للمرة الأولى منذ فترة طويلة، بات الخوف من احتمال نشوب صراع آخر بين إسرائيل ولبنان أوضح من أي وقت مضى، كما أوردت الكاتبة أنشال فوهرا في مقالها التحليلي بمجلة “فورين بوليسي” الأميركية.

ولاحظت كاتبة العمود بالمجلة أن اللبنانيين بدؤوا في تخزين احتياجاتهم الأساسية، وشراء المواد الغذائية والوقود والحفاضات بكميات كبيرة.

ووضعت بعض الدول الغربية قواتها في حالة تأهب استعدادا لإجلاء رعاياها من لبنان، كما دعت أخرى مواطنيها إلى المغادرة بينما لا تزال الرحلات الجوية التجارية متاحة لمن يريد السفر.

وأشارت الكاتبة إلى أن المقاتلات الإسرائيلية ظلت تحلق على ارتفاعات منخفضة في المجال الجوي اللبناني، كاسرة حاجز الصوت ومحطمة النوافذ. بينما تذيع مسيرة إسرائيلية رسالة بالعربية تدعو فيها سكان بلدة بنت جبيل جنوب لبنان إلى الانقلاب على حزب الله.

وهناك إجماع في لبنان على أن اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل بات الاحتمال الأرجح أكثر من أي وقت مضى منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وفق المقال.

قد لا تكون الإستراتيجية الأفضل

غير أنه -حسب المقال- قد لا تكون الحرب الإستراتيجية الأفضل المتاحة أمام دولة الاحتلال، إذا كان الردع الدائم له هو هدفها.

ويجادل البعض بأن الوضع الذي كان سائدا مع حزب الله قبل طوفان الأقصى ربما كان السيناريو الأفضل لإسرائيل، فقد كانت معظم المناطق الحدودية هادئة منذ عام 2006، كما تعتقد الكاتبة.

وفي الوقت نفسه، كانت المعارضة لحزب الله داخل لبنان آخذة في الازدياد حيث أثار تحالفه مع إيران حفيظة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يُعد مواطنوه -بحسب المقال- من كبار المستثمرين في لبنان، كما أغضب الانفجار الهائل الذي تعرض له مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس/آب 2020 عامة الناس.

وبحسب المقال التحليلي، فإن إحدى الإستراتيجيات التي يدرسها الإسرائيليون الآن أن تقتصر هجماتهم على المناطق التي يسيطر عليها حزب الله جنوب لبنان، وإحدى ضواحي بيروت، ووادي البقاع. وهذا من شأنه -برأي الكاتبة- أن يعيق أكثر اقتصاد لبنان المنهار أصلا.

الخطة التي تردعه

ولكن يبقى الهدف الإستراتيجي الأساسي هو دفع أنصار الحزب من الشيعة نحو مناطق أخرى من البلد القائم على التوازنات الطائفية، مما ينذر بتفاقم التوترات الاجتماعية، طبقا للمقال الذي تضيف كاتبته أن الإسرائيليين يعتقدون أن هذه الخطة يمكن أن تردع حزب الله داخليا.

ونقلت الكاتبة عن عيران ليرمان نائب مستشار الأمن الإسرائيلي السابق القول “أشعر بالقلق تجاه الشيعة.. فهناك كثير من الناس لديهم حسابات يريدون تسويتها مع حزب الله منذ انفجار ميناء بيروت أو منذ مقتل أفراد من أتباع المذهب السني بالحرب السورية”.

وادعى ليرمان أن الإسرائيليين ليس لديهم أي شيء ضد الشعب اللبناني. وحتى لو اندلعت حرب واسعة النطاق، فإن إسرائيل ستحاول “عدم مهاجمة البنية التحتية اللبنانية، والبحث عن أشخاص يمكننا العمل معهم على الأرض” ويقصد بذلك أطرافا مناوئة لحزب الله في لبنان.

مدجج بالسلاح

وتزعم كاتبة المقال أن المعارضة لحزب الله، حتى بين شرائح من الشيعة، أضحت أعلى صوتا خلال السنوات الأخيرة في ظل انخفاض قيمة العملة اللبنانية، وغرق البلاد في أزمة اقتصادية، ومقتل أكثر من 200 شخص في الانفجار بمرفأ بيروت.

وتقول إنه لا يُعرف على وجه اليقين كيف سيكون رد فعل اللبنانيين عند مواجهة العدو الإسرائيلي، كما يعتقد بعض المحللين، مشيرة إلى أن إستراتيجية إسرائيل -القائمة على الاعتماد على المعارضة الداخلية والبحث عن حلفاء محليين- قد تنجح أو لا تنجح إذا احتشد اللبنانيون خلف الجماعة في تضامن وطني معها.

ومع ذلك، فإن الكاتبة تعزو السبب الأكبر الذي يحول دون تمرد اللبنانيين ضد حزب الله إلى أنه مدجج بالسلاح ولديه جيش “ملتزم” من الأنصار.

شاركها.
Exit mobile version