بيزنس الثلاثاء 12:25 ص

الجزائر- تشهد الساحة السياسية في الجزائر تحركات كبيرة للأحزاب مع الانطلاق الرسمي للحملة الانتخابية، في 15 أغسطس/آب الجاري، للرئاسيات المُبكرة المقررة يوم 7 سبتمبر/أيلول المقبل، من خلال تزكية مترشحين أو دعم آخرين وحتى المشاركة في عملية جمع توقيعات الترشح.

ويشارك في هذه الانتخابات كل من المترشح الحر الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، ويوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية، وعبد العالي حساني شريف عن حركة مجتمع السلم.

وانخرطت التشكيلات السياسية في حملة المترشحين الثلاثة عبر تنظيم تجمعات شعبية في مختلف الولايات والمناطق لعرض البرامج الانتخابية وكسب تأييد الناخبين. وأعلنت أبرز الأحزاب التي تمتلك الأغلبية في البرلمان دعمها للمترشح تبون لتولي عهدة ثانية، بينما اختارت حركة النهضة الجزائرية دعم حساني شريف.

تحالف

وأشرَف إبراهيم مراد (مدير حملة تبون) -الاثنين الماضي- على اجتماع تنسيقي ضم 11 حزبا داعما. ويتعلق الأمر بأكبر الأحزاب السياسية على غرار ائتلاف أحزاب “الأغلبية من أجل الجزائر” المتكون من حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل.

وباشرت هذه الأحزاب تنظيم تجمعات شعبية مع المواطنين لعرض برنامج تبون وحشد الدعم الشعبي. وأكد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي مصطفى ياحي أن توافق الأحزاب الكبرى -وفق ما يُعرف دستوريا بالأغلبية الرئاسية- ودعمها لتبون يعود إلى “نقاط إيجابية سجلتها في عهدته الأولى رغم تزامنها مع فترة انتشار وباء كورونا”.

وقال ياحي إن تبون “استطاع الانتقال بالجزائر من قبضة القوى غير الدستورية إلى دورها الطبيعي بصفتها دولة فاعلة على المستوى الإقليمي والدولي. وهو القبول الذي لُمس من الموطنين خلال تجمعات دعمه”.

وفي تصريحات للجزيرة نت، أوضح ياحي أن حزبه مقتنع بأن الجزائر تحتاج إلى تضافر جهود الجميع خاصة في السياقات الحالية، وهو ما يتجلى في التوافق السياسي الحالي حول برنامج تبون ورغبته في جعل الجزائر دولة اقتصادية واستكمال الإصلاحات التي باشرها في العهدة الأولى.

ونوه إلى أن نسق عمل حزبه سيتصاعد خلال الأسبوع المقبل -في مختلف مناطق الجزائر- لاستقطاب الناخبين لرفع نسبة المشاركة في الانتخابات.

من جانبه، يرى الأمين العام لحزب اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية، عبد الرحمن صالح، أن الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية الرئاسية كان إيجابيا، حيث لم يتم تسجيل أي خروقات.

وعاد صالح -في حديث للجزيرة نت- إلى انخراط الأحزاب السياسية في دعم مرشحيها من خلال العمل الدعائي للانتخابات سواء عبر إقامة التجمعات أو المشاركة بالمداخلات الإعلامية عبر القنوات، مؤكدا أن الحملة ستعطي زخما أكبر للعمل السياسي.

كما أن لهذه الأحزاب الكثير لتقدمه للعمل السياسي خاصة مع تجديدها بعد سنة 2019، حيث إن أغلب قادتها جدد ويحملون أفكارا وروحا جديدة ستعيد للعمل الحزبي الجوهر والمظهر الذي فقده منذ مدة، وفق المصدر نفسه.

صورة يوسف اوشيش مرشح جبهة القوى الاشتراكية Front des forces socialistes - فيسبوك

فرصة

أما مدير الحملة الانتخابية لمرشح حركة مجتمع السلم، أحمد صادوق، فقال إن ما يميز حملة مرشح حزبه هو التنظيم المسبق من خلال إعداد خطة عمل تشمل 3 مراحل، وهو ما لمسه في النقاشات المفتوحة مع المواطنين بالتجمعات الشعبية التي نُظمت في 15 ولاية حتى الآن.

وأكد صادوق -للجزيرة نت- أن الانتخابات فرصة للتغيير وعلى المواطن استغلالها “خاصة وأن مرشح حزبه يمتلك الكفاءة والقدرة على تسيير البلاد وجعل الجزائر بلدا صاعدا من خلال تجسيد تعهداته الـ62 التي وردت في برنامجه”.

وبرأيه فإن التحالفات تكون بعد الانتخابات وليس قبلها، كما أن الأحزاب تتنافس وتقدم مرشحين، وانتقد الأحزاب التي قال إنها “تدعي أنها قوية ولها حضور ولكنها بالمقابل هرولت إلى دعم مرشح معين كانت منافسة له سابقا” وعدّها “بدعة جزائرية غريبة خاصة أن هذا المرشح لم يطلب منهم الدعم والإسناد”.

واعتبر أن هذه الأحزاب لا يمكنها تقديم الإضافة التي يحتاجها الشعب الذي “يريد التغيير ووجوها جديدة، كما أنه لا يحتاج إلى بعض الأصوات الحزبية التي تعتمد الاستعراض الكلامي والإيحاء بأن الانتخابات محسومة”.

وفي تقييمه للأسبوع الأول من الحملة الانتخابية، أكد وليد زعنابي نائب مدير الحملة الانتخابية للمرشح يوسف أوشيش أنه ومن خلال تجمعاته في مناطق مختلفة، تم الوقوف على تجاوب كبير وتفاعل واسع مع مشروعه ورؤيته التي يقدمها للإجابة عن الإشكاليات الكبرى التي تعترض الجزائر في خضم سياق دولي وإقليمي ووطني “معقد”.

وأوضح زعنابي -للجزيرة نت- أن جبهة القوى الاشتراكية حاولت أن تتفرد بحملتها وبرنامجها عن باقي الأحزاب، مشددا على ضرورة تمسك جميع الأحزاب بالقواعد الأخلاقية للممارسة السياسية “فهي حجر أساس بناء فضاء سياسي سليم يسمح بتبادل الأفكار والبرامج”.

رهان

واعتبر زعنابي أن مشاركة التشكيلات السياسية في المسارات الانتخابية مهمة جدا “رغم أن الطريق ما زال طويلا لتصحيح المناخ العام المحتضن للعملية الانتخابية والسياسية عامة، على أمل أن تكون بدايته انطلاقا من هذا السباق”.

وبخصوص الانتقادات التي ربطت ظهور الأحزاب بالانتخابات، أكد أن الجبهة كانت ولا تزال قوة اقتراح ومعارضة بناءة، وليست ظاهرة فلكية تظهر في المناسبات الانتخابية ولم تكن كذلك منذ نشأتها. وبرأيه، فإن سبب ركود الساحة السياسية يعود إلى “المناخ السياسي العام المفروض المتسم بالانغلاق والضبابية”.

من جانبه، يؤكد المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، عمار سيغة، أن أول رهان يواجه المترشحين الثلاثة هو رفع نسبة المشاركة السياسية والتصويت بهذه الانتخابات. وهو “ما تسعى المنظومة السياسية في الجزائر إلى تحقيقه كونها ثاني تجربة سياسية بعد حراك 22 فبراير/شباط 2019، خاصة بوجود معطيات حول عودة الثقة والتواصل السياسي داخل الفواعل المجتمعية”.

وقال سيغة للجزيرة نت إن التحالفات التي تشهدها الجزائر -ومشاركة الأحزاب في الحملة الانتخابية- سلوك سياسي عالمي طبيعي تنتهجه الأحزاب من دوافع براغماتية ونزعة مصلحية خاصة مع رغبتها في نيل مكتسبات ومواقع سياسية في خارطة معينة على غرار النموذج الفرنسي.

ويشير إلى أن هذه الأحزاب لم تقدم مرشحا عنها بهذا المسار الانتخابي المهم، لذلك من الطبيعي أن تتموقع مع أحد المترشحين لرسم خارطة المرحلة القادمة في حال وصوله إلى السلطة، خاصة مع إمكانية إجراء انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة وحل البرلمان والمجالس المحلية.

شاركها.
Exit mobile version