظيفها من أجل الخروج من وطأة الفقر.
وكشف التقرير أن عائلة كلينتون لعبت دورا رئيسيا في حماية مصالح واشنطن هناك لمدة طويلة.
وبيّن أنه إلى حدود أوائل العقد الأول من القرن الـ21، ظلّت جمهورية الكونغو الديمقراطية -مثل جيرانها في وسط أفريقيا- تمثل قاعدة الموارد الأساسية للغرب، وعلى وجه الخصوص فرنسا والولايات المتحدة، رغم مضي 6 عقود على استقلالها.
ضيوف من الشرق
وبحسب التقرير، فإن الصين شرعت مع بداية القرن الـ21 تكتسح بدورها القارة السمراء بنشاط عن طريق استثماراتها. وقد تضاعف معدل استثمارات الصين في القارة 22 مرة طيلة العقد الأول لتبلغ قيمتها 220 مليار دولار، في حين تضاعف حجم القروض الممنوحة لبعض دولها بحلول عام 2017 بنحو 74 مرة.
وبفضل قاعدة مواردها، تحوّلت جمهورية الكونغو الديمقراطية -مثلا- إلى “مركز النشاط الاستثماري” للصين في القارة الأفريقية. وقد شمل اهتمام بكين مجالات عديدة مثل الزراعة والتعدين وإنتاج المطاط. ومنذ 2015 زادت واردات الصين من الكوبالت بنسبة 3000%، وخام النحاس بنسبة 170%.
وعلى مدى هذه الفترة تمكنت الصين من إزاحة الولايات المتحدة من الكونغو، ويظهر ذلك في استحواذ شركة “الصين مولي” على منجم “تينكي فون غوروم” في عام 2022، بحسب إزفيستيا الروسية.
روسيا أيضا
من جانبها -يوضح التقرير- دخلت روسيا ساحة الكونغو الديمقراطية عن طريق تعزيز التعاون الثنائي في مجال إنتاج الشاحنات والاستكشاف الجيولوجي وتطوير صناعة الدفاع. وفي أبريل/نيسان من العام الجاري أعلنت كينشاسا عن دراسة إمكانية استخدام نظام الدفع الروسي “مير” في البلاد، وبحثها مع شركة “كاماز” الروسية إمكانية إنشاء خط إنتاج مشترك.
وكشفت حكومة الكونغو أيضا عن اهتمامها باستخدام التكنولوجيا الروسية في إنتاج النفط والغاز، لا سيما أن المشروع الوطني لتطوير الصناعة يفترض مضاعفة حجم الإنتاج الحالي، الذي يناهز 22 ألف برميل يوميًا، بمقدار 10 مرات.
وبحسب تقرير إزفيستيا فبعد الإنجازات الروسية، أولى السياسيون الأوروبيون والأميركيون قدرا من الاهتمام غير المسبوق بالقارة الأفريقية، تجلى في الزيارات التي أداها كل من كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والمستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون.
وأضاف أنه على عكس النجاحات التي حققتها كل من موسكو وبكين -والتي ترتب عنها توقيع عشرات الاتفاقيات التجارية والإنسانية- فإن المفاوضات بين الأفارقة والأوروبيين باءت بالفشل.