الرباط– قرر الطلبة بكليات الطب والصيدلة بالمغرب العودة إلى مدرجاتهم وتدريباتهم السريرية الميدانية بعد أزيد من 11 شهرا من الإضراب.

وبعد وساطات برلمانية ومدنية عديدة سابقة فشلت في إنهاء أزمة شلت كليات الطب والصيدلة في مختلف جهات المملكة، وافق الطلبة على عرض تسوية قدمته مؤسسة وسيط المملكة (هيئة دستورية مستقلة)، والتوقيع على محضر اتفاق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووضع نقطة النهاية لأطول إضراب شهدته الجامعة.

وأعلنت مؤسسة وسيط المملكة الجمعة في بيان عن نجاح مبادرة التسوية التي قادتها بين الإدارة وطلبة كليات الطب والصيدلة، وقالت إنها نتيجة للجهود المشتركة التي بذلتها كافة الأطراف المعنية، والتنسيق بين المؤسسة وباقي المتدخلين، مما ساهم في خلق أجواء حوار ملائمة وساعد على بناء الثقة وتسهيل تبادل الرأي وفرص تقريب وجهات النظر.

ووقّعت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة على هذا الاتفاق بعد تصويت طلبة الطب في الكليات على العرض الحكومي بالقبول، وهو العرض الذي قدمه وزير التعليم العالي عز الدين الميداوي الذي عين إثر التعديل الحكومي الأخير في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.

وإثر قرار إنهاء المقاطعة، بدأ الطلبة في مختلف المستويات التحضير لامتحانات استثنائية ستنطلق في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وفق مصادر طلابية.

جودة التكوين

وكان الإضراب المفتوح لطلبة الطب والصيدلة، والذي شمل مقاطعة الدروس والتدريبات السريرية، قد بدأ منذ 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، رفضا لقرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار التقليص من مدة الدراسة والتكوين من 7 سنوات إلى ست.

وبينما قال الطلبة إن تقليص مدة الدراسة سيؤثر على جودة التكوين حيث سيضيع 600 ساعة من التكوين، دافع وزير التعليم العالي السابق عبد اللطيف الميراوي عنه وقال إن القرار أملاه النقص في الموارد البشرية في القطاع الصحي، والهدف منه التجويد وتوفير الأطباء.

ونظم الطلبة خلال حوالي عام من الإضراب وقفات احتجاجية محلية ومسيرات وطنية واعتصامات قبل أن يتطور الأمر إلى تصعيد غير مسبوق، حيث تم حل مكاتب طلبة الطب وطرد عدد منهم، ثم تدخلت السلطات العمومية بالقوة لفض اعتصام أمام كلية الطب والصيدلة بالرباط تم على إثره توقيف 27 طالب طب وطبيبا داخليا ومتابعتهم قضائيا في حالة سراح، بتهم تتعلق بالتجمهر غير المرخص، والعصيان، وعدم الامتثال لأوامر السلطات.

وأمام هذه التطورات، انتشرت حملة من التعاطف والتضامن مع ملف الطلبة ومطالبهم شملت باقي الكليات التي شهدت تنظيم مسيرات تضامنية مع زملائهم.

وفي سبتمبر/أيلول المنصرم، وقع ممثلو شعبة الصيدلة على تسوية مع وزارة التعليم العالي ووسيط المملكة تضمن رفع العقوبات التأديبية في حق ممثليهم، ليعلنوا رفع المقاطعة المفتوحة والعودة للدراسة والامتحانات فيما ظل ملف طلبة الطب عالقا.

الاستجابة للمطالب

وقالت التنسيقية الوطنية لطلبة الطب في المغرب، إنها اتخذت هذا القرار بعد تصويت الطلبة على تعليق الإضراب المفتوح، مشيرة إلى أن التسوية تضمنت استجابة لأغلبية مطالبهم.

وتضمن العرض الحكومي الذي اطلعت عليه الجزيرة نت، تعليق تطبيق قرار تقليص مدة التكوين على الأفواج الأربعة الملتحقة بكليات الطب والصيدلة بتاريخ 13 مارس/آذار 2023، وهو التاريخ الذي نشر فيه القرار بالجريدة الرسمية وإخضاعهم للقرار الذي كان ساري المفعول قبل صدوره.

وتستثنى دفعة 2022-2023 من التعليق، لكنها ستستفيد من تدريبات سريرية اختيارية قد تصل إلى سنة (مدة كل تدريب 3 أشهر)، قبل مناقشة أطروحة الدكتوراه، مقابل إشهادات عن كل فترة من هذه التدريبات.

والتزمت وزارة التعليم العالي بوقف كافة القرارات التأديبية الصادرة في حق الطلبة المعنيين، كما سيتم إلغاء حل مكاتب الطلبة وإعادتها إلى العمل.

كما التزمت بالرفع من التعويضات عن المهام، للطلبة ابتداء من السنة الثالثة إلى السابعة مما سيرفع تعويضات مدة التكوين إلى 100 ألف و800 درهم (حوالي 10 آلاف دولار) من 54 ألفا و240 درهما (حوالي 5.4 آلاف دولار) سابقا.

ولتعويض الزمن المدرسي الذي تم هدره نتيجة المقاطعة، تضمن العرض وضع برنامج امتحانات استثنائية لكل فصل دراسي، تسهر عليها الجهات المعنية إدارة وأساتذة، مع تمكين الطلبة من اجتياز الامتحانات في ظروف سليمة وملائمة.

 

تسوية متأخرة

وأبدى المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الأغلبية الحكومية ارتياحه للانفراج الذي عرفه ملف إضرابات طلبة كليات الطب والصيدلة، وقال في بيان إن هذا الموضوع ظل أحد الملفات المفتوحة على طاولة نقاش قيادة الحزب ومؤسساته.

وقالت البرلمانية نعيمة الفتحاوي إن إضراب طلبة الطب ارتكز على ملف مطلبي يضم أزيد من 40 نقطة، بينما كان الخلاف حول 5 منها أهمها ما يتعلق بتقليص سنوات الدراسة.

وأوضحت في حديث مع الجزيرة نت أن توصل الطلبة إلى تسوية مع وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة بوساطة من وسيط المملكة أنهى مقاطعة الدروس والامتحانات، لكن النقاش سيظل حول بعض القضايا خاصة تلك المتعلقة بإصلاح المناهج الأكاديمية والتدريبية الطبية.

وتأسفت البرلمانية للتأخر في التوصل إلى هذه التسوية الذي كلف زمنا دراسيا وعلميا، وقالت “بلدنا في أمس الحاجة لهذه الفئة، خاصة وأننا في مرحلة تطبيق مشروع الحماية الاجتماعية التي ينتظرها كل المغاربة” وأشارت إلى أن التفاعل مع مطالب طلبة الطب أعطى دفعة إيجابية للطلبة وأوليائهم ولكل متتبعي هذا الملف.

وثمن عبد الإله بنعبد السلام عضو الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، وهو إطار حقوقي يضم 22 هيئة حقوقية، توقيع الاتفاق الذي أنهى حالة الاحتقان في كليات الطب والصيدلة.

ودعا بنعبد السلام في حديث مع الجزيرة نت إلى عدم تكرار مثل هاته الأزمة الطويلة، داعيا السلطات إلى تبني الحوار والبحث عن الحلول عوض اللجوء للمقاربات الأمنية والقضائية.

وأكد المتحدث أن الطلبة كانوا يدافعون عن مطالب موضوعية أهمها ما يتعلق بجودة التكوين، وهو ما يعكس مسؤوليتهم وإدراكهم لنبل المهنة التي سيمارسونها مستقبلا، داعيا إلى استدراك الزمن المدرسي الذي تم هدره في الأشهر الماضية.

شاركها.
Exit mobile version