بغداد- كشف القيادي والمتحدث الرسمي باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم الحيدري، عن قرب حسم ملف النفط مع حكومة بغداد، وتحدث عن طبيعة العلاقة بين رئيس الحزب مسعود البارزاني والزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وقال الحيدري، في حوار خاص مع الجزيرة نت، إن “الجميع يعلم ما وصلت إليه الظروف في محافظة كركوك، والاعتراضات التي حصلت على نتائج الانتخابات، وما تلاها خلال مراحل تشكيل حكومتها المحلية، من خلال خرق الاتفاقات للأسف الشديد”، مبينا أن هناك دعوى طعن بجلسة تشكيل الحكومة المحلية قدمت للمحكمة الاتحادية عبر عدة قوى سياسية، من بينها الديمقراطي الكردستاني.

لكن المحكمة الاتحادية قررت اليوم الثلاثاء انتفاء صفة الاستعجال وحالة الضرورة لإصدار أمر ولائي ضد إجراءات تشكيل الحكومة المحلية في كركوك، التي تمخض عنها اختيار المحافظ ريبوار طه، إلى جانب رئاسة وأعضاء المجلس.

وضع الإقليم

وبشأن ملف تصدير نفط الإقليم، أوضح القيادي بالحزب الذي يترأسه مسعود بارزاني، أن “جميع الاتفاقات التي تم إبرامها مع بغداد خلال حكومة محمد شياع السوداني، والسعي لتصفير المشاكل، حققت نتائج ملموسة في عدة مجالات، من بينها انسيابية توزيع رواتب موظفي الإقليم، إضافة إلى تسليم أربيل الواردات غير النفطية لحكومة بغداد”.

واستدرك بأن الإيرادات النفطية “متوقفة نتيجة قرار محكمة باريس، ونتوقع خلال الشهر المقبل إعادة تصدير النفط عبر شركة سومو”، وتابع أن الإقليم سلم بغداد قبل 4 أشهر 85 مليار دينار من الإيرادات غير النفطية (الدولار الأميركي يساوي 1310 دنانير عراقية تقريبا)، وبعدها 80 مليار لشهرين متتاليين، ويتبقى الشهر الجاري الذي يتوقع أن تصل قيمة إيراداته إلى 80 مليار دينار أيضا.

وشدد الحيدري على أن أغلب المشاكل بين الإقليم وبغداد تعتمد على تشريع قانون النفط والغاز، حيث إن هناك رغبة بتشريع القانون من قبل حكومة السوداني، واللجان تعمل لاستكماله بالشكل الأمثل، حسب قوله، مرجحا التوصل لحلول بشأن حسم ملف النفط من خلال تعيين نائب لرئيس شركة “سومو” من المكون الكردي.

وبشأن المادة 140 من الدستور، بيّن أنها “مادة دستورية” مؤكدا قرار المحكمة الاتحادية حول التعداد السكاني والتخصيصات المالية لتنفيذ المادة، إضافة إلى مناقشات قانون النفط والغاز، “بالتالي لا يوجد إهمال لها” حسب قوله، مستدركا أن “هناك أطرافا لا يصب في مصلحتها تشريع هكذا قوانين توحد المواقف، بالتالي فهي تسعى جاهدة لتعطيلها”.

وحول انتخابات برلمان إقليم كردستان، شدد على أن الحزب لا يخشى الانتخابات، وقال “دائما ما كان صاحب الكعب الأعلى في جميع الانتخابات السابقة، على اعتبار أن مناطقنا وقواعدنا الشعبية مضمونة، وسيكون نزولنا بقائمة منفردة، أما التحالفات فستكون ما بعد الانتخابات بحسب مقاعد وثقل كل حزب”، منوها إلى أن الانتخابات ستكون مفصلية، وستفرز من لديه القوة الفعلية.

وحول الخلافات مع الشريك والغريم “الاتحاد الوطني الكردستاني”، لفت الحيدري إلى أن “الاختلافات موجودة منذ السابق، ويشعر بها الطرف الآخر، لكنها لن تصل إلى مرحلة الصراع المباشر”، ذاكرا أن “هناك أطرافا داخلية تعمل على زرع الفتن لخدمة دول إقليمية ومصالح خاصة”.

القوة والعلاقات الخارجية

وحول ملف الاعتداءات التركية والإيرانية وقضية حزب العمال الكردستاني، أوضح الحيدري أن “ورقة التدخلات استخدمت من النظام السابق، وحاليا تستخدمها قوى داخلية بالتعاون مع دول إقليمية، للضغط على بغداد وأربيل لتحقيق مكاسب”، لافتا إلى أن “العمال الكردستاني” تم اعتباره فعليا حزبا محظورا في العراق، وهنالك جهود مستمرة لإخراج هذه المنظمة، لإنهاء أسباب التدخل بالشأن العراقي.

وحول قوة القرار الكردي داخل مجلس النواب الاتحادي، أكد المتحدث باسم الديمقراطي الكردستاني أن العلاقة بينهم وبين الاتحاد الوطني تاريخية، لكنها تعرضت لهزات نتيجة حوادث وتأثيرات من قوى محلية، سعت لتفريغ الثقل الكردي من محتواه لمصلحة دول أخرى، حسب تعبيره.

وتابع الحيدري في حديثه للجزيرة نت، أن “الإقليم لديه صلاحيات”، ومن بينها العلاقة مع الدول والسفارات لخدمة مصالح كردستان سياسيا واقتصاديا وخدميا “وهي تقوية للسياسة الخارجية للعراق بمجمله”، مشددا على أن علاقة الإقليم مع دول الخليج واضحة كباقي الدول، وهي “علاقات طيبة وتعاون، خصوصا في الاستثمارات والسياحة”.

وأكد أن “هناك تعاونا ومواقف موحدة حاليا بين بغداد وأربيل في جميع القرارات، سواء السياسية أو حتى إعلان الحرب وغيرها، والتنسيق وصل لمراحل متقدمة”.

وفي موضوع آخر، تحدث القيادي عن مرحلة ما بعد تنظيم الدولة الإسلامية، مشيرا إلى أن سهل نينوى وكركوك مناطق كردستانية بهوية عراقية، أما المناطق الأخرى التي احتلها التنظيم عام 2014 وحررتها القوات الأمنية نهاية عام 2017، “فهناك سعي لحسم أمرها وفق المادة 140، لتحديد من يديرها ووفق أي آلية”.

وشدد على أن هدف الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد الانتخابات المقبلة هو “وحدة الأراضي وعدم التفريط بها، والسير بالعملية السياسية إلى الأمام”، مؤكدا أن الإقليم يمتلك “قوات البيشمركة” وقوات الحدود ومكافحة الإرهاب، والقوات الأمنية “الأسايش” وغيرها من القوات، ويتعاون مع القوات الأمنية الاتحادية لصد أي خروقات أمنية من “الجماعات الإرهابية”، سواء في الإقليم أو خارجه، “ولدينا القوة الكافية لحماية الإقليم وشعبنا” حسب قوله.

علاقات البارزاني

وتطرق الحيدري لزيارة رئيس الحزب مسعود البارزاني إلى بغداد، موضحا أنها كانت “مهمة جدا” بعد فترة انقطاع لعدة سنوات، حيث “وضعت النقاط على الحروف”، وساعدت بحل العديد من المشاكل للكرد وباقي المكونات، ومن بينها مشكلة منصب رئيس البرلمان، إضافة لطرح قضايا الرواتب، وقانون النفط والغاز، وملفات أخرى تحقق الشفافية والتقارب بين بغداد وأربيل.

وأشار إلى أن “الرئيس البارزاني يعتبر ركنا أساسيا لبناء العملية السياسية، من خلال خبرته وتاريخه النضالي، التي أثمرت بمجملها عن حل الكثير من المشاكل والأزمات المرافقة للتجربة الديمقراطية خلال السنوات السابقة”.

وأكد الحيدري، في ختام حديثه، أن علاقة البارزاني مع مقتدى الصدر “ممتازة جدا”، وأن هناك تواصلا مستمرا بين الطرفين، “ورؤى وهموما مشتركة للدفاع عن حضارة وهموم العراق، أثمرت في فترة سابقة عن تشكيل التحالف الثلاثي لانتشال البلد من الوضع المتردي الذي كان يعيشه”، كاشفا عن “بشرى قريبة للشعب العراقي بتوحد هذه الرؤى”.

وكان التحالف الثلاثي قد نشأ بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت بالعراق في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، ويضم تحالف “السيادة”، وهو أكبر كتلة سنية في البرلمان بقيادة خميس الخنجر، وينتمي إليه أيضا رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، بالإضافة لكتلة “الحزب الديمقراطي الكردستاني” برئاسة مسعود البارزاني، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.

شاركها.
Exit mobile version