استخدمت أوكرانيا اليوم الأربعاء وللمرة الأولى صواريخ “ستورم شادو” البعيدة المدى التي زودتها بها بريطانيا، ويأتي ذلك بعد يوم واحد من استخدامها صواريخ “أتاكمز” الأميركية بعد حصولها على ضوء أخضر من الرئيس الأميركي جو بايدن.

وكانت هناك مؤشرات قوية على أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تستعدان لرفع القيود على استخدام أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى ضد أهداف داخل روسيا.

وتمتلك أوكرانيا بالفعل إمدادات من صواريخ ستورم شادو، لكن إطلاقها كان يقتصر على أهداف ومواقع للقوات الروسية داخل الحدود الأوكرانية.

ونحاول في السطور التالية التعرف على صواريخ ستورم شادو، والفرق الذي يمكن أن يحدثُه استخدامها في حرب أوكرانيا إذا قصفت بها كييف عمق الأراضي الروسية.

  • ما هو صاروخ ستورم شادو؟

ستورم شادو هو صاروخ بعيد المدى من إنتاج بريطاني فرنسي، يبلغ مداه الأقصى حوالي 250 كلم (155 ميلا)، ويسميه الفرنسيون “سكلاب”.

وكانت بريطانيا وفرنسا زودتا أوكرانيا بهذه الصواريخ بالفعل مع التشديد على عدم إطلاقها إلا على أهداف داخل حدود الأراضي الأوكرانية.

ويتم إطلاق هذا النوع من الصواريخ من الطائرات، ويطير بسرعة قريبة من سرعة الصوت، قبل أن يسقط على الهدف وينفجر رأسه الحربي الشديد الانفجار.

ويعتبر صاروخ ستورم شادو سلاحا مثاليا لاختراق المخابئ الصلبة ومخازن الذخيرة.

وتبلغ تكلفة الصاروخ الواحد 767 ألف دولار، لذلك يتم إطلاقه في إطار موجة مخططة بعناية تبدأ بالطائرات من دون طيار الأرخص بكثير، والتي يتم إرسالها أولا لإرباك واستنفاد الدفاعات الجوية للعدو قبل إطلاق الصاورخ، تماما كما تفعل روسيا مع أوكرانيا.

وقد أصابت هذه الصواريخ مقر البحرية الروسية في البحر الأسود في سيفاستوبول، وجعلت شبه جزيرة القرم بأكملها غير آمنة بالنسبة للبحرية الروسية.

ويقول المحلل العسكري والضابط السابق بالجيش البريطاني جاستن كرامب إن ستورم شادو كان سلاحا فعّالا للغاية لأوكرانيا، حيث ضرب بدقة أهدافا محمية بشكل جيد في الأراضي الأوكرانية المحتلة من قبل روسيا.

ويضيف “ليس من المستغرب أن تضغط كييف من أجل استخدامها داخل روسيا، لا سيما استهداف المطارات التي تستخدم لشن هجمات بالقنابل المنزلقة التي أعاقت مؤخرا جهود الخطوط الأمامية الأوكرانية”.

  • لماذا لجأت أوكرانيا لهذه الصواريخ الآن؟

تتعرض مدن أوكرانيا وخطوطها الأمامية لقصف روسي يومي، وتشكو كييف من أن عدم السماح لها بضرب القواعد التي تشن منها القوات الروسية هذه الهجمات، جعلها تخوض هذه الحرب بذراع واحدة والذراع الأخرى مقيدة خلف ظهرها.

ولدى أوكرانيا برنامجها الخاص والمبتكر والفعال للطائرات من دون طيار البعيدة المدى، لكنها لا تستوعب سوى حمولة صغيرة من المتفجرات، ويتم اكتشاف معظمها واعتراضها.

وتقول كييف إنه من أجل صد الضربات الجوية الروسية، فإنها تحتاج إلى صواريخ بعيدة المدى، بما في ذلك ستورم شادو وأنظمة مماثلة مثل صواريخ “أتاكمز” الأميركية، التي يبلغ مداها أكثر من 300 كيلومتر.

  • ما الفرق الذي يمكن أن يحدثه صاروخ ستورم شادو؟

يرى مراقبون أن استخدام الصاروخ المذكور لن يحدث فرقا كبيرا، فكييف ظلت تطالب بالسماح لها باستخدام الصواريخ الغربية البعيدة المدى منذ وقت طويل، وفي المقابل اتخذت روسيا بالفعل احتياطات لاحتمال رفع القيود.

ولذلك، نقلت موسكو القاذفات والصواريخ وبعض التجهيزات الأخرى بعيدا عن الحدود مع أوكرانيا وخارج نطاق مدى صواريخ ستورم شادو.

وكان معهد دراسات الحرب قد قال في وقت سابق إن حوالي 200 قاعدة روسية ستكون في نطاق مدى صواريخ شادو ستورم التي ستطلق من أوكرانيا.

ويقول جاستن كرامب إنه في وقت تطور فيه الدفاع الجوي الروسي لمواجهة خطر ستورم شادو في الأراضي التي تسيطر عليها موسكو داخل أوكرانيا، ستكون هذه المهمة أصعب بكثير بالنظر إلى نطاق الأراضي الروسية التي يمكن أن تتعرض الآن للهجوم.

وأضاف “هذا سيجعل تقديم الخدمات اللوجستية العسكرية والقيادة والسيطرة والدعم الجوي أكثر صعوبة، وحتى إذا انسحبت الطائرات الروسية بعيدا عن حدود أوكرانيا لتجنب التهديد الصاروخي، فإنها ستظل تعاني من زيادة في الوقت والتكاليف لكل طلعة جوية إلى خط المواجهة”.

وفي المقابل يعتقد ماثيو سافيل، مدير العلوم العسكرية في مركز أبحاث روسي، أنه من غير المرجح أن يحدث ستورم شادو فرقا كبيرا، فأوكرانيا ليس لديها الكثير من هذه الصواريخ، وبريطانيا ليست مستعدة لتقديم المزيد.

  • لماذا تردد الغرب في السماح لأوكرانيا بقصف العمق الروسي بصواريخه؟

ربما تكون الإجابة في جملة من كلمتين: خشية التصعيد. إذ تخشى واشنطن أن السماح لأوكرانيا بضرب أهداف في عمق روسيا بصواريخ قدمتها لها الدول الغربية قد يدفع موسكو إلى الانتقام.

وكان مبعث الخوف في البيت الأبيض هو أن المتشددين في الكرملين قد يصرون على أن هذا الانتقام يجب أن يكون بمهاجمة نقاط عبور هذه الصواريخ في طريقها إلى أوكرانيا، مثل بولندا.

كما أن القادة الروس صرحوا في أكثر من مناسبة بأن ضرب العمق الروسي بالصواريخ البعيدة المدى الغربية ستعتبره موسكو عدوانا على أراضيها من الدولة التي زودت أوكرانيا بهذه الصواريخ، وبالتالي يصبح من حقها قصف هؤلاء المزودين.

شاركها.
Exit mobile version