Close Menu
أيام جدةأيام جدة
  • الرئيسية
  • الاخبار
    • العالم
    • السعودية
    • الإمارات
    • الكويت
  • السعودية
    • الرياض
    • مكة المكرمة
    • المدينة المنورة
    • المنطقة الشرقية
    • القصيم
    • تبوك
    • الجوف
    • جازان
    • حائل
    • الباحة
    • عسير
    • نجران
  • سياسة
  • اسواق
    • بورصة
    • طاقة
    • بنوك
    • عقارات
  • تكنولوجيا
  • ثقافة
  • رياضة
  • صحة
  • علوم
  • فنون
  • منوعات

النشرة البريدية

اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.

رائج الآن

عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب بصفقة وغموض بشأن نوايا نتنياهو

الخميس 21 أغسطس 7:00 م

يحمل اليورو/الدولار الأمريكي حوالي 1.1650 مع إطلاق Markets US PMI

الخميس 21 أغسطس 6:58 م

لماذا سارع جيش الاحتلال لطمأنة الإسرائيليين بعد هجوم القسام؟

الخميس 21 أغسطس 6:57 م
فيسبوك X (Twitter) الانستغرام
بيزنس الخميس 7:02 م
أيام جدةأيام جدة
اختر منطقتك
  • الرئيسية
  • الاخبار
    • العالم
    • السعودية
    • الإمارات
    • الكويت
  • السعودية
    • الرياض
    • مكة المكرمة
    • المدينة المنورة
    • المنطقة الشرقية
    • القصيم
    • تبوك
    • الجوف
    • جازان
    • حائل
    • الباحة
    • عسير
    • نجران
  • سياسة
  • اسواق
    • بورصة
    • طاقة
    • بنوك
    • عقارات
  • تكنولوجيا
  • ثقافة
  • رياضة
  • صحة
  • علوم
  • فنون
  • منوعات
أيام جدةأيام جدة
الرئيسية»سياسة
سياسة

لماذا صنعت الدول الكبرى أبشع المجاعات التي أهلكت الملايين؟

فريق التحريربواسطة فريق التحريرالخميس 21 أغسطس 4:55 م
فيسبوك تويتر لينكدإن رديت تيلقرام واتساب بينتيريست Tumblr VKontakte البريد الإلكتروني

نحن الآن في العام 1870، عام الحصار والجوع في العاصمة الفرنسية باريس. لقد فرضت القوات الألمانية حصارًا رهيبًا على المدينة، وقطعت خطوط السكك الحديدية، مانعة وصول المؤن وشحنات الطعام والإمدادات، لدرجة أن الباريسيين أكلوا لحوم القطط والكلاب والجرذان بسبب الجوع. وفي الوقت الذي خلف فيه قصف المدينة زهاء 400 قتيل، فتكت المجاعة بأرواح 42 ألف باريسي في غضون عدة أشهر.

لم تكن مجاعة باريس الناجمة عن حصار “العام الرهيب” بحسب وصف الأديب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو، سوى نقطة البداية لسلسلة من المجاعات الجماعية حول العالم أهلكت على مدار قرن ونصف قرن تقريبا أكثر من 140 مليون إنسان، بحسب مؤسسة السلام العالمي، وهي حصيلة كارثية ناجمة عن مزيج بين الإخفاقات النظامية والصراعات والحروب والممارسات السياسية السيئة.

بشكل أكثر تفصيلا، وخلال الفترة من عام 1870 إلى منتصف القرن 20، شهد العالم قرابة 5 نوبات مجاعة جديدة كل عقد، بمعدل نوبة واحدة كل عامين. وانخفض هذا المعدل بعد عام 1950، ليصل إلى حوالي 4 أزمات جديدة كل عقد.

وحتى في السنوات الأخيرة، ورغم التقدم المحرز في مجالات الزراعة، والمساعدات العالمية، والإنذار المبكر والاستجابة، لا تزال المجاعات تتكرر، وربما تزداد تواترًا. الفارق أنه منذ السبعينيات انخفض معدل الوفيات بسبب المجاعة عالميا، حيث سُجِّلت قرابة 9 ملايين حالة وفاة حتى عام 2022، رقم لا يزال هائلا في عالم لا يبدو أن قطاعا واسعا من سكانه يعاني قلقا كبيرا بشأن وفرة الطعام.

تقودنا هذه الملاحظة إلى التساؤل: لماذا تحدث المجاعات أصلا؟ وعلى من تقع مسؤولية وقوع المجاعة؟ لقرون طويلة جرى تصوير المجاعات باعتبارها نتاجا لظواهر الطبيعة القاسية التي تتحدى إرادة الإنسان، مثل البراكين والزلازل والفيضانات، لكن التاريخ وعلوم الاجتماع والسياسة ربما لديهم رأي آخر، فالمجاعة التي أهلكت الباريسيين واضطرتهم لأكل لحوم حيواناتهم الأليفة، لم تكن نتيجة كارثة طبيعية، بل تسبب فيها الحصار، والدافع كان كسر مقاومتهم وإجبارهم على فتح أبواب مدينتهم للألمان.

إننا أمام تحول كبير يسقط أحيانا من دفاتر التاريخ، لم تعد فيه الطبيعة مسؤولة وحدها عن المجاعات، التي تحولت إلى “علم” و”نظم” من السياسات والإجراءات تمارسها الأنظمة الكبرى الاستعمارية بوعي ضد أعدائها. لم يكن حصار باريس ورقة عابرة في تاريخ الحروب، بل بداية سجل جديد لنمط مخيف من الإبادات، تسلط فيها قساوة البيئة بتعمدٍ وتخطيط على أجساد البشر بغرض إفنائهم.

الحقيقة المفزعة هي أن الكثير من المجاعات التي تراها وتسمع عنها ويعاني على إثرها ملايين البشر، تكمن خلفها هندسة بيولوجية، تقودها دول وقوى “إبادية” تريد أن ترث أراضي خالية من سكانها.

هندسة المجاعة

يُعد المؤرخ المصري تقي الدين المقريزي، الذي عاش في حي الجمالية بالقاهرة قبل ستة قرون (1364 – 1442)؛ أحد من قدّموا إسهامات فكرية مبكرة حول دور “السياسة” في خلق المجاعات.

ففي كتابه “إغاثة الأمة بكشف الغمة”، قدم المقريزي أطروحة ثورية تفيد بأن المجاعات والكوارث لا تنشأ فقط من الآفات الطبيعية، بل هي نتيجة مباشرة للفساد السياسي وفشل الخطط الحكومية. هذه الأسباب البشرية -كما أوضح- تُعظّم من آثار العوامل البيئية وتُحوّلها إلى كوارث كبرى.

حلل المقريزي دورات الشدة والرخاء في الدول، وأكد على أهمية النظر إلى الفاعل السياسي خلف ما كان يُعرف “بالآفات السماوية”.

وقد شكلت أفكاره ثورة في الفكر الاقتصادي العالمي، حيث سبقت نظريات حديثة، أبرزها نظرية الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل أمارتيا سن، الذي توصل إلى فكرة مماثلة بعد قرون، وهي أن المجاعة هي بالأساس فشل في “الوصول إلى الغذاء” بسبب عوامل اقتصادية وسياسية، وليس مجرد نقص في توافره.

لكن، رغم أهمية اكتشاف المقريزي للوجه السياسي للمجاعة، فإن أفكاره لم تتصور أن يصبح الجوع سلاحا مسلطا عن عمد، بتخطيط وتدبير واضحين، كما وقع في العصر الحديث.

أثارت هذه المسألة تحديدا انتباه أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس في الولايات المتحدة، والخبير في شؤون المجاعة والأزمات الإنسانية، عندما شرع عام 2016 في إعداد كتابه “المجاعة الجماعية.. في التاريخ والمستقبل”، والذي عمل فيه على تشريح أسباب حدوث المجاعات ودور القادة السياسيين وبعض الدول الكبرى في صناعتها.

جادل دي وال بأن مجاعات العصر الحديث هي صنيعة بشرية بالكامل، وأنها نتاج لاستهانة صناع القرار السياسي بأرواح البشر، فالمجاعات لم تعد تحدث -في أغلب الأحيان- من تلقاء نفسها، بل بفعلِ فاعل تحركه دوافع سياسية أو أيديولوجية أو عسكرية أو اقتصادية، ما يجعل الجوع فعلا سياسيًا متعمدًا.

وعبر صفحات الكتاب، يجيب خبير المجاعات عن عدة تساؤلات جوهرية، حول الدوافع التي تقف وراء قيام بعض الدول بتصميم وهندسة المجاعات، وكيف تلعب الحروب والسياسات والنظم الاقتصادية دورًا في صناعة الجوع. والأهم، لماذا يكون الضحايا الأكثرُ تضررًا دائمًا من الفقراء؟

يعود بنا دي وال في الزمن وينتقل بنا في المكان، إلى أوكرانيا في شتاء 1932-1933 حيث المجاعة الفتاكة التي هندسها الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين.

وقتها، أمر ستالين بمصادرة جميع أنواع الحبوب والماشية من المزارع الأوكرانية، وأسس الحزب الشيوعي حينذاك “فرق تمشيط” مهمتها تفتيش المنازل ومصادرة كل ما طالته أيديهم من مواد غذائية، تاركين المزارعين الأوكرانيين يعانون ويلات الجوع، الذي فتك بأرواح 3.5 ملايين أوكراني في أدنى التقديرات.

يرى أليكس دي وال أن مجاعة “هولودومور” كانت نتاجا مباشرا لحكم ستالين الشمولي، ونموذجًا مثاليا للطريقة التي تصنع بها الدكتاتوريات المجاعات. فقد صنف الباحثون هذه المجاعة بأنها عملية تجويع متعمد هدفها “الإبادة الجماعية”، مستندين في ذلك إلى تعريف المحامي البولندي رافائيل ليمكين، الذي صاغ مصطلح “الإبادة الجماعية” عام 1944، للإشارة إلى “عملية تدمير ممنهجة لأسس الحياة الجوهرية لجماعة عرقية أو إثنية أو دينية”، معتبرا التجويع إحدى أكثر آليات الإبادة رعبًا.

يقع استخدام الجوع سلاحًا للتطهير العرقي والإبادة الجماعية في نطاق “جريمة المجاعة” من الدرجة الأولى، وفقًا للإطار الذي وضعه أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، ديفيد ماركوس، الذي يقسّم جرائم المجاعة إلى 4 درجات من الذنب، بحسب تسلسل المسؤولية البشرية عن حدوثها. في حالة مجاعة “هولودومور”، يرى أليكس دي وال أن أحداثها يمكن تقسيمها إلى مرحلتين متمايزتين.

المرحلة الأولى كانت منتصف عام 1932، عندما طبّق ستالين مجموعة من القوانين الاقتصادية القمعية سعى من خلالها إلى كسر شوكة طبقة الفلاحين “الكولاك” (Kulak)، عبر ممتلكات الأغنياء منهم وإجبار القرويين البسطاء على العمل في المزارع الجماعية. تسبب ذلك في جريمة مجاعة من الدرجة الثانية وفقًا لمقياس ماركوس، إذ أدت السياسات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة إلى دفع الناس نحو أتون المجاعة، لكن دون أن تكون الإبادة مقصودة بذاتها.

تغيّر ذلك في المرحلة الثانية وهي الأقسى، بعدما قوبلت سياسات ستالين بمقاومة من المزارعين الأوكرانيين، حيث قادته الشكوك حينها إلى اعتبار المقاومة القومية الأوكرانية جزءًا من “مؤامرات بولندية”، حيث قرر استخدام “التجويع المتعمد” أداة للعقاب والإبادة الجماعية، بهدف كسر المقاومة الأوكرانية والتخلص من الأوكرانيين المتمردين.

على النسق نفسه، يمكننا تفسير المجاعة التي يرتكبها الآن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قطاع غزة المحاصر منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023. فسياسة التجويع الإسرائيلية بدأت منذ فرض الحصار على القطاع عام 2007، حينها أجرت إسرائيل حسابات دقيقة لعدد السعرات الغذائية المسموح بها لكافة سكان القطاع، وقلّص الاحتلال عدد الشاحنات الغذائية التي تدخل القطاع. وقد وصفت هذه الممارسة باسم “حمية غزة” (Gaza Diet)، التي باتت دليلا واضحا على سياسات دولة الاحتلال القائمة على العقاب الجماعي المقنن للشعب الفلسطيني.

أصبح الأمر أكثر قسوة مع اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث وظف الجوع باعتباره أداة للإبادة الجماعية، وهو ما دفع أليكس دي وال إلى كتابة مقال مطلع أغسطس/آب الجاري بعنوان “نتنياهو يُجوّع غزة عمدا”، انتقد فيه سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي، قائلا إنه “لا يمكن لسلطة أن تجوّع شعبًا كاملًا عن طريق الخطأ”. وكان خبير المجاعات قد حذر سابقًا من أن ما يحدث في غزة مذبحة بطيئة، قد تستمر حتى بعدما تضع الحرب أوزارها، لكن نقص البيانات وتدمير المنظومة الصحية بالكامل، قد حال دون الإعلان الرسمي عن المجاعة.

الجوع ينهش الفقراء

يحكي عالم الاقتصاد الهندي الحائز على جائزة نوبل، أمارتيا سن، كيف شاهد بأم عينيه المجاعة وهي تفتك بإقليم البنغال في الهند عام 1943، حين كان طفلا في التاسعة من عمره، يسمع عويل الجائعين من أجل الأرز في شوارع “كلكتا”، ويرى عن كثب كيف حوّل الجوع حياة الناس إلى جحيم، فباع الصيادون قواربهم حطبًا لشراء الطعام، وألقيت جثث الجائعين على جانبي الطريق بلا عدد، وظل بكاء الأطفال يحاصره مسببًا له الكوابيس، ولم تنقضِ المجاعة إلا بعدما راح ضحيتها 3 ملايين إنسان.

وبينما كان الجوع ينهش أطفال الفقراء، لاحظ أمارتيا كيف كان الطعام متاحًا للأثرياء، تلك الملاحظة شكلت وعي عالم الاقتصاد الهندي، ودفعته ليناقش في مؤلفاته اللاحقة كيف أن الجوع لا يمثل نقصًا في الغذاء، بقدر ما يعني عدم تمكن بعض الناس -وهم غالبًا الأكثر فقرًا- من الحصول على الطعام، وهي الفكرة التي أسس عليها فيما بعد إحدى أشهر نظرياته، “نظرية الاستحقاق” (Entitlement Theory).

كانت نظرية أمارتيا تناقض بشكلٍ كلي مفاهيم ظلت سائدة لقرون من الزمن، اعتبرت المجاعات إما نتيجة للكوارث الطبيعية أو التكاثر السكاني الذي اعتُبر سببا لقلة الموارد الغذائية. هذه الأفكار تبنتها القوى الاستعمارية على مدار التاريخ، وبررت من خلالها السياسات التي كانت مسؤولة بشكلٍ مباشر وأدت إلى وقوع المجاعات في البلدان المستعمرة.

وقد أطلق أليكس دي وال على هذه المفاهيم البائدة مصطلح “زومبي مالتوس”، نسبةً إلى الباحث الاقتصادي توماس روبرت مالتوس، بعدما ساهمت مقالته الشهيرة عام 1798 عن “المجاعة الحتمية” في ربط الزيادة السكانية بندرة الغذاء، متنبئًا للعالم بمجاعة عملاقة إذا لم يتوقف عن النمو السكاني.

كانت المجاعات وفقًا لرؤية مالتوس، هي الطريقة الطبيعة الحتمية لإعادة التوازن بين موارد الأرض وأعداد السكان. وقد أرست هذه الادعاءات تصورات غير دقيقة في الأذهان عن المجاعة والأسباب التي قد تؤدي إليها ظلت شائعة لفترة طويلة. وحتى بعدما أثبت التاريخ زيفها ودحضتها الأدلة، ظلت أشباح تلك الأفكار راسخة في العقول، وهذا سبب تسميتها “زومبي مالتوس”، وكأنها أفكار ميتة عادت لتلاحقنا.

يُعيدنا ذلك إلى مجاعة البنغال، التي كانت خير مثال على الطريقة التي تجسد بها مصطلح “زومبي مالتوس” على أرض الواقع. فعندما اشتدت أزمة الجوع واستفحلت، ألقت الحكومة البريطانية باللوم على ضحايا المجاعة أنفسهم لتبرير سياساتها القاسية، مستخدمة في ذلك أفكار مالتوس الشريرة، فأشاع الإداريون البريطانيون أن مجاعة البنغال جاءت نتيجة طبيعية للزيادة السكانية، وامتنعوا عن تقديم المساعدات الإنسانية بدعوى أنها تشجع على الكسل وتعيق نشاط العمال.

لم تقع هذه المجاعة نتيجة تجويع مباشر ومقصود، وبالتأكيد فإن سببها لم يكن قلة الموارد وتزايد عدد السكان كما أشيع، بل حدثت نتيجة سياسات الاستعمار البريطاني وشركة الهند الشرقية (ذراع بريطانيا الاقتصادي)، التي عملت على إعادة توجيه اقتصادات الفلاحين قسرًا لخدمة مطالب المصنّعين والتجار في نصف الكرة الأرضية الآخر، ونهبت ثروات البلاد واستخدمتها وقودا للثورة الصناعية.

عن ذلك يقول فرانسيس مور لابيه وجوزيف كولينز في كتابهما “صناعة الجوع.. خرافة الندرة”، إن الهند منذ عام 1870 أصبحت المصدر الرئيسي للقمح في بريطانيا، وكانت الطبقات العليا من المجتمع تصدر المخزونات الغذائية الفائضة، بعدما كانت في السابق تخزنه تحسبًا لأوقات الأزمات.

أضف إلى ذلك أن الاستثمارات الزراعية الهندية تحت الحكم البريطاني كانت موجهة بشكلٍ مباشر نحو المحاصيل التجارية غير الغذائية، مثل القطن الذي تزايد إنتاجه بنسبة 85%، وهو ما أدى إلى انخفاض إنتاج الغذاء. وبحلول عام 1943، وبينما كانت تدور رحى الحرب العالمية الثانية، قطع الغزو الياباني لبورما واردات الأرز إلى البنغال، في حين سمحت الحكومة البريطانية بتدفق مخزونات الأرز المحلي خارج البلاد.

هذه القرارات هي التي أدت -بحسب الباحثين- إلى إفقار السكان وخلق المجاعة، بعدما حولت اقتصاد الكفاف القائم على الزراعة لخدمة مصالح الاقتصاد الإمبريالي والمستعمرين.

وبالمثل، تؤثر التحولات التي يشهدها الاقتصاد السياسي العالمي في عصرنا الحديث على صنع المجاعات، فخلف عولمة السياسة والاقتصاد، وهيمنة مفاهيم “السوق” و”السياسة التبادلية” (Transactional politics)، أصبحت الخدمات السياسية والولاءات تُقايَض بالموارد المادية، وطغت المصالح الخاصة على المصالح العامة، وأصبحت أرواح البشر تقيَّم فقط، بقدر مساهمتهم في المكاسب السياسية.

تصميم خاص خريطة بنغلاديش

الديمقراطية لا تمنع الجوع

يتفق خبير المجاعات أليكس دي وال مع الاقتصادي أمارتيا سن في أن الفقراء والمستضعفين، إضافة إلى الفئات المهمشة والمنبوذة سياسيًا، هم أكثر ضحايا المجاعات تضررًا، بل ويزيد على ذلك قائلا إن المجاعات غالبًا ما تدار من قبل أصحاب السلطة لاستهداف تلك الفئات. ومع ذلك يختلف الباحث البريطاني مع سن في مسألة واحدة، وهي اعتقاد الأخير بأن “الديمقراطية تمنع وقوع المجاعات”.

فقد جادل أمارتيا سن بأن الديمقراطية نظام حكم مناهض للجوع، وقال إن حرية الصحافة والقدرة على محاكمة السلطات عبر آليات الحكم الديمقراطي؛ عوامل ترتبط وثيقًا بالقدرة على تأمين حقوق الأفراد الاقتصادية والسياسية، وهو ما تناوله باستفاضةٍ في كتابه “التنمية حرية”.

لا ينكر أليكس دي وال أن صعود الأنظمة الديمقراطية وحرية الصحافة، ومعهم القوانين التي نظمت الحريات المدنية والسياسية، كلها عناصر ساعدت على تراجع أعداد المجاعات منذ التسعينيات، لكنه يدرك في الوقت ذاته، أن الديمقراطية يمكن أن تنتج “أنظمة معيبة” تتسبب في مجاعات كبرى، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها، وأبرز الأمثلة على ذلك: “مجاعة بنغلاديش”.

ففي عام 1974، ضربت البلاد موجة عنيفة من الفيضانات، تسببت في نزوح البنغاليين وتضررت معها المحاصيل الزراعية، وكانت البلاد في ذلك الوقت ضعيفة ومنهكة اقتصاديا، وقد تزامن ذلك مع الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على المساعدات الغذائية المنتظمة والطارئة التي كانت تقدم للبلاد، ما أدى إلى استنزاف سريع لاحتياطات النقد الأجنبي، فارتفعت الأسعار، ولم تعد الحكومة قادرة على شراء الأرز بما يكفي حاجة السكان، وهو ما نتج عنه انهيار نظام التوزيع العام للغذاء (PFDS)، الذي كان عبارة عن شبكة معقدة يديرها المسؤولون الحكوميون تهدف إلى توفير الغذاء المدعوم للمواطنين الأكثر حاجة.

كل واحد من هذه العوامل لم يكن ليؤدي بمفرده إلى حالة المجاعة الشاملة التي شهدتها البلاد، وأودت بحياة 1.5 مليون إنسان، إلا أن تراكم هذه العوامل وتضافرها هو ما تسبب في وقوع الكارثة. لكن المثير للانتباه، كان ما أشارت إليه المصادر من أن المسؤولين الحكوميين في خضم الأزمة، أعطوا الأولوية في تخصيص الغذاء لأصحاب النفوذ السياسي على حساب المحتاجين الأكثر فقرًا، وهو ما علق عليه أليكس دي وال، قائلا: “كانت تلك هي الطريقة التي قررت بها النخبة السياسية تقديم بقائها السياسي على حساب أفقر مواطنيها”.

من يستحق العيش؟

كان السؤال المحوري الذي أرق أليكس دي وال، هو كيف يتخذ الحكام قرارًا يقضي بتجويع آلاف البشر حتى الموت، وفي الوقت ذاته، يحتفظون بقبول مجتمعي؟ ففي الأنظمة الدكتاتورية، غالبًا ما يكتفي الحاكم بقبول النخبة السياسية الصغيرة، دون الالتفات إلى آراء السواد الأعظم من المواطنين. لكن الأنظمة الديمقراطية، القائمة على مبدأ حكم الأغلبية، عادة ما تلجأ إلى نيل قبول الشريحة الأوسع من الشعب.

وقد خلص دي وال إلى أن هذا الاستهداف عادة ما يكون موجهًا نحو فئة بعينها، مثل الأقليات المنبوذة اجتماعيًا أو الأجانب، والذين بمجرد تصنيفهم بهذه الطريقة، تصبح حياتهم أو موتهم بلا أهمية سياسية لمن يملكون سلطة تقرير مصيرهم.

أما آليات التنفيذ فتتنوع بين الأساليب العسكرية أو الاستهداف السياسي والتمييز الاجتماعي، بما يشمل التجويع والإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

يرى دي وال أن المجاعات والفظائع الجماعية -على اختلافها- تمتلك العديد من السمات المشتركة، فجميعها تقريبا تُرتكب بدوافع سياسية في المقام الأول، وتعتبر حياة الضحايا بلا قيمة. وقد ضرب مثالا على ذلك بالطريقة التي تعامل بها المستوطنون والمستعمرون السكانَ الأصليين في أميركا الشمالية وأستراليا، وتراوحت فيها آليات تنفيذ الإبادة بين القتل المباشر والتجويع والتعطيش ونشر الأمراض، ما يوضح حجم الاستهانة بأرواح هؤلاء البشر.

أما مديرة الأبحاث في مؤسسة السلام العالمي، بريجيت كونلي، فصبّت اهتمامها على دراسة طرق إنهاء مثل هذه الفظائع، وذلك في كتابها “كيف تنتهي الفظائع الجماعية”. وقد خلصت إلى أن أنماط انتهاء الفظاعات اختلفت باختلاف العصور، فحتى زمن الحرب الباردة، كانت أجندات السياسة الوطنية هي المتحكم الوحيد في توقيت وطريقة انتهاء هذه الجرائم، باستثناءٍ وحيد هو الإطاحة بالنظام المتسبب في العنف. لكن منذ بداية التسعينيات، ظهرت العديد من الجهات الفاعلة الأخرى، وبدأت أنماط النهاية تصبح أكثر تنوعًا.

نشرت كونلي كتابها عام 2016، وتناولت بالبحث 6 حالات، شملت الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لبيان الكيفية التي تنتهي بها الفظاعات ضمن الأطر السياسية والاقتصادية والعسكرية. وكان من أبرز النتائج، أن النظام المسؤول عن العنف هزم عسكريًا في 25% من الحالات، كما أدت الاضطرابات السياسية الداخلية إلى تغيير النظام الحاكم في 35% منها. لكن في أغلب الحالات، مثّلَ انتهاء الحرب النقطةَ الفاصلة التي يتوقف معها قتلُ المدنيين.

هذا الأمر لا ينطبق للأسف على المجاعات، فمع أن التجويع هو بالأساس “قرار سياسي”، فإن مسألة إنهاء المجاعة لا توقف القتال بشكل حتمي، بل تحتاج إلى مساعدات إغاثية وإنسانية عاجلة وممتدة بعد الحرب، تخضع بدورها للعديد من الحسابات السياسية.

يستشهد خبير المجاعات دي وال بحالة الجدل الواسعة التي اشتعلت على أعمدة الصحف الأميركية عام 1997، عندما عانت كوريا الشمالية من المجاعة، وكان محورها تساؤلا واحدا: هل ينبغي إغاثة كوريا الشمالية رغم نظامها الحاكم الشمولي؟ انقسم الصحفيون والباحثون إلى فريقين: الأول نادى بضرورة تقديم المساعدات الإنسانية بصرف النظر عن النظام الحاكم، في حين طالب الفريق الآخر بتجويع كوريا الشمالية حتى انهيارها، زاعمين أن المساعدات الغذائية ستتحول لدعم النخبة السياسية والجيش على حساب المدنيين.

ظل التساؤل بشأن مَن يستحق المساعدات؛ يتجدد مع كل أزمة، ففي عام 2011، عرقل الجدل السياسي وصول المساعدات إلى الصومال، ما أدى إلى تفاقم المجاعة وخسائر في الأرواح. هذا التوجه الرافض للمعايير الإنسانية، والذي يضع مصالح السلطة والسياسة فوق إطعام الجائعين وحماية المدنيين، هو نتاج تيار “مناهضة الإنسانية”، وهو فكرٌ سياسي وأيديولوجي يرفض مبدأ الإنسانية نفسه كقيمة عليا، ويُعد الاقتصادي البريطاني توماس مالتوس من أبرز رواده.

يشير أليكس دي وال إلى أن “أعداء الإنسانية” هؤلاء تُحركهم أيديولوجيا عنصرية ومتطرفة، ويعتقدون أن بعض الأرواح البشرية أدنى قيمة من غيرها، ولديهم بدورهم أهداف سياسية وعسكرية، ينظرون إليها على أنها أسمى قيمة من العمل الإنساني، وهي الأفكار التي عادة ما يبررون من خلالها السلوك السياسي والعسكري الذي لا يكترث لحياة الإنسان، ولهذا يحذر خبير دي وال من تنامي كراهية الأجانب والحركات القومية المتطرفة، معتبرا إياها نذيرًا بسياسات جديدة صانعة للمجاعات.

شاركها. فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن Tumblr البريد الإلكتروني رديت تيلقرام واتساب

مقالات ذات صلة

لماذا سارع جيش الاحتلال لطمأنة الإسرائيليين بعد هجوم القسام؟

دلالات هجوم القسام في خان يونس بعد خطة احتلال غزة

يصوغ روايات تُبنى على الأكاذيب المتقنة.. سلاح إسرائيلي جديد لإبادة غزة

هذا ما يخشاه الإسرائيليون من خطة احتلال غزة

رسالة وزير الداخلية السوداني للمتخوفين من العودة للخرطوم

بالفيديو.. تفاصيل إنزال التحالف الدولي شمالي إدلب

“مدارس الأزواج” في السنغال تهدف إلى تغيير الأدوار الجندرية | سياسة

كاتب إسرائيلي يدعو لإبرام صفقة أسرى لتفادي الانهيار

اجتماعات واشنطن تحيي آمال الأوكرانيين بانتهاء الحرب

اخر الاخبار

يحمل اليورو/الدولار الأمريكي حوالي 1.1650 مع إطلاق Markets US PMI

الخميس 21 أغسطس 6:58 م

لماذا سارع جيش الاحتلال لطمأنة الإسرائيليين بعد هجوم القسام؟

الخميس 21 أغسطس 6:57 م

ذا ماركر: اعتصام عائلات الأسرى يزلزل السوق الإسرائيلي

الخميس 21 أغسطس 6:56 م

باب الفرج في دمشق.. نافذة المدينة على الرجاء ومعلم ناطق بهندسة الهوية

الخميس 21 أغسطس 6:55 م

النصر يسخر من بنزيمة بعد تصريحاته بشأن رونالدو

الخميس 21 أغسطس 6:54 م

النشرة البريدية

اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.

اعلانات
Demo
فيسبوك X (Twitter) بينتيريست الانستغرام لينكدإن تيلقرام

السعودية

  • الرياض
  • المدينة المنورة
  • مكة المكرمة
  • المنطقة الشرقية
  • القصيم
  • الباحة

مال وأعمال

  • بورصة وشركات
  • بنوك واستثمار
  • سوق الفوركس
  • العملات الرقمية
  • عقارات
  • طاقة

دوليات

  • الإمارات
  • الكويت
  • مصر
  • المغرب
  • الولايات المتحدة
  • اوروبا

مواضيع هامة

  • تكنولوجيا
  • ثقافة وفنون
  • رياضة
  • سياسة
  • صحة وجمال
  • علوم وفضاء

النشرة البريدية

اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.

2025 © أيام جدة. جميع حقوق النشر محفوظة.
  • من نحن
  • سياسة الخصوصية
  • اتصل بنا

اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter