الخرطوم–  بعد 40 شهرا من تعليق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان إثر قرارات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان التي اعتبرت “انقلابا”، كثفت الحكومة السودانية اتصالاتها مع قيادة الاتحاد الجديدة لتطبيع علاقاتهما، كما قررت الخرطوم إنهاء تعليق عضويتها في الهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد” بعد تجميد عضويتها بالمنظمة قبل 14 شهرا.

وجمد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان عقب إجراءات البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ في البلاد، وهو ما اعتبره الاتحاد انقلابا، بينما رفض البرهان التوصيف الأفريقي، وسمى قراراته إجراءات تصحيحية فرضتها ظروف المرحلة.

كما جمّد السودان عضويته في “إيغاد” في 20 يناير/كانون الثاني 2024، احتجاجًا على مشاركة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” في قمة استثنائية لزعماء دول المنظمة عُقدت في أوغندا قبل يومين من قرار التعليق.

تحرك جديد

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي زار بورتسودان وزير الخارجية الجيبوتي محمود يوسف الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمنظمة “إيغاد” وطلب من رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان إنهاء تعليق عضوية السودان في المنظمة باعتباره من مؤسسيها.

بَيد أن السودان اشترط على الهيئة الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها بحقه وتصحيح موقفها والاعتذار قبل استئناف نشاطه في المنظمة.

وفي تحرك جديد زار مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة، جيبوتي أمس الأحد وأبلغ رئيس الدولة إسماعيل جيلي رغبة بلده في استئناف نشاطه في “إيغاد” وتفعيل آليات استعادة عضويته في الاتحاد الأفريقي، وهنأه على فوز بلاده برئاسة مفوضية الاتحاد.

وقال مجلس السيادة في بيان إن مالك عقار عقد لقاء مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الجديد محمود يوسف تناول تطورات الأوضاع في السودان وسبل تفعيل آليات عودة السودان إلى عضوية الاتحاد.

وأوضح وكيل وزارة الخارجية السوداني حسين الأمين في تصريح له، أن مالك عقار أبدى ثقة السودان في قدرة القيادة الجديدة لمفوضية الاتحاد الأفريقي على تصحيح مسار المفوضية والقيام بدورها في إيجاد الحلول للقضايا الأفريقية، مضيفا أن ملابسات تعليق عضوية السودان “جاءت في مرحلة مختلفة عن المرحلة التي يمر بها السودان”.

وفي المقابل نقل مجلس السيادة عن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود يوسف استعداد المفوضية لمناقشة قضية السودان ومزاولة نشاطه مع المؤسسات ذات الصلة داخل التكتل القاري.

 

عودة للسلام

ورد السودان على تجميد عضويته برفض أي دور للاتحاد الأفريقي في عملية السلام لإنهاء الأزمة في البلاد ولم يتجاوب مع خطة الاتحاد لوقف الحرب  التي أقرها في يونيو/حزيران 2023، واتهم رئيس مفوضية الاتحاد المنتهية ولايته موسى فكي بعدم الحياد.

وكشف مسؤول في الخارجية السودانية -للجزيرة نت- أن مجلس السلم والأمن الأفريقي رهن إنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد باتخاذ خطوات عملية بالعودة إلى الحكم المدني ومسار التحول الديمقراطي وذلك بتشكيل حكومة مدنية.

وأوضح المسؤول الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، أن عقار أبلغ رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الجديد بأن مجلس السيادة أجرى مؤخرا تعديلات دستورية تسمح للمجلس بتسمية رئيس وزراء وتكليفه تشكيل حكومة وأن ذلك سيحدث قريبا.

وفي موقف عده مراقبون رسالة للاتحاد الأفريقي ومنظمة “إيغاد”، قال مالك عقار إنه لا يوجد ما يمنع من الجلوس مع قوات الدعم السريع إذا التزمت بتنفيذ اتفاق جدة الموقع بين الطرفين في مايو/أيار 2023.

وأضاف في تصريح صحفي عقب لقائه الرئيس الجيبوتي “لكن التوسع العسكري لقوات التمرد دفع بالجيش الوطني إلى القتال بغرض الحفاظ على الشعب السوداني ومقدراته”، مناشدا الرئيس جيلي بأن تلعب أفريقيا دورًا أكبر في إنهاء الأزمة السودانية.

شر لا بد منه

من جانبه، يقول مدير معهد أبحاث السلام السابق في جامعة الخرطوم منزول العسل إن أسباب تعليق عضوية السودان في هيئة “إيغاد” لا تزال قائمة ولا يعرف دواعي تجاوز ذلك، لكنه عدها خطوة جيدة.

وفي حديث للجزيرة نت يعتقد الباحث والأستاذ في جامعة الخرطوم أن المهم هو إنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي لأن دوره يتكامل مع الأمم المتحدة على رغم ضعف دور الاتحاد في التعاطي مع أزمات القارة السمراء.

وبرأيه فإن السودان قد لا يستفيد من رفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي لكنه سيتضرر من استمرار التجميد، كما أن مطالب الاتحاد واضحة وظل البرهان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021 يعد بتشكيل حكومة مدنية ولم يفعل، مشيرا إلى أن المغرب جمد عضويته في المنظمة الأفريقية نحو 40 عاما بسبب قضية الصحراء الغربية قبل أن يعود للاتحاد.

بدوره يقول الباحث في الشؤون الأفريقية بدر الدين عبد العاطي إن السودان بدأ يستشعر أهمية العودة للبيت الأفريقي أكثر من أي وقت مضى تجنبا لاختطاف الملف السوداني من جهات دولية لا مصلحة لها في أمن واستقرار البلاد.

ويرجح الباحث في تصريح للجزيرة نت أن توقيع قوات الدعم السريع اتفاقا مع قوى عسكرية وسياسية لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرتها وتواصلها مع عواصم أفريقية، هو ما دفع مجلس السيادة للتحرك نحو المنظمات الأفريقية لقطع الطريق أمام “حميدتي” ومنع أي اتجاه للتعامل معه أو الاعتراف بحكومته الموازية.

شاركها.
Exit mobile version