لندن – تتجه الأنظار إلى وزارة الدفاع البريطانية بعد أن كشفت تقارير عن إمكانية استخدام طائرات التجسس التابعة للقوات الجوية الملكية كأدلة محتملة ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، في حال تلقت بريطانيا طلبا رسميا لتقديم تلك الأدلة.

وتجري الطائرات البريطانية غير المسلحة، مثل طائرة “شادو آر 1″، رحلات استكشافية شبه يومية فوق قطاع غزة منذ بدء العدوان.

وبحسب تقرير لصحيفة إندبندنت البريطانية، تركز هذه الطائرات على جمع المعلومات الاستخباراتية والصور الجوية، وتتميز بقدرتها العالية على مسح المناطق بدقة، حيث تستخدم أجهزة استشعار متطورة لمراقبة الحركات في الشوارع والمباني السكنية، وقد أكد مسؤول عسكري بريطاني أن البيانات التي تُجمع يمكن معالجتها على متن الطائرة أو نقلها عبر الأقمار الاصطناعية لتحليلها لاحقا.

واطلعت الجزيرة نت على تقرير وزارة الدفاع البريطانية الذي يكشف النقاب عن تنفيذ طائراتها حوالي 250 رحلة مراقبة من ديسمبر/كانون الأول 2023 حتى يونيو/حزيران 2024، ورُصدت الطائرات وهي تُقلع من قاعدة “أكروتيري” في قبرص، حيث تستمر الرحلات حوالي 6 ساعات.

في حين كشف تقرير آخر نشرته الجزيرة عن هبوط إحدى الطائرات في فبراير/شباط 2024، في قاعدة “نيفاتيم” الجوية الإسرائيلية، مما أثار تساؤلات حول التعاون الاستخباراتي بين بريطانيا وإسرائيل، وإمكانية اتهام لندن بالتورط في جرائم الحرب المرتبكة في غزة.

ورغم تسجيل نحو 1000 ساعة من لقطات الفيديو فوق غزة، فإن الحكومة البريطانية لم تقدم توضيحات دقيقة حول طبيعة المهام للبرلمان، حسب ما أكد النائب البريطاني جيرمي كوربين للجزيرة نت.

الكشف عن الأدلة

في هذه الأثناء، تواجه الحكومة البريطانية جدلا داخليا بشأن تمويل هذه العمليات من أموال دافعي الضرائب، خاصة بعد تعرض مواطنين بريطانيين، من عمال الإغاثة في “المطبخ العالمي”، للاستهداف أثناء وجودهم في قافلة إغاثية في غزة، مما يطرح تساؤلات حول مدى تساهل الحكومة في حماية مواطنيها.

وتسعى عائلات الضحايا الذين قُتلوا أثناء الهجوم الإسرائيلي على سيارة كانت تنقل عمال الإغاثة من مؤسسة “المطبخ العالمي” في غزة في الأول أبريل/نيسان 2024 إلى حمل الحكومة البريطانية على كشف الأدلة، لا سيما بعد ورود معلومات تفيد بأن وزارة الدفاع البريطانية تحتفظ بتسجيلات فيديو لطائرات المراقبة التي كانت تحلق فوق غزة يوم الحادث.

مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في لندن ياسمين أحمد، قالت إن على الحكومة البريطانية الكشف عن أي معلومات استخباراتية قد تفسر الهجمات التي طالت المدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة، بما فيها الهجوم الذي استهدف موظفي الإغاثة العاملين في “المطبخ العالمي”.

وشددت على ضرورة تقديم هذه المعلومات للمحكمة الجنائية الدولية بسبب وجود ضحايا مدنيين بريطانيين، لدعم التحقيقات في انتهاكات إسرائيل المحتملة للقانون الدولي، بحسب المادة 86 من نظام روما التي تلزم الدول الأطراف، بما في ذلك المملكة المتحدة، بالتعاون مع المحكمة في تحقيقاتها وملاحقاتها القضائية المتعلقة بالجرائم.

وزير الدفاع البريطاني: سنرسل طائرات استطلاع فوق أجواء غزة

تواطؤ محتمل

وأكدت ياسمين للجزيرة نت أن “هذه الاستخبارات ينبغي أن تُستخدم للرد على ادعاءات إسرائيل وتكون جزءا من آليات المساءلة التي يمكن أن تُحمِّل المسؤولين عن الهجمات غير القانونية كامل التبعات القضائية، مما قد يضع المملكة المتحدة في موقع المساءلة حول التواطؤ المحتمل في جرائم حرب”.

ورأت أن على الحكومة البريطانية الحصول على ضمانات تؤكد عدم استخدام إسرائيل أي معلومات استخباراتية -قد تمدها بها- ضد المدنيين وقوافل الإغاثة، حيث من شأنها أن تعرض حياتهم للخطر.

وأشارت ياسمين إلى أنه رغم تأكيد الحكومة سابقا أن المعلومات المقدمة تتعلق بالرهائن والدعم اللوجستي فقط، فإن المخاوف تتزايد من احتمال استغلال هذه الاستخبارات في هجمات على مواقع مدنية، بل واستهداف قوافل الإغاثة أيضا.

تسهيل جرائم حرب

وبحسب المسؤول القانوني بمكتب العدالة من أجل الفلسطينيين في بريطانيا زكي صراف، فإن الحكومة البريطانية لم تكشف عن إجراءاتها للتحقق من عدم استخدام المعلومات التي تم جمعها من هذه الرحلات في تحديد الأهداف بغزة.

وأوضح صراف للجزيرة نت، أنه في حال ثبوت ذلك، فإن الساسة البريطانيين المنخرطين في هذا الأمر سيكونون عرضة للملاحقة الدولية بموجب ميثاق روما، ويمكن للمحكمة الجنائية أن تفتح تحقيقا في دورهم المحتمل بجرائم الحرب.

وفي السياق نفسه، قال أوليفر فيلي-سبراغ مدير برامج الشرطة والشؤون العسكرية والأمنية بمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة “نظرا للطبيعة المتقدمة للمراقبة العسكرية البريطانية على غزة، فمن المحتمل جدا أن تكون الحكومة قد جمعت معلومات تفصيلية حول الدمار المستمر والخراب في غزة، بما في ذلك الجرائم المحتملة، وإذا ما استُخدمت المعلومات الاستخباراتية البريطانية في تحديد الأهداف، فقد يُعد ذلك مشاركة نشطة لبريطانيا في جرائم حرب”.

وأضاف للجزيرة نت “من المذهل ببساطة أن الحكومة السابقة اختارت الاستمرار في إرسال الأسلحة إلى إسرائيل مع علمها بالتأثير المحتمل لتلك الأسلحة”.

وطالب فيلي-سبراغ الحكومة البريطانية بالامتثال لالتزاماتها الدولية وتعليق جميع عمليات نقل الأسلحة لإسرائيل، إلى التأكد من أن استخدام هذه الأسلحة لا يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.

شاركها.
Exit mobile version