Published On 1/9/2025
|
آخر تحديث: 20:16 (توقيت مكة)
أعلنت السلطات في مالي اعتقال الدبلوماسي الفرنسي يان فيزيلييه، الذي يشغل منصب السكرتير الثاني في سفارة فرنسا بباماكو، متهمة إياه بالتجسس ومحاولة زعزعة الاستقرار خلال المرحلة الانتقالية.
وقد سارعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى التنديد بما وصفتها بـ”اتهامات بلا أساس”، مؤكدة أن فيزيلييه يتمتع بحصانة دبلوماسية بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وطالبت بالإفراج الفوري عنه، معتبرة أن الخطوة تمثل “انتهاكا خطيرا للقانون الدولي”.
فصل جديد من التوتر
يمثل هذا التطور حلقة جديدة في مسار التدهور الحاد للعلاقات بين البلدين منذ الانقلابين العسكريين في مالي عامي 2020 و2021.
فقد أقدمت السلطات الانتقالية على طرد السفير الفرنسي، وإنهاء التعاون العسكري مع باريس، وتعليق بث وسائل إعلام فرنسية، مع تعزيز علاقاتها السياسية والعسكرية مع موسكو.
ويرى مراقبون أن باماكو تسعى بهذه الخطوة إلى تأكيد سيادتها وتغذية خطاب مناهض للغرب، يحظى بتأييد شريحة من الرأي العام المحلي، بينما تعتبر باريس أن ما جرى “استفزاز غير مقبول” يقوض الأعراف الدولية التي تحمي البعثات الدبلوماسية.
أصداء إقليمية مقلقة
وتجاوزت تداعيات القضية الإطار الثنائي بين باريس وباماكو، لتثير قلقا متزايدا في الأوساط الدبلوماسية الإقليمية.
ففي أروقة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، يخشى بعض الأعضاء أن يؤدي التصعيد إلى مزيد من عزلة مالي، التي تخضع أصلا لعقوبات منذ الانقلابات العسكرية.
أما دول الجوار، فتحذر من أن القطيعة المحتملة مع فرنسا قد تعرقل التعاون الأمني الإقليمي، خاصة في مواجهة الجماعات المسلحة.
وفي المقابل، تنظر الأنظمة العسكرية في منطقة الساحل، مثل بوركينا فاسو والنيجر، إلى الحادث باعتباره رسالة تحدٍّ لباريس، تعزز خطابها السيادي المشترك.

مسارات الأزمة المحتملة
ويرى محللون أن مسار الأزمة قد يتخذ أحد 3 اتجاهات رئيسية، فإما أن ترضخ باماكو سريعا للضغوط الدولية وتفرج عن الدبلوماسي الفرنسي لتجنب مزيد من العزلة، أو تصر على إبقائه قيد الاحتجاز، وهو ما قد يدفع نحو قطيعة دبلوماسية كاملة مع باريس، أو تلجأ إلى حل وسط يتمثل في طرده عبر تسوية تفاوضية، وهو خيار قد يخفف حدة التوتر لكنه سيترك العلاقات بين البلدين في حالة جفاء طويل الأمد.
هشاشة النفوذ الفرنسي بالساحل
تكشف قضية فيزيلييه هشاشة الحضور الفرنسي في منطقة الساحل، في ظل صعود نفوذ قوى أخرى، وعلى رأسها روسيا.
ويرى محللون أن باماكو لا تسعى بالضرورة لإثبات وجود مؤامرة، بقدر ما توظف القضية لتعزيز شرعيتها الداخلية وترسيخ موقعها في خريطة التحالفات الدولية.