يقول الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس إن أكبر أخطاء إدارة الرئيس دونالد ترامب خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من فترة ولايته الثانية، والتي يمكن أن تعرض الولايات المتحدة للخطر هي تطهير وكالات الاستخبارات، في اللحظة التي تقول فيها الإدارة “بحق” إن البلاد بحاجة إلى عمليات تجسس “أكثر جرأة وعدوانية”.

ويوضح إغناتيوس في مقال له بواشنطن بوست أن مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) جون راتكليف يقول إنه يريد المزيد من العمل السري “الذهاب إلى أماكن لا يمكن لأي شخص آخر الذهاب إليها، والقيام بأشياء لا يمكن لأي شخص آخر القيام بها”. ويتساءل الكاتب عمن بإمكانه إنجاز ذلك بعد الانتقال غير المخطط لخفض القوى العاملة في الوكالة؟

وأشار إغناتيوس إلى خضوع الوكالة لتسليم البيانات التي تحدد التعيينات الأخيرة إلى مراجعي الحسابات في وزارة إيلون ماسك (وزارة كفاءة الحكومة)، وربما إلى أي جواسيس أجانب يمكنهم اختراق أنظمة (سي آي إيه)، قائلا ربما يكون الأسوأ من ذلك كله، أن مفوضي وزارة ماسك الأميركيين تمكنوا من الوصول إلى بيانات مدفوعات الخزانة التي قد تكشف عن ضباط الوكالة ذوي الغطاء العميق والأصول التي يقومون بتجنيدها.

تحديان صارخان

وتناول الكاتب ما سماه تحديين صارخين للعمل السري خلفتهما الإدارة السابقة: هجمات “متلازمة هافانا” على ضباط الوكالة (يشار إليها الآن بالحوادث الصحية الشاذة)، والتهديد السري الصيني لأنظمة الاتصالات الأميركية من خلال هجوم يعرف باسم (إعصار الملح).

وقال إن مسؤولي إدارة ترامب تم إطلاعهم على كلا التهديدين من قبل فريق الرئيس السابق جو بايدن، لكن لم تحظ أي من المشكلتين باهتمام كاف.

وأوضح إغناتيوس أن ما حدث بالعاصمة الكوبية هافانا تضمن إصابات وأعراض سمعية أو عصبية خطيرة لا يمكن تفسيرها بحالات بيئية أو طبية معروفة، وبعد مراجعة الأدلة، قررت وكالة المخابرات المركزية في عام 2023 أنه من “المستبعد جدا” أن تكون جهة أجنبية لديها “سلاح جديد” قد تسبب في الضرر.

وفي مفاجأة باللحظة الأخيرة، تصرف مجلس الأمن القومي الشهر الماضي، لتسليط الضوء على هذا التهديد، مشيرا إلى أن “الطاقة الكهرومغناطيسية أو الصوتية النبضية لا تزال تفسيرا معقولا في بعض الحالات”. وأعرب المجلس عن اعتقاده أنه من” المحتمل” أن تمتلك جهة أجنبية سلاح تردد لاسلكي نابض “يمكن أن يضر بجواسيسنا ودبلوماسيينا في الخارج”.

أمريكا تتهم الصين بالتجسس.. لماذا تحذر من هجمات مماثلة في دول العالم؟

الخطر الروسي

وأضاف أن روسيا لديها برنامج بحث وتطوير طويل الأمد لتطوير فئة من الأسلحة تعرف في روسيا باسم” أسلحة الموجة”، ومنحت في 2017 وحدة الاستخبارات العسكرية الروسية، ذراع المخابرات العسكرية هناك، جائزة لمهندس طور “سلاحا صوتيا غير قاتل مناسبا للقتال في المناطق الحضرية”.

كذلك، يقول الكاتب، إن روسيا شنت حملة شبه عسكرية سرية ضد حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال معظم العام الماضي. ووفقا للتقارير المنشورة، قام عملاء روس بتخريب منشآت في بولندا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وجمهورية التشيك ودول أخرى، إذ أرسلت موسكو عبوات قنابل كان من الممكن أن تنفجر على الطائرات الأميركية. وتحدت الطائرات الروسية قوات الناتو من فرنسا ورومانيا.

وتساءل كيف يمكن أن ترد “وكالة الاستخبارات الأولى في العالم”؟

الخطر الصيني

ثم انتقل إلى الاختراق الصيني المدمر للاتصالات، وهو الهجوم السيبراني، الذي خرّب المفاتيح وغيرها من المكونات الهامة من 9 وكالات اتصالات سلكية ولاسلكية ومن مقدمي خدمات الإنترنت -بما في ذلك عمالقة مثل فيريسون، إيه تي آند تي، وتي موبايل- والذي وصفه السيناتور مارك آر وارنر بأنه “أسوأ اختراق للاتصالات في تاريخ أمتنا”. وقالت جيسيكا روزنورسيل، رئيسة لجنة الاتصالات الفدرالية، إن عملية الاختراق “واحدة من أكبر التهديدات الاستخباراتية على الإطلاق”.

وقال يبدو أن الصين لديها ما يرقى إلى الوصول إلى البنية التحتية للاتصالات العامة الأميركية، “لقد استمع كبار المسؤولين في حكومتنا إلى مكالماتهم وقراءة النصوص”، ولا شك أن وكالة الأمن القومي تستمع إلى المكالمات الصينية أيضا، لكن مهمة وكالة المخابرات المركزية مختلفة، هل لديها الأدوات السرية لإنزال شبكات الصين في أزمة، كما قد تكون الصين قادرة على القيام به في الولايات المتحدة؟

تواجه وكالة المخابرات المركزية تحديا كبيرا في تعزيز قدراتها في العمل السري ضد روسيا والصين.

وختم بأن إدارة ترامب فاقمت من احتمال تعرض أميركا للهجمات، لكنها أمرت بتجميد وخفض القوى البشرية لوكالات الاستخبارات، خلال الأسابيع الثلاثة الأولى لها في البيت الأبيض.

شاركها.
Exit mobile version