بيزنس الثلاثاء 10:38 م

واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية– تصريحاته بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الجارية بقطر، مما يثير تساؤلات وتكهنات بشأن ما يسعى إليه هذا اليميني الأطول بقاء بالسلطة في تاريخ إسرائيل.

وقال نتنياهو إنه يوافق على صفقة التبادل فقط “إذا كانت جيدة” أما الصفقات السيئة فلن يقبل بها، متحدثا عن “ضرورة أن تُحكم غزة من قبل أشخاص لا يريدون تدمير إسرائيل”.

وتتزامن تصريحات نتنياهو مع ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن مصادر أميركية لعائلات الأسرى قولها إن الرئيس دونالد ترامب سئم من الحرب في غزة، لكن نتنياهو تمكن من كسب وقت إضافي.

وتركز المفاوضات بين وفدي المقاومة الفلسطينية وإسرائيل على الخرائط المقترحة لنشر القوات الإسرائيلية داخل غزة، في وقت يحاول فيه الوسطاء إيجاد حلول من شأنها سد الفجوات المتبقية، والحفاظ على زخم المفاوضات، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وقبل يومين، قال نتنياهو إنه وافق على مقترح المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، ثم النسخة التي اقترحها الوسطاء لإنجاز صفقة تبادل، زاعما أن حركة حماس هي التي رفضتهما، وأكد تمسكه بشرط إعادة الأسرى والقضاء على حماس.

ويبدو أن سيل التصريحات التي يطلقها نتنياهو مؤخرا ليس سوى ذرائع وتعبيرات وهمية عن مسألة الحكم العسكري وتهجير الغزيين، وفق حديث الباحث بالشؤون السياسية سعيد زياد لبرنامج “مسار الأحداث”.

وتمنح خرائط الانسحاب المعدلة سيطرة أمنية واسعة لإسرائيل خاصة على شارع صلاح الدين الذي يربط شمال قطاع غزة بجنوبه، وكذلك السيطرة على حياة الناس.

ورغم تراجع نسبة انتشار قوات الاحتلال في قطاع غزة من 36% إلى 28% خلال الهدنة المفترضة، فإن النسبة الجديدة تبقى منطقة جغرافية معزولة في الجنوب، وسيطرة عسكرية إسرائيلية على مناطق حيوية شمالي القطاع وشرقه.

وفي هذا السياق، ذكر موقع “أكسيوس” أن المفاوضين الإسرائيليين قدموا خرائط محدثة تتضمن تقليصا إضافيا لوجود الجيش في الجزء الجنوبي من القطاع.

وبموجب الخرائط الجديدة، ستبقى القوات الإسرائيلية في منطقة لا يتجاوز عرضها كيلومترين شمال محور فيلادلفيا على طول الحدود بين غزة ومصر.

لكن رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلال الشوبكي لا يرى في تصريحات نتنياهو تحولا دراماتيكيا، إذ لطالما تحدث عن وقف إطلاق نار مؤقت، ولم يستخدم أبدا عبارات دبلوماسية، بل ركز دائما على إعادة الأسرى ثم استئناف الحرب.

وينبع قلق نتنياهو من صفقة جزئية ضمن ترتيبات إقليمية تقودها الولايات المتحدة تفضي إلى واقع جديد، مما دفعه للاجتماع بوزيريه للأمن والمالية إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بغرض الطمأنة وإبقائهم في دائرة الاحتواء.

وبناء على هذا الوضع، تبدو إسرائيل مصممة على الذهاب نحو حكم عسكري يبقي آلية المساعدات المستحدثة التي تقودها “مؤسسة غزة الإنسانية” وكذلك إبقاء المليشيات يدا حاكمة جنوبي القطاع -وفق زياد- إلى جانب “المدينة الإنسانية” في رفح كجسر نحو التهجير.

وكذلك، وصل نتنياهو -بعد مرور أكثر من 21 شهرا على الحرب- إلى طريق مسدود بعد فشله في القضاء على حماس، مما يمهد لاختلاق ذرائع باتجاه “منطقة عازلة بالجنوب تمهيدا لتهجير الغزيين”.

موقف المقاومة

في المقابل، تنظر المقاومة الفلسطينية إلى أن “الوقت من دم” لكنها لا تريد صفقة بأي ثمن يمكن لإسرائيل الاستمرار في الحرب أو احتلال غزة وحكمها عسكريا، في وقت تعلم فيه أيضا أن إسرائيل لم تنتصر في حروب الاستنزاف تاريخيا.

وبين هذا وذاك، تقاتل المقاومة في الميدان مع اقتصاد في القوة -حسب زياد- ودفاع مرن لا يمنع قوات الاحتلال من التقدم، بل يكبدها أكبر قدر من الخسائر، مما يجعل الوقت أيضا من دم الاحتلال، كما يقول زياد.

وفي ضوء هذا المشهد، لن تقبل المقاومة بأي مسار لا يوقف الحرب وينظف غزة عسكريا من أي قوات إسرائيلية، في وقت تريد إسرائيل من المفاوضات تثبيت وقائع عسكرية عوضا عن الانسحاب إلى حدود اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي.

وفي هذا السياق، تؤكد كمائن المقاومة وضراوة الميدان أن الرؤى السياسية الإسرائيلية -بدخول غزة وفرض وقائع جديدة وبناء نظام إداري جديد- باتت أمرا غير ممكن، وفق الشوبكي.

ولكن هذا الارتباك الإسرائيلي في إدارة الحرب، على المستويين السياسي والعسكري، يفضي نهاية المطاف إلى خيار تهجير الفلسطينيين، حسب الأكاديمي الفلسطيني.

شاركها.
Exit mobile version