غزة- عندما اندلعت حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كانت ختام عابد حاملا في شهرها السادس، ومنذ ذلك الحين لم تتلقَ أي رعاية صحية ولم تحظَ بفرصة للاطمئنان على صحة جنينها، فشدة القصف والقذائف التي كانت تتناثر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة منعتها من الخروج من بيتها عدا عن تعطل معظم المستشفيات الذي أدى إلى تدهور وضعها النفسي والصحي.

كانت ختام متخوفة من لحظات المخاض، فهواجس الولادة كانت ترافقها في كل ليلة، كيف ستلد؟ ومن سيشرف على ولادتها؟ وهل ستجد طبيبا مختصا؟ أم أن كثافة القصف ستضطرها للولادة في البيت؟

في 14 يناير/كانون الثاني الماضي عند الساعة العاشرة والنصف ليلا اشتد عليها ألم المخاض، وفي تلك اللحظات كان من المستحيل أن تستطيع الخروج من البيت، فجيش الاحتلال يستهدف أي جسم متحرك في الشارع.

وبغصة يملؤها الألم قالت ختام “ولدت في البيت، وكنت بين الحياة والموت وبحالة صعبة جدا”.

توقعت ختام أن تفقد حياتها أو حياة جنينها أثناء الولادة من شدة الألم، خاصة أنها لم تذهب إلى المستشفى، ولكن ساعدتها عمة زوجها مع خبرة محدودة في التوليد.

كانت تتوقع أن لحظات ميلاد طفلتها جوري -التي تبلغ من العمر حاليا 6 أشهر- الأكثر وجعا، لكنها عانت بعد ذلك بشدة من سوء التغذية الناجم عن حالة المجاعة في شمال غزة، والذي بدوره أثر على قدرتها على الرضاعة، فحليبها غير مشبع، وجسدها النحيل لا يحصل على الغذاء المناسب، إضافة إلى شح الحليب والسيريلاك الخاص بالأطفال.

وضع صحي سيئ

وبالإضافة إلى المعاناة من سوء التغذية تواجه النساء الحوامل في قطاع غزة صعوبة في الوصول إلى أبسط الخدمات الطبية، وتتشابه معاناة بسمة دلول مع سابقتها، إذ أنجبت طفلتها ياسمين (10 أشهر) في أول أيام الحرب.

وعندما طلب جيش الاحتلال الإسرائيلي من سكان شمال الوادي أن ينزحوا جنوبا كانت تفصلها عن موعد ولادتها أيام معدودة، لكن كثرة عدد الشهداء والجرحى والمصابين في مدينة غزة والخوف على حياة عائلتها دفعا دلول إلى النزوح لمدينة خان يونس.

كان الخوف يسيطر عليها من أن يأتي وقت المخاض قبل النزوح من مدينة غزة، ودون أن تجد مستشفى يستقبلها نتيجة الاكتظاظ وقلة الإمكانيات التي يعاني منها القطاع الصحي.

وتقول دلول “كنت خايفة يجي موعد ولادتي، والوضع خطير، فاضطررت أنا وزوجي وعائلتي أن ننزح إلى الجنوب، خاصة أن وضع مستشفى الشفاء لا يسمح للولادة حينها”.

أنجبت دلول في مستشفى مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس، وبعد مرور 7 أيام قررت العودة إلى بيتها رغم وضعها الصحي السيئ والقصف المستمر، لتضع طفلتها في سريرها وتربيها بمنزلها.

واجهت دلول تحديات كثيرة في توفير الغذاء لطفلتها وإعطائها التطعيمات المناسبة لعمرها، فمعظم المراكز الصحية مغلقة وخرجت من الخدمة.

وأضافت “المجاعة التي نعاني من ويلاتها هي حرب أخرى غير الحرب النفسية والعسكرية، أواجه معاناة كبيرة لأني لم أتلق الغذاء المناسب حتى يكون حليبي مغذيا لطفلتي وتستفيد منه”.

ولا تتناول الرضيعة ياسمين أي طعام مناسب لعمرها ونموها، فحرب المجاعة أثرت عليها وعلى والدتها “حتى غذاء الأطفال من الحليب الصناعي والسيريلاك غير متوفر، وإذا توفر فهو باهظ الثمن” تقول الأم.

شاركها.
Exit mobile version