جاكرتا- رغم أنها عودة للوطن بعد غياب، فإنها عودة غير مأمولة يشوبها الحزن، هذا هو واقع مئات الطلاب الإندونيسيين الذين وصلوا بلادهم تاركين وراءهم حلم استكمال الدراسة الجامعية بسبب الحرب الدائرة في السودان، إذ لم يتبق لهم سوى الأمل في انتهاء الحرب قريبا حتى يتمكنوا من إنهاء دراستهم الجامعية في البلد الذي أحبوه.

وأعلنت الخارجية الإندونيسية إجلاء 952 من مواطنيها في السودان خلال الأيام الماضية، معظمهم من الطلبة إلى جانب بعض العاملين، وذلك من مجموع 1209 إندونيسيين كانوا مقيمين في الخرطوم حتى اندلاع المواجهات أبريل/نيسان الماضي.

ومن العائدين عماد عقل -من محافظة سيرانغ في إقليم بانتن الإندونيسي- الذي يدرس منذ 3 سنوات ونصف السنة في كلية الشريعة بجامعة “أفريقيا العالمية”، وأحد مسؤولي اتحاد الطلبة الإندونيسيين في السودان.

يقول عقل -في حديثه للجزيرة نت- إن عدد الطلاب الإندونيسيين في السودان 785 طالبا، ومعظمهم يدرس العلوم الشرعية واللغات (العربية والإنجليزية والفرنسية)، وهناك عدد في كليات التربية وغيرها من التخصصات.

وامتدح عقل دراسة اللغة العربية والعلوم الشرعية في السودان، وهو ما جعلها مقصدا بديلا عن دول عربية أخرى في السنوات الأخيرة، وقال إن الجامعات السودانية وفرّت للطلبة الإندونيسيين منحا دراسية تتراوح بين 50% و100% من مصاريف الدراسة، سواء لمرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا.

وعن أثر الحرب على مسيرتهم الدراسية، يقول عماد إن الحرب “أثرها كبير علينا، خاصة من وصل إلى السنة الأخيرة من دراسته وينتظر التخرج، لكن ذلك تأجل بسبب الحرب، وزملاؤنا الآخرون أيضا كلهم توقفوا عن الدراسة رغم كل ما أنفقوه من مصاريف سفر ومعيشة”.

وأضاف أنه عندما توجه إلى السودان عام 2019 كان يدرك تقلب الأوضاع السياسية، لكن الوضع في الجامعات كان بعيدا عن ذلك، مشيرا إلى أنه حصل على منحة في دولة أخرى لكنه فضّل السودان، متابعا أن “التعليم الشرعي والديني في السودان جيد وعلاقات السودانيين حسنة معنا، فهم شعب طيب، لذلك أشعر بالحزن الشديد للرحيل عن السودان، ولكن ماذا عسانا أن نفعل”.

ويأمل أن تُستأنف الدراسة في الجامعات السودانية قريبا، ويعود الطلاب إلى مقاعدهم، وألا تتسبب الحرب في إخافة الطلبة الإندونيسيين وتمنعهم من الذهاب إلى السودان في المستقبل، فضلا عن ضرورة تعزيز العلاقات بين البلدين رغم كل ما يمر به السودان من ظروف.

الأمل في العودة قريبا

أما محمد شاهيران رفقي من محافظة بيرين في إقليم آتشيه، فقد توجه هو الآخر إلى السودان عام 2019 لدراسة تخصص الحديث في جامعة “أفريقيا العالمية”، بعد إكمال فصلين في جامعة إندونيسية محلية، حيث سمع عن مستوى تعليم اللغة العربية في السودان ففضل السفر إلى هناك، خاصة أنه خريج معهد ديني تعلم فيه العربية، وحصل على منحة للدراسة.

يستذكر رفقي ساعة اندلاع المواجهات لأول مرة يوم 15 أبريل/نيسان الماضي، خاصة أن أحد مراكز قوات الدعم السريع قريب من سكن للطلبة، قائلا إن المواجهات اندلعت الساعة التاسعة صباحا، ورغم محاولات الجيش حسم الأمر، فإن الدعم السريع ظل يتلقى تعزيزات مما أطال أمد المواجهة، وأغلقت المحلات، وبدأت المؤن تنفد، وهو ما دفعهم إلى التفكير بالرحيل.

وأشار رفقي إلى أن الجامعات بدأت تفكر في حل الإشكال بالنسبة للطلبة الأجانب، إذا ما هدأت الأوضاع تدريجيا، وذلك بترتيب فصول عن بعد، خصوصا لمن هم على وشك التخرج هذا العام، مستذكرا أنه كان ينوي بعد إنهائه الدراسة أن يتوجه لأداء العمرة والبقاء في مكة المكرمة والمدينة المنورة لفترة، قبل العودة لرعاية والديه ومتابعة دراساته العليا.

ورغم أمله في استكمال الدراسة قريبا، فإنه يتخوف من أن الصراعات -كما حدث في دول عربية أخرى- قد تستمر لسنوات.

مستقبل الطالبات

التقت الجزيرة نت أيضا الحاج معتمد روسيم والد طالبة في السنة الأخيرة بجامعة القرآن الكريم بأم درمان، وقد جاء مع زوجته وابنه لاستقبال ابنته العائدة من السودان، وبدا عليه القلق بشأن مصير ابنته، بعد مشاهدة ما وقع من حرب في الخرطوم.

يمتدح روسيم توفير الجامعات السودانية منحا دراسية لكثير من الطلبة الأجانب في تخصصات لغوية وشرعية، لكنه بدا متخوفا من أن تعود ابنته إلى السودان، معبرا عن أمله في إمكانية معادلة ما درست من مساقات أكاديمية لدى جامعات محلية لإكمال دراستها في إندونيسيا.

ونقلت الصحافة الإندونيسية عن دبلوماسي سوداني تأكيده على ترحيب بلاده بعودة الطلبة الإندونيسيين إذا ما توقفت الحرب الدائرة فيها.

شاركها.
Exit mobile version