القدس المحتلة- بينما انشغلت تل أبيب في التصعيد الأمني على جبهة غزة وما رافقه من مناقشات لشن عملية عسكرية واسعة على القطاع المحاصر، أثار فشل القبة الحديدية في اعتراض بعض القذائف الصاروخية، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية والتي سقطت بمناطق مأهولة، تساؤلات بشأن نجاعة هذه المنظومة في توفير الأمن والأمان للإسرائيليين.

وفي ظل حالة الإرباك والهلع التي عاشها سكان مستوطنات غلاف غزة عقب فشل القبة الحديدية في اعتراض قذائف أطلقت من القطاع مساء الثلاثاء وليلة الأربعاء، أعلنت مجموعة قراصنة على الإنترنت تسمي نفسها “أنونيموس سودان” اختراق أنظمة الإنذار في إسرائيل ومنظومة القبة الحديدية وتشويش عملها وتعطيله، وذلك قبل إطلاق الرشقات الصاروخية من غزة.

وتبنّت مجموعة “أنونيموس سودان” الهجمات السيبرانية التي استهدفت مؤخرا عشرات المواقع الإلكترونية الإسرائيلية. وأكدت -عبر حسابها على تطبيق تليغرام- أنها أنجزت جميع الهجمات السابقة بنجاح، وشرعت بهجمات جديدة على إسرائيل.

اختراق أم خطأ تقني؟

ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن “أنونيموس سودان” زعمت أنها “نجحت في اختراق أنظمة الإنذار، وعطلت التطبيقات الذكية التي تشغل صافرات الإنذار، وكذلك تعطيل وتشويش عمل منظومة القبة الحديدية التي تتلقى التنبيهات والإنذارات عند إطلاق القذائف الصاروخية، الأمر الذي منعها من اعتراض جميع القذائف”.

وسعيا لطمأنة الإسرائيليين، سارع جيش الاحتلال الإسرائيلي لإعلان فتح تحقيق بشأن تراجع قدرة القبة الحديدية على اعتراض بعض القذائف الصاروخية التي أطلقت، أمس الثلاثاء، من قطاع غزة وسقطت في تخوم مستوطنات “غلاف غزة” وبعض البلدات الإسرائيلية في الجنوب.

والتحقيق الأوّلي الذي أجراه سلاح الجو الإسرائيلي عزا تراجع قدرة القبة الحديدية على اعتراض الصواريخ -بعد فشلها في اعتراض قذائف سقطت في مناطق مأهولة في بلدة سديروت- إلى “خطأ تقني” حال دون إدراج تلك المناطق ضمن الخرائط السكنية المستهدفة.

وأفاد المراسل العسكري لموقع “والا” العبري، أمير بوخبوط، بأنه لم يتم تحديث خرائط وبيانات منظومة القبة الحديدية بما يشمل ورش البناء ضمن المناطق المأهولة، في حين كشف تحقيق سلاح الجو الإسرائيلي وجود ثغرات في عمل القبة الحديدية من دون الكشف عن أسباب الثغرات.

 

 

هجمات واسعة

أعاد تكتم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على أسباب فشل اعتراض القبة الحديدية للقذائف الفلسطينية، وتفنيد الهجمات السيبرانية التي تبنتها مجموعة “أنونيموس سودان” لأنظمة الإنذار، إلى الواجهة الهجمات الإلكترونية والحرب التكنولوجية التي درات رحاها مؤخرا في فضاء عشرات المواقع الإلكترونية الإسرائيلية وشوّشت عملها وأخرجتها عن الخدمة.

وتعرضت لهجمات سيبرانية مواقع إلكترونية إسرائيلية تابعة لجامعات وكليات ومؤسسات حكومية وأمنية ومنشآت بنى تحتية وموانئ، وأخرى تابعة لشركتي الكهرباء والمياه ولجهاز الاستخبارات (الموساد) والتأمين الوطني والكنيست، مما تسبب في تعطلها وتوقفها عن تقديم الخدمات، إذ نُسبت هذه الهجمات إلى مجموعة قراصنة الإنترنت “أنونيموس سودان”.

وتعتبر المجموعة حديثة عهد وتنشط ضد أهداف إسرائيلية منذ بداية عام 2023، إذ صعدت من هجماتها السيبرانية خلال أبريل/نيسان الماضي بتمكنها من اختراق وقرصنة عشرات المواقع الإلكترونية الإسرائيلية الحيوية والإستراتيجية والأمنية.

“أنونيموس سودان” أم مجموعة عالمية؟

ووفقا لما تناقلته وسائل إعلام إسرائيلية فإن “أنونيموس سودان” تنشط من السودان وبنغلاديش، بيد أن “هيئة السايبر الإسرائيلية” زعمت أن المجموعة والهجمات الإلكترونية التي تنفذها مرتبطة بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية.

ويرى أحد التقييمات الاستخبارية الإسرائيلية أن قاعدة مجموعة قراصنة الإنترنت ربما تكون في السودان، كما يوحي اسمها، لكنها لا تستبعد أن تكون مدعومة من إيران وتنشط من دول أوروبية وأخرى عربية وأفريقية.

ووفقا لهذا التقييم، فإن المجموعة جزء من شبكة من المجموعات المجهولة المنتشرة في جميع أنحاء العالم، التي تشارك في أنشطة سيبرانية وهجمات على دول مختلفة، وتركز هجماتها الإلكترونية ضد إسرائيل ضمن حملة دولية سنوية مناهضة للاحتلال تسمى “ضد إسرائيل” (#OpIsrael).

وحسب شركة “تشيك بوينت” الإسرائيلية المتخصصة في مجال الأمن السيبراني، فإن مجموعة “أنونيموس سودان”، التي تعمل ضد أهداف إسرائيلية، هي جزء من مجموعات هجوم أيديولوجية مناهضة لإسرائيل ومناصرة للقضية الفلسطينية.

أكبر هجوم إلكتروني على الإطلاق ضد إسرائيل

من أكبر التحديات

تشكل الهجمات السيبرانية، التي تستهدف المنشآت الحيوية والإستراتيجية ومرافق ومشاريع البنى التحتية والمنظومات المصرفية والأمنية، أكبر التحديات للأمن القومي الإسرائيلي، حسب الباحثة بالأمن السيبراني ليران عنتابي.

وكشفت عنتابي، التي تشرف على برنامج “التقنيات المتقدمة والأمن القومي” التابع لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، عن تصاعد وتيرة الهجمات السيبرانية واحتدام الحرب الإلكترونية على إسرائيل.

وعزت الباحثة -في حديثها للجزيرة نت- القلق الإسرائيلي إلى إمكانية أن تسهم الهجمات والتهديدات السيبرانية للوصول لكافة المقدرات والمرافق الحيوية وتسريب معلومات عن الإسرائيليين، وتعطيل الخدمات والتسبب في شلل جميع مناحي الحياة.

وترى ضرورة أن تقوم إسرائيل بملاءمة منظومة الردع السيبرانية وتطوير قطاع الفضاء لمواجهة الهجمات السيبرانية ومجموعات قراصنة الإنترنت التي تشن حربا إلكترونية ضد الفضاء الإسرائيلي، إذ قد تكون الهجمات الإلكترونية أكبر التحديات أمام إسرائيل في حال اندلعت حرب تقليدية.

وتقول عنتابي “وإن بدت الأضرار الأولية التي تتسبب بها محدودة، ولكنها بمثابة جرس إنذار للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية المطالبة بتحديث المنظومات الدفاعية للشبكة العنكبوتية وتحصينها، وكذلك تحديث أنظمة الاعتراض التي تعمل على الليزر، والاستثمار أكثر بتحصين الجبهة الداخلية”.

توصيات بتعزيز الدفاع والهجوم

في السابع من أبريل/نيسان 2013، شنت مجموعات قراصنة على الإنترنت أولى الهجمات السيبرانية ضد المواقع الإسرائيلية، وفتحت بذلك حربا إلكترونية لا تزال مستمرة ضد الاحتلال.

وأمام هذه الهجمات الإلكترونية، أوصت هيئة السايبر الإسرائيلية الحكومة والأجهزة الأمنية بضرورة تعزيز أنظمة الدفاع السيبراني للمشاريع ومنشآت البنى التحتية الحيوية والحوسبة الأمنية لمختلف المؤسسات والوزارات وكبرى الشركات المدنية لتفادي خسائر في الاقتصاد وشلل الحياة العامة.

وترى هيئة السايبر ضرورة أن تتحضر إسرائيل لبناء جيش إلكتروني وقوة هجومية إلى جانب القوة الدفاعية، على أن يكون هذا الجيش الإلكتروني البوصلة لرصد الهجمات السيبرانية وإحباطها والتقليل من تداعياتها على المنشآت والمؤسسات الإسرائيلية.

شاركها.
Exit mobile version