بغداد- بسقوط نظام بشار الأسد، تثار العديد من التساؤلات حول مستقبل سوريا وتأثير هذه التطورات على دول الجوار، ولا سيما العراق، الذي يعاني من آثار حروب طويلة وتحديات أمنية وتجارب سابقة مع الجماعات المسلحة، حيث يجد نفسه أمام تحديات جديدة في ظل هذه المتغيرات الإقليمية.

ووصف رئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي في تدوينة على موقع “إكس” ما جرى بأنه “يوم جديد في سوريا، نأمل أن يكون يوم وحدة وحرية وعدالة وسلام لشعبها”، مضيفا أنه قال سابقا، ويعيد اليوم “كما لا يمكن للاستبداد أن يستمر، فلا يمكن للإرهاب أو الفوضى أو الاحتراب أن ينجح”.

 

من جانبه، رأى رئيس مجلس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، أن “الهجوم المضاد” في سوريا حقق أول نجاحاته، محذرا من تداعيات خطيرة. كما دعا رئيس مجلس النواب الأسبق أسامة النجيفي إلى أن تكون هذه المرحلة “بعيدة عن الدم والانتقام وتدوير الصراعات، خدمة لبناء دولة متحضرة يستحقها الشعب السوري بقوميّاته وطوائفه كافة”.

أمر واقع

يقول أستاذ العلوم السياسية إياد العنبر، إن العراق مستعد لتطورات الأحداث في سوريا بعد سقوط نظام الأسد على المستوى الشعبي والسياسي وحتى الدولي، مشددا على أن ما يحدث في سوريا الآن هو تطور وشأن داخلي.

وقال العنبر في حديثه للجزيرة نت، إن الوضع في سوريا حاليا يمر بمرحلة انتقالية تحتاج إلى مزيد من الوقت لترتيب الأوراق الداخلية، مشيرا إلى أن المعطيات على الأرض لا تشير إلى أي تطورات قد تتجاوز حدود سوريا، وأن الانشغال بهذا الموضوع ربما يكون نوعا من المخاوف غير المبررة أو لغايات سياسية.

وأكد أن الجميع سينتظرون المعطيات الجديدة والوجه الجديد للسلطة في سوريا، وأن هناك مرحلة انتقالية قد تشهد ترتيبات جديدة للوضع فيها، لافتا إلى أن الاعتراف بالسلطة الجديدة هو أمر متوقع، وأن العراق لا يمكن أن يبقى خارج هذه الاعترافات.

وبين أن “وصف الجماعات المسلحة في سوريا بالإرهابية كان مناسبا في مرحلة سابقة، ولكن مع التطورات الحالية قد يكون هناك إعادة تقييم لهذه التصنيفات”، مشيرا إلى أن هناك محاولات لبناء مشروع سياسي جديد في سوريا لا يستبعد القوى التقليدية، وأن هذا المشروع يرتبط بضرورة تحقيق العدالة الانتقالية.

وبشأن مصير الجنود السوريين الذين سلموا أنفسهم للعراق، أوضح العنبر أن تنظيم أوضاع هؤلاء الأشخاص ومستقبلهم يقع ضمن إطار مشروع العدالة الانتقالية في سوريا، بما يتوافق مع القانون الدولي، وبالتالي، فإن رغبتهم بالعودة إلى بلادهم أو طلب اللجوء في مكان آخر هو قرار شخصي يتعلق بهم، ولا يمكن للعراق أن يجبرهم على اتخاذ قرار معين.

وأكد أن تحديد مصيرهم النهائي مرتبط بالوضع العام في سوريا. وبناء على الأعراف الدولية والقانون الإنساني الدولي، فإن العراق يقوم بتنظيم أوضاعهم بشكل مؤقت، لحين الوصول إلى حل نهائي لمسألة لجوئهم أو عودتهم.

يذكر أن السلطات العراقية سمحت مساء السبت 7 ديسمبر/كانون الأول الحالي، بدخول أكثر من ألف جندي فروا إلى العراق عن طريق معبر القائم الحدودي، الذي قامت بإغلاقه في وقت لاحق من اليوم نفسه، بحسب الوكالة العراقية الرسمية، التي نقلت عن مصدر أمني رفيع قوله إنه “تم استقبال الجنود وقُدمت لهم الرعاية اللازمة وتلبية احتياجاتهم”.

المتحدث باسم الحكومة العراقية للجزيرة: ألفا جندي من الجيش السوري دخلوا العراق

تأمين الحدود

وأكد القيادي بالحشد العشائري قطر العبيدي أن الجنود السوريين الذين عبروا الحدود إلى العراق يتمتعون بحرية الاختيار بين العودة الطوعية إلى بلادهم وطلب اللجوء في العراق.

وأوضح العبيدي في حديث للجزيرة نت، أن القوات العراقية استقبلت أكثر من 4 آلاف جندي سوري، تم تسجيلهم وتسليمهم إلى السلطات المختصة مع أسلحتهم ومركباتهم، مشيرا إلى أن هؤلاء الجنود انسحبوا من مناطق سيطرة النظام السوري في حمص ودير الزور، وتوجهوا نحو الحدود العراقية.

وأضاف أن الحكومة العراقية ووزارة الهجرة قد وفرتا لهم كافة الاحتياجات الأساسية من مأوى وطعام، وأنهم سيتم نقلهم إلى قضاء الرطبة، مؤكدا على حق هؤلاء الجنود باختيار مستقبلهم، سواء بالعودة إلى سوريا أو البقاء في العراق كلاجئين.

وأشار العبيدي إلى أن الأوضاع على الحدود العراقية السورية مستقرة تمامًا، وأن القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعملان بشكل مشترك لتأمين الحدود ومنع أي اختراقات، مشددا على أن هذه الإجراءات الأمنية المشددة قد قضت على الفوضى التي كانت سائدة على الحدود سابقًا، والتي كانت تسمح بانتقال المسلحين و”الإرهابيين” بحرية بين البلدين.

دعوة للحذر

واعتبر عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي، النائب مختار الموسوي، أن سقوط النظام السوري ترك فراغًا إستراتيجيًا في المنطقة، “خاصة وأن سوريا كانت تعتبر جسرا رئيسيًا بين العراق والدول الأعداء أو الأصدقاء” حسب قوله.

وأشار الموسوي في حديث للجزيرة نت، إلى ضرورة التعامل بحذر مع الجماعات التي أسقطت النظام، مشددا على أهمية التنسيق مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لتقييم الموقف واتخاذ القرارات المناسبة.

كما حذر من أن هذه الجماعات “لا تمثل المعارضة السورية الحقيقية، وأكثرهم لا يتكلمون اللغة العربية، بل هي أدوات بيد قوى خارجية تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة” على حد تقديره.

وبشأن وجود الجنود السوريين في العراق، أكد النائب أنهم ضيوف مؤقتون إلى حين استقرار الأوضاع في بلادهم، مشيرًا إلى أن التعامل معهم يتم وفقًا للقوانين الدولية والإنسانية.

شاركها.
Exit mobile version