يشير مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني إلى الوضع الحرج الذي يعيشه الجيش اللبناني في ظل الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي.

وينقل الموقع عن مصدر مقرب من القيادة العسكرية قوله “إنها تسير على حبل مشدود، فالجيش في تعامله مع الحرب يحتاج دائما إلى التأكيد أنه ليس متواطئا مع العدو الإسرائيلي ولا محايدا”.

ويقول الموقع “قبل أيام زار قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون رئيس مجلس النواب نبيه بري، لمناقشة كيفية الرد على العدوان الإسرائيلي”.

وفي تلك الزيارة -وفق مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني- أعادت السلطات السياسية اللبنانية تأكيدها لموقفها الثابت في ما يخص وجوب عدم مشاركة الجيش اللبناني في الحرب التي “تخوضها إسرائيل مع حزب الله اللبناني”.

وقالت مصادر مقربة من المؤسسة العسكرية إن هذا التأكيد لا يعني أن الجيش سيتراجع عن مواقعه في الجنوب باتجاه شمال نهر الليطاني، على بعد حوالي 30 كيلومترا من الحدود الإسرائيلية.

وذكرت مصادر للموقع البريطاني أن عون سحب بعض قواته من مراكز المراقبة على طول الخط الأزرق على الحدود بين لبنان وإسرائيل، وذلك بعد تعرضها للنيران الإسرائيلية، فقد قتلت غارة إسرائيلية جنديا لبنانيا باستهدافها موقعا عسكريا بعيدا نسبيا عن الخط.

وقتلت إسرائيل ما لا يقل عن 18 جنديا لبنانيا، 3 منهم بضربات مباشرة، أما البقية فكانوا ضحايا لغارات استهدفت منازلهم وقراهم، بالإضافة إلى 45 جريحا منذ تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

قدرات الجيش اللبناني

يعاني الجيش اللبناني من نقص الموارد ويعتمد اعتمادا كبيرا على الدعم الأجنبي في التسليح والتدريب. فمنذ عام 2006 في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، سعت الولايات المتحدة الأميركية وحكومات عربية وأجنبية حليفة لدعم الجيش لإعادة نشر قواته في الجنوب، تطبيقا لقرارات مجلس الأمن: 1559 و1680 و1701.

وعلى الرغم من قدراته المحدودة والضعيفة مقابل الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية المتطورة لإسرائيل، فإنه يظل -بحسب التقرير- مستعدا للرد في نطاق قدرته.

ورد الجيش الخميس الماضي على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف جنوده، وكانت هذه المرة الأولى التي يرد فيها على النيران الإسرائيلية منذ بدء الصراع قبل عام.

وقال مصدر عسكري لبناني إن غرفة عمليات الجيش تتابع التطورات على الأرض ساعة بساعة، وأضاف أن “القوات اللبنانية تنتظر الاجتياح البري الإسرائيلي جنوب لبنان وتعطي تعليمات للجنود والضباط المتمركزين في المنطقة”.

الثقة بالجيش

من جهته، قال السياسي المقرب من حزب الله والمؤسسة العسكرية محمد عبيد إن تجربة المؤسسة العسكرية في حرب عام 2006 لم تنجح، وإن الثقة بقدرة الجيش اللبناني على أن يصبح قوة لحفظ السلام في الجنوب تعتمد على كيفية تعامله مع الحرب الحالية على الأرض.

فالسؤال المطروح- بحسب عبيد- كيف يمكن للجنوبيين الوثوق بالجيش اللبناني لحمايتهم، إذا ما قرر سحب قواته من المعركة؟

أوضح عبيد أن هذه الحرب ستكون اختبارا للجيش لبث الثقة في النفوس حول قدرته الحقيقية في الدفاع عن سكان الجنوب، مؤكدا أن هذا لا يعني الدخول الشامل في الصراع لعدم قدرة الجيش على ذلك.

ولقد وصلت الثقة في الطبقة السياسية بلبنان إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد الانهيار الاقتصادي لعام 2019، فلم تتمكن الأحزاب من الاتفاق على رئيس جديد لمدة عامين، كما تشرف على البلاد حكومة تصريف أعمال ضعيفة.

ومع ذلك، تقول مصادر دبلوماسية إن الثقة الدولية بالجيش لا تزال قائمة إلى حد كبير، لأن تمويلها لا تسيطر عليه الحكومة اللبنانية، بالإضافة إلى المكانة الجيدة التي يتمتع بها عون مع الغرب.

جهود دبلوماسية

تتركز الجهود الدبلوماسية الدولية على تحييد الجيش اللبناني تماما من المعركة، وقالت مصادر دبلوماسية لميدل إيست آي إن اتفاقية شبه ضمنية سارية بالفعل مع واشنطن، الراعي الأكبر للجيش، لضمان عدم تورطه في الحرب، وفي غضون ذلك تضغط أميركا على إسرائيل لتجنب مهاجمته.

وفي داخل لبنان وعلى الصعيد الدولي، هناك حديث عن خارطة طريق لوقف إطلاق النار ستشمل الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنتشرة في الجنوب، كما كان الحال بعد حرب 2006، في ظل تكهنات بأن إسرائيل تعتزم إعادة احتلال أجزاء من الجنوب اللبناني ودفع حزب الله من الحدود.

وتتصور الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى أن المؤسسات الوطنية مثل الجيش هي التي ستشرف على مستقبل لبنان، مع أن حزب الله يعدّ الأقوى مقارنة بالجيش اللبناني.

ويرى كثيرون الجيش اللبناني حلًّا لإنهاء الصراع، إلا أنه ورقة قوة وضعف في آن واحد للشعب اللبناني.

شاركها.
Exit mobile version