كمبالا- 200 عام ونيف عمر الإسلام في أوغندا، هذه الدولة التي يصدح فيها صوت الأذان مبددا صمت المسافة بين المآذن وبيوت المسلمين في مقاطعاتها المختلفة، فهناك ملايين المسلمين الذين يصومون شهر رمضان ويتمسكون بتقاليد إسلامية عامة، وبعضها متوارث.

الخامسة صباحا هي توقيت بدء اليوم عند الدكتور حسين علي المحاضر في الجامعة الإسلامية بأوغندا والأستاذ في جامعة ماكريري، ثم بعدها يتناول وجبة السحور اتباعا لسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ويجهز نفسه للذهاب إلى الجامعة لتقديم الدروس والمحاضرات لطلابه.

يؤدي حسين صلاة العصر في مسجد جامعة ماكريري، ثم يبدأ درسه الأسبوعي لمجموعة من الطلاب، والذي يستمر حتى وقت الإفطار.

وتتنوع الموضوعات التي يناقشها الدكتور حسين في درسه الأسبوعي، ويقول في حديث للجزيرة نت إن رمضان يستجلب حتى الطلاب الذي تخرجوا لحضور درسه الأسبوعي، مؤكدا أن المسلمين في أوغندا يتعايشون مع بقية الطوائف الأخرى بسلام ومحبة.

المسلمون في أوغندا بالأرقام

ويقول الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى للمسلمين في أوغندا أشرف زيوا إن عدد المسلمين في أوغندا يبلغ 14 مليونا من جملة 44 مليون مواطن أوغندي وفقا لإحصائيات، ولكن إحصائيات الدولة تقول إن عدد مسلمي أوغندا 7 ملايين فقط.

ويشير زيوا إلى أن تقديراتهم ترى أن هذا العدد أقل من العدد الحقيقي، وذلك لأن لديهم طريقة يقومون فيها بإحصاء عدد المسلمين في جميع مناطق أوغندا، وهي أن يقوم إمام المسجد في كل منطقة بتعداد المسلمين في منطقته، لذا فإن تعدادهم الخاص يرى أن عدد المسلمين 14 مليون نسمة.

ويضيف زيوا في حديث للجزيرة نت أن هناك 78 منطقة إسلامية داخل أوغندا، بإجمالي أكثر من 15 ألف مسجد في جميع أنحاء الدولة، وأن المجتمع الإسلامي في أوغندا ينمو ويزدهر ويتقدم من حيث عدد السكان.

ويشير إلى أن الإسلام دخل الدولة منذ ما يزيد على 200 عام، وأنهم يعيشون جنبا إلى جنب مع بقية الطوائف الأخرى بلا تمييز.

مسجد جامعة ماكريري

ويلفت إلى أن المسلمين في أوغندا لديهم مساجد ومؤسسات إسلامية تعترف بها الحكومة فيما يعرف بالمجلس الأعلى للمسلمين في أوغندا، مشيرا إلى أنهم يدرسون الدين الإسلامي في المدارس الخاصة بهم، كما أن هناك العديد من المسلمين الذين يعملون في الحكومة “باختصار، نحن موجودون في كل جوانب الحياة”.

ويرى الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى للمسلمين في أوغندا أنه كلما جاء رمضان علم به المجتمع بأكمله “وحتى غير المسلمين يعرفونه، إذ إن أجواء رمضان تعم الأمة كلها، لأنه يعيد المسلمين إلى أماكن عبادتهم بكثافة، كما أن الكثيرين من غير المسلمين يأتون للمساجد ويتشاركون طعام الإفطار، خصوصا الأطفال”.

الداكو والدُّواء

ويشير زيوا إلى أن هناك ثقافة إسلامية متجذرة في المجتمع الأوغندي المسلم ولكنها الآن موجودة أكثر في القرى، وهي أن يقرع بعض الشباب الطبول لإيقاظ الناس لتناول “الداكو”، وتعني السحور باللغة المحلية، وتمتد تلك الجولات حتى حلول الخامسة صباحا موعد السحور.

وهناك أيضا “الدُوَّاء”، وتعني الدعاء للأموات والتصدق عنهم، وهي أيضا من التقاليد التي تحافظ عليها الكثير من الأسر المقتدرة، إذ تدعو الأسر الأئمة والمشايخ وبعض المسلمين إلى تناول طعام الإفطار في بيت العائلة وتدرج أسماء جميع الذين ماتوا في تلك العائلة، ويبدؤون بتلاوة القرآن الكريم ثم يصلّون على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يدعون للميت إلى أن يحين وقت الإفطار، وبعد ذلك يتناولون طعام الإفطار معا.

ويوضح أن الدعاة يصبحون مشغولين جدا خلال هذه الفترة، فالشيخ يحدد موعد لكل أسرة لتلبية دعوتها، وعلى المستوى الوطني تنظم الحكومة ومكتب الرئيس والسيدة الأولى حفل عشاء رسمي في قصر الرئاسة، ثم يدعون إليه القيادات الإسلامية والسفراء وغيرهم من الشخصيات البارزة.

كاتوغو والماتوكي

يفطر معظم مسلمي أوغندا على 3 وجبات أساسية، وتعتمد على الحالة المادية للفرد، منها وجبة “كاتوغو”، وتتكون من الموز الأخضر الذي يطبخونه ممزوجا باللحم البقري أو الفاصوليا أو الفول السوداني، وهذه هي الوجبة الشائعة في الإفطار حسب الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى للمسلمين في أوغندا.

وهناك “الكسافا” التي تشبه البطاطا ثم تخلط أيضا باللحم أو الفاصوليا، بالإضافة إلى وجبة “الماتوكي” التي تتكون من الدقيق وتمزج باللحم، وتتضمن وجبة الإفطار أيضا العصائر والفواكه الطازجة.

ويقول محمد -وهو أحد المتطوعين بتحضير وجبات الإفطار في مسجد جامعة ماكريري- إنهم في رمضان يجهزون عددا من الوجبات للذين لا يستطيعون تحضير وجبات الإفطار بأنفسهم، فيجتمع المسلمون في المسجد عقب صلاة المغرب ويجلسون في مجموعات ليتناولوا وجبات الإفطار.

أما الشاب نوح جيرميكن فيقول إن الشباب العاملين من المسلمين في أوغندا يؤخرون السحور ليحظوا بقوة وطاقة أفضل خلال ساعات العمل النهاري، وإنهم يجهزون أنفسهم عقب السحور وصلاة الفجر للذهاب إلى داخل العاصمة للعمل، ثم يمضي اليوم حتى موعد الإفطار.

ويشير جيرميكن إلى أن مسلمي أوغندا ليسوا كنظرائهم في بعض الدول العربية الذين يفطرون في جماعات “فهنا الإفطار الجماعي يكون في المسجد فقط، أما البقية فيطلبون إفطارهم من المطاعم أو في منازلهم”.

ويؤكد أن نوع الوجبات يعتمد على الحالة المادية للفرد، ولكن بعضهم يعتمد على وجبة “البيلاو”، وهو الأرز الذي يتم تحضيره مع الزيت مع لحم البقر أو بعض البقوليات، وبعضهم يأكل “الماتوكي”، وهي وجبة محلية في أوغندا، وبعضهم يتناول المديدة، ومعظمهم يحرصون على وجود الفواكه في طعام الإفطار مثل الموز والبطيخ.

ويوضح جيرميكن أن المسلمين يبدؤون بتهيئة أنفسهم لشهر رمضان من خلال ارتداء الملابس الإسلامية، فترتدي النساء العباءات الواسعة، أما الرجال فيحرصون على ارتداء الجلباب.

شاركها.
Exit mobile version