كل ما كان يريده عمر الصغير في عيد ميلاده هو أن يعود والده إلى المنزل حاملا معه الدجاج لوجبة احتفالية بسيطة، ولكن مر عام تقريبا على اختفاء والده من حياته بعد أن اختطفته القوات الإسرائيلية، ولم تتحقق أمنية الطفل الغزي بعد.

وهكذا بدأ موقع “موندويس” الأميركي بسرد معاناة هبة (26 عاما) وأطفالها الثلاثة، يوسف (8 أعوام) وعمر (5 أعوام)، وياسمين (عامين)، بعد اختطاف زوجها محمود (30 عاما) في مارس/آذار 2024.

وقال التقرير إنه في خضم الكارثة الهائلة في غزة، غالبا ما تضيع قصص الأفراد في ثنايا الأخبار العاجلة والإحصاءات المدمرة، ولكن الواقع أنه في كل يوم، تبذل العائلات قصارى جهدها للصمود أمام حسرة فقدان الأحبة والتمسك بما تبقى من آثار الحياة الطبيعية، التي سلبها “التعطش الإسرائيلي للدماء”.

خبراء الأمن الغذائي يحذرون من مجاعة وشيكة شمال غزة

أمنية

وكان محمود يحاول شراء الدجاج لإطعام عائلته وسط جحيم القصف وشح الغذاء، بينما كانت هبة تعد وجبة بسيطة من البازلاء المعلبة لأطفالها حين وصلها الخبر الذي غير حياتها.

وبعد أن اختفى محمود وقبل أسابيع من عيد ميلاد عمر الخامس، تسللت رائحة الدجاج المطهي إلى خيمة العائلة من خيمة مجاورة، وأثارت خيال الطفل، خصوصا وأن كل ما تذوقه في الأسابيع الماضية كان الطعام المعلب الذي شارفت صلاحيته على الانتهاء، ومنذ ذلك الحين اختلطت أمنية عمر بتناول الدجاج بعودة والده سالما، وفق التقرير.

وقالت كاتبة التقرير رجاء محمد أن هبة أفضت لها بما يختلج في صدرها بعد زيارات الصحفيَة المتكررة لخيمة العائلة في المواصي جنوب القطاع، حيث تقطعت السبل بالغزيين وتراكمت عليهم الأهوال والمجاعة، ولا أمل حول الأم المهمومة سوى ما تراه من طفلها البريء الذي لا يفهم “معنى الحرب والظلم الجاثم على بلده.”

كابوس

وحاولت هبة إخفاء دموعها عن أطفالها وهي تتحدث عن صعوبات الحياة دون زوجها، وقاطع صوتها بين الفينة والأخرى طنين المسيرات الإسرائيلية ودوي القصف وصراخ الأطفال، وتساءلت بحرقة: “لماذا؟ لماذا أخذوه؟ متى سينتهي هذا الكابوس؟”.

وتكافح الأم لتوفير أساسيات الحياة لعائلتها بالرغم من منع القوات الإسرائيلية المساعدات من الوصول، وتحاول أن تبدو قوية ومبتهجة من أجل أطفالها، متشبثة بأمل أن تنتهي الحرب ويعود محمود على قيد الحياة من براثن “من لا يكترثون بحياة البشر”، حسب التقرير.

وقالت هبة إن أحلام ابنها بعودة والده وتناول الدجاج صغيرة، ولكنها شبه مستحيلة، وكثيرا ما تعود بأفكارها إلى الأيام التي سبقت الحرب، عندما كانت الحياة بسيطة وزوجها معها، وتحديدا استذكرت يوما في مارس/آذار 2023، حين اجتمعت العائلة الممتدة بأكملها على مائدة العشاء قرب البحر للاحتفال بعيد ميلاد عمر الرابع، وتشاركوا الطعام والنكات.

واقع مرير

أما الآن، مرت سنة على أمنية عمر، وسيبلغ السادسة من عمره بعد 3 أشهر، وما زال يتحدث عن والده كثيرا، ويعتقد هو وإخوته أن محمود سيعود إلى المنزل قريبا مع بعض الدجاج.

ومع توالي الليالي، تحاول هبة الصبر على واقعها وواقع أطفالها القاتم، وقلبها مثقل بألف خوف مكتوم، ولكنها أكدت لرجاء أنها ستواصل الكفاح، مهما كانت الصعوبات.

وقالت للكاتبة: “سأنجو، ليس لسهولة الأمر، ولكن لأن ذلك هو الخيار الوحيد، لدي أطفال وعلي حمايتهم، وحتى لو كنت أجهل ما سيأتي به الغد، أعلم أنني سأواجهه بكل ما أوتيت من قوة”.

شاركها.
Exit mobile version