في حين توسّع المعارضة السورية المسلحة تمددها إلى حمص ودرعا، تتزايد التحركات الدبلوماسية والسياسية، حيث شهدت بغداد اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية العراق وسوريا وإيران، في محاولة لإيجاد حل يُتفق عليه.

وحول التطورات الميدانية، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي أن القيادة السورية في دمشق تواجه تهديدا متزامنا من جميع المحاور، واعتبر أن سيطرة المعارضة المسلحة على حمص، وهي مدينة لها أهمية إستراتيجية كبيرة، يعني محاصرة منطقة الساحل السوري، ما يفتح الطريق باتجاه العاصمة دمشق، خاصة في ظل الإمكانيات والقدرات التي بحوزة المعارضة السورية، والتي قال إنها تفوق الحسابات العسكرية.

وأشار العقيد الفلاحي إلى مشكلة أخرى تواجه الجيش السوري وربما تعجل بانهياره، وتتعلق بتراجع الدعم الروسي، حيث سحبت موسكو الأسطول الروسي الذي كان يتواجد في البحر الأبيض المتوسط، ودعت رعاياها إلى الخروج من سوريا.

وعن قصف الطائرات الحربية السورية والروسية لجسر الرستن في ريف حمص الشمالي، بغرض منع فصائل المعارضة من الوصول إلى حمص، أوضح العقيد الفلاحي أن الذي لا يجري لا قيمة له على المستوى العملياتي والإستراتيجي، لأن عمليات التنقل إلى حمص تجري من محاور ومن مناطق متعددة، ولا تستطيع القوة الجوية أن تقوم بضرب جميع المجموعات التي تنتقل إلى هذه المناطق، بالإضافة إلى أن الوضع الداخلي في مدينة حمص قد يكون مهيئا لاستهداف قوات الجيش.

ومن جهته، أكد الباحث في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور شفيق شقير -في حديث ضمن الوقفة التحليلية “مسار الأحداث”- أن حمص هي العازلة ما بين العراق ولبنان على وجه الخصوص، وهناك المليشيات العراقية من جهة، وحزب الله المتوجد في ريف حمص الغربية والقصير، وتساءل عن ما إذا كانت قوات المعارضة ستصل إلى هذا المناطق وتحصل اشتباكات مع تلك الأطراف، وفي السياق نفسه أشار إلى تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال فيه إن “هذه المرحلة ستدار بروية”.

ويُذكر أنه تزامنا مع التطورات الميدانية المتلاحقة في سوريا، شهدت العاصمة العراقية بغداد اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية العراق وسوريا وإيران. وقال العراق إنه يواصل جهوده الدبلوماسية لاحتواء الأزمة في سوريا، محذرا من تبعاتها.

ومن جهة أخرى، نقل موقع بلومبيرغ الأميركي عن مصدر مقرب من الكرملين تأكيده أنه “لا خطة لدى روسيا لإنقاذ الرئيس السوري بشار الأسد”، في ظل تسارع سيطرة قوات المعارضة السورية المسلحة على مناطق واسعة في البلاد.

ويرى الباحث في مركز الجزيرة للدراسات أن الموقف الروسي عبّر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي وصف الوضع في سوريا بالمُعقد، وقال الباحث إن لا أحد بات يراهن أو يستثمر أو يدافع عن الأسد، مشيرا إلى أن روسيا سعت في الفترة الماضية إلى إعادة تأهيله سياسيا، لكنها فشلت في ذلك.

مصالح أمنية

ومن جهته، أوضح العقيد الفلاحي أن روسيا وتركيا سعتا في الفترة الأخيرة لإيجاد تقارب ما بين تركيا وما بين قيادة الأسد، و”لكن التعنت الإيراني وتعنت الأسد في عملية التقارب أسفر عن النتيجة التي نراها أمامنا”، كما لفت العقيد الفلاحي إلى أن روسيا الحالية ليست هي روسيا التي كانت عام 2015 عندما تدخلت في سوريا، فهي تعاني مشكلة حقيقية مع الصواريخ الأوكرانية والأوروبية التي تطلق على الداخل الروسي.

كما أن روسيا تستفيد من دروس التاريخ، وترفض أن تتمسك برئيس فقد شرعيته بشكل كبير جدا، وبجيش يواجه عملية انهيار كبيرة، كما يضيف العقيد الفلاحي.

وحول ما تريده تركيا من التطورات الجارية في سوريا، قال الباحث في مركز الجزيرة للدراسات إن تركيا تقول إن “المعارضة تتجه إلى دمشق ونحن لن نتدخل ونضغط عليها، وسنترك الأمور تمضي إلى حيث تمضي”. وأشار إلى أن أردوغان يلقي بالمسؤولية على الأسد.

في حين يرى العقيد الفلاحي أن العملية الجارية في سوريا حققت مصالح أمنية كبيرة جدا لتركيا.

وكان الرئيس التركي قد أعرب عن أمله في أن يتواصل تقدم مقاتلي المعارضة في سوريا “من دون مشاكل”، معتبرا أن هدفهم العاصمة دمشق.

واتفق العقيد الفلاحي والدكتور شقير على أن إيران تدرك خطورة الموقف الذي تمر به، ولذلك تقوم بتحركات دبلوماسية من أجل إيجاد مخرج لحليفها الأسد.

أما بخصوص الموقف الإسرائيلي على ضوء ما قالته القناة الـ12 الإسرائيلية إن “الجيش الإسرائيلي هاجم مخازن أسلحة كيميائية في سوريا خشية وصول المتمردين إليها”، قال الباحث في مركز الجزيرة للدراسات إن إسرائيل تريد أن تكون سوريا “دولة عازلة بين إيران وبين كل المنطقة”، ومن جهة ثانية، فهي لديها مخاوف من فصائل إسلامية في حال حكمت المعارضة في سوريا.

شاركها.
Exit mobile version