الدوحة- توصل عدد من الخبراء والباحثين في جلسة على هامش منتدى الدوحة اليوم السبت إلى أن لبنان، ورغم كل التحديات الكبيرة التي تواجهه، يبقى أمامه فرصة حقيقية وتاريخية لتحقيق التعافي والسير نحو الاستقرار وإعادة الإعمار، شرط الالتزام بالإصلاحات والتعاون مع المجتمع الدولي.

وخلال جلسة بعنوان “نحو الاستقرار في لبنان” نظمت ضمن أعمال منتدى الدوحة في نسخته الـ22 الذي انطلق اليوم في العاصمة القطرية، قال وزير البيئة اللبناني ناصر ياسين إن بلاده تملك الإمكانيات اللازمة للتعافي، “لكن النجاح يعتمد على قدرتنا على اتخاذ قرارات جريئة وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة”، مشيرا إلى أن أي حالة فشل الآن قد تستدعي خسارة لبنان ثقة المجتمع الدولي لسنوات طويلة.

وأشار الوزير اللبناني إلى أن المجتمع الدولي ينتظر من لبنان أن يقدم إشارات واضحة على التزامه بالإصلاح السياسي والاقتصادي، مؤكدا أن هذه الخطوة ستعيد الثقة وتجذب الاستثمار، وأن الحكومة تعمل على تسريع هذه العملية لتحقيق تقدم ملموس في أقرب وقت.

10 مليارات دولار

الجلسة التي أدارها رئيس تحرير مجلة فورين بوليسي رافي أغراوال، ناقشت باستفاضة ما يعانيه لبنان اليوم جراء العدوان الإسرائيلي الذي دمر على مدى أكثر من عام كل مرافق الحياة فيه، مما كبّد لبنان واقتصاده انهيارا يضاف لانهياراته السابقة.

وكشف وزير البيئة اللبناني في تصريح للجزيرة نت أن لبنان في حاجة ماسة الآن إلى 10 مليارات دولار بشكل عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، متوقعا دعما قطريا وسعوديا وعربيا خلال الفترة القادمة، من أجل البدء في عملية إعادة الإعمار، مشيرا إلى ضرورة الالتزام بتنفيذ آليات المساءلة والمحاسبة ومحاربة الفساد من أجل الحصول على مساعدات حقيقية.

وطالب ناصر ياسين بإجراء حوار داخلي لبناني لبناني صريح وشفاف بين الحكومة وكل القيادات والزعماء، وكذلك البدء بعملية مسح للأضرار والتحضير لعملية التعافي التي ربما تأخذ وقتا أكبر من المتوقع بحكم حجم الأضرار الكبيرة.

“على صفيح ساخن”

بدوره، يرى الدكتور بول سالم نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن أن لبنان اليوم يجلس على “صفيح ساخن”، وأن ما شهدته الأيام الماضية من الحرب العنيفة التي امتدت من الجنوب اللبناني وطالت مدنا ومناطق واسعة، لا يمكن أن تمر من دون أن تترك أثرا سلبيا طويل المدى، وذلك على الرغم من الأمل الكبير في إعادة بناء دولة لبنانية قوية ومتماسكة.

واستبعد سالم إمكانية “التخلص” من حزب الله في لبنان، مشيرا إلى أن الحزب قادر بشكل أو بآخر على بناء قيادات جديدة السنوات القادمة، لافتا إلى أن الوضع في لبنان مأساوي خاصة في الجنوب والبقاع الشمالي، وذلك مع نزوح نحو أكثر من مليون و200 ألف شخص.

وتوقّع نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن أن تتفق الأحزاب في لبنان على انتخاب رئيس جمهورية خلال الأيام القادمة، وذلك بعد فراغ المنصب منذ نحو عامي.

وعن الولايات المتحدة وما تشهده من مرحلة انتقال السلطة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، يرى الدكتور بول سالم أن فوز ترامب في الانتخابات يُعد مؤشرا على توجّه النظام العالمي، الذي بات يعتمد على أقطاب كل منها تعنيه مصلحته الخاصة، وهذا يعني أن لبنان خلال الفترة القادمة سيضطر لفتح آفاق أوسع في العلاقات مع الغرب وواشنطن، إضافة إلى علاقات أكثر جدية وواقعية مع المحيط الإقليمي.

وشدد سالم على أن الاستقرار في لبنان يتطلب من الحكومة اللبنانية عدم التركيز على التقرب من الغرب وواشنطن لحل المشكلات الداخلية، فربما يكون للقوى العالمية كأميركا والصين وروسيا وفرنسا دور في حل كثير من المشاكل، لكن التحرك والجهد الموجه للدول العربية يبقى له الدور والأهمية الأكبر.

الفسفور الأبيض

مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش لمى فقيه، أكدت أن الحرب الإسرائيلية على لبنان لم تكشف بعد عن خباياها والكوارث الناجمة عنها، كاشفة استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي الفوسفور الأبيض ضد المدنيين في لبنان بشكل كثيف، مما عرض المدنيين لخطر الإصابة بجروح خطيرة وطويلة الأمد.

وبينت لمى أن الفسفور الأبيض يعد سلاحا حارقا بموجب البروتوكول الثالث لاتفاقية حظر استخدام الأسلحة غير التقليدية. ويحظر هذا البروتوكول استخدام الأسلحة الحارقة ضد الأهداف العسكرية الواقعة بين المدنيين، لكن الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يوقع على الاتفاقية وغير ملتزم بها، قصف كثيرا من المدن اللبنانية بهذا السلاح الخطر والمحظور.

ودعت لمى أثناء الجلسة إلى ضرورة إجراء تحقيق “محايد” بشأن هجمات الفوسفور التي أنهكت لبنان، والتي لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنها حتى الآن، مشيرة إلى أن كل الدلائل واضحة ومثبتة وتم تسليمها إلى اللجان القانونية والقضائية الدولية.

شاركها.
Exit mobile version