بيزنس الأربعاء 11:21 م

صيدا- على طول الخط البحري من قلعة صيدا البحرية وصولا إلى سوق السمك الشعبي “الميرة”، يسود صمت غير مسبوق، بعد أن كانت المنطقة تعج بالحركة والنشاط، بعد أن فرضت إسرائيل حصارا بحريا على المرافئ التجارية وموانئ الصيادين على طول الشاطئ الجنوبي.

جاء ذلك عقب تحذير جيش الاحتلال الإسرائيلي للسكان بضرورة الابتعاد عن الساحل “حتى إشعار آخر”، حيث أصبحت المنطقة من نهر الأولي -مدخل صيدا الرئيسي- حتى الناقورة بمسافة نحو 60 كيلومترا شمال المنطقة الحدودية خالية تماما من الحركة البحرية الاعتيادية.

إغلاق نهائي

بدا سوق السمك الشعبي في صيدا شبه فارغ، ويتوقع أن يفقد نشاطه نهائيا يوم الخميس ويقفل أبوابه، بانتظار رفع الحظر البحري، وأشار عضو نقابة صيادي الأسماك في صيدا محمد بيضاوي للجزيرة نت إلى تلقيهم بلاغا رسميا من قوات “اليونيفيل” والجيش اللبناني بمنع السباحة أو أي نشاط بحري بشكل قاطع، بدءًا من منطقة الأولي، الزيرة، سينيق، حتى الناقورة.

وأضاف بيضاوي أنهم أوقفوا جميع عمليات الصيد في البحر، بما في ذلك منطقة المسمكة في ميناء صيدا البحري، حيث كانت الكميات التي يجلبها الصيادون عادة تتراوح بين ألف إلى ألفي كيلوغرام، ولكن الكمية المعروضة اليوم لم تتجاوز 500 كيلوغرام، موضحا أنهم يفتحون المسمكة جزئيًا اليوم لبيع ما تبقى من أسماك طازجة، لكن بدءا من الخميس سيتم الإغلاق بشكل نهائي.

وأكد أنهم يعملون حاليا بمساعدة الأمم المتحدة والدولة اللبنانية لدعم البحارة وضمان تأمين قوت يومهم، وأشار إلى أن طبيعة عمل البحار بنظام يومي، حيث إنه إذا لم يتمكن من العمل فلن يستطيع تأمين رغيف الخبز أو علبة الحليب لطفله، وذكر أن هناك 275 مركب صيد وقرابة 400 بحار، مما يعني أن حوالي 6 آلاف شخص (عائلات الصيادين) يعتمدون على هذا القطاع.

وبينما كانوا يتفقدون مراكبهم ويشدون وثاقها، لم يخف الصيادون مخاوفهم من طول أمد الحرب والحصار البحري المفروض عليهم، وأعرب الصياد سليم وهبي في حديثه للجزيرة نت، عن صعوبة الوضع الحالي في لبنان، مشيرًا إلى أن هذه الصعوبات تشمل جميع المناطق وليس فقط منطقته.

وبيّن وهبي أن الصيادين يشبهون في حالهم المزارعين، ويعانون من غياب المدخول والخدمات الطبية، وأكد أن الحصار له تأثير واضح عليهم، لأنهم يعتمدون على العمل اليومي، لذلك شدد على ضرورة متابعة هذا الموضوع.

وأضاف أنه تم إبلاغهم بقرار منع الصيد، وقد التزموا بتعليمات قيادة الجيش التي حظرت الصيد من الناقورة إلى الأولي، وأشار إلى أنهم تواصلوا مع النقابة بشأن هذا الأمر، موجها مناشدة لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بضرورة معالجة هذه المشكلة، “فالعالم بحاجة إلى العيش” حسب قوله.

كابوس متكرر

وفي سياق آخر، وصف وهبي وضع البلد واقتصاده بأنه سيئ جدا، موضحا أن الصيادين يعيشون تحت ضغط كبير، حيث يعملون لتأمين لقمة عيش أطفالهم وعائلاتهم بالحد الأدنى، كما أضاف أن معظمهم لديه التزامات مالية مثل إيجارات البيوت، فضلا عن احتياجات أطفالهم الأساسية، واعتبر أن أقل ما يمكن تقديمه لهم هو توفير الحليب أو أي شيء يحتاجونه بشكل أساسي.

وعلى بعد أمتار قليلة من السوق، يجلس بائع السمك محمد سكافي أمام عربته، حيث تنعكس أشعة الشمس عليه كاشفة عن ملامح القلق والهموم التي تساوره، ويتحدث للجزيرة نت بصوت خافت قائلا “الحصار البحري يؤثر على العالم بأسره، لكن تأثيره علينا كبحارة وبائعين أشد قسوة، الأمر محزن للغاية”.

ويستعرض سكافي التحديات التي تواجهه قائلا “بعد يومين تقريبًا، ستنفد كميات السمك المتاحة، وكأننا نترقب ساعة الصفر، الوضع يتدهور من سيئ إلى أسوأ، وكأننا عالقون في كابوس متكرر”.

ويضيف “كنا مستعدين، وضعنا سيناريوهات أسوأ، لكننا وجدنا أنفسنا فيها بسرعة، وكأننا محاصرون في قفص من الخوف والقلق، اليوم نفتح مصلحتنا، وغدًا قد نضطر لإغلاقها، الوضع في البلد بشكل عام غير مطمئن، نحن نسير نحو المجهول، ونسأل الله أن يسترنا من القادم”.

شاركها.
Exit mobile version