واشنطن– مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، يبدي المرشحان الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية كمالا هاريس اهتماما كبيرا بالولايات المتأرجحة السبع، التي يُنظَر إليها على أنها حاسمة في تحديد هوية الفائز، إلا أن حملة هاريس الانتخابية باتت تركّز بشكل أكبر على ثلاث منها، هي بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسون، لاعتبارات تاريخية.

وشكّلت هذه الولايات تاريخيا جزءا مما يُطلَق عليه “حزام الصدأ”، حين صوتت 18 ولاية صناعية بها تجمعات ضخمة للطبقات العاملة للمرشح الديمقراطي في جميع الانتخابات الرئاسية الستة الأخيرة، منذ فوز الرئيس بيل كلينتون عام 1992 إلى فوز الرئيس باراك أوباما عام 2012.

وإذا فازت هاريس في ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا، بالإضافة إلى الصوت الانتخابي الوحيد في الدائرة الثانية في ولاية نبراسكا، فستصل إلى عتبة 270 صوتا انتخابيا في المجمع الانتخابي اللازمة للفوز بالبيت الأبيض، حتى لو خسرت الولايات الأربع الأخرى المتأرجحة، كارولينا الشمالية، وجورجيا، ونيفادا، وأريزونا.

لكن ترامب حقق مفاجأة ضخمة عندما فاز في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسون عام 2016 بهامش فوز ضيق، بلغ في الولايات الثلاث حوالي 78 ألف صوت، حيث اعتمد على دعم أصوات البيض من غير خريجي الجامعات، الذين يشكّلون أقل بقليل من نصف الناخبين في ولاية بنسلفانيا، وما يزيد قليلا على النصف في ولاية ميشيغان، وثلثي أصوات ناخبي ولاية ويسكونسن، وبعد أربع سنوات، استعادهم الرئيس جو بايدن.

يقول الخبير الإستراتيجي الديمقراطي جيمس كارفيل إن ما سماها ولايات “الجدار الأزرق” تظل اللبنة الأساسية التي لا غنى عنها لفوز هاريس، “إنها بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، وكل شيء آخر يمثل إضافة قليلة”.

تقارب الحظوظ

تتقارب حظوظ المرشحين في هذه الولايات بنسبة ضئيلة، من هنا لا يمر يوم دون وجود فعالية انتخابية لحملة كامالا هاريس وحملة دونالد ترامب في الولايات الثلاث.

من جانبهم، ينسق الحكّام الديمقراطيون لهذه الولايات الثلاث، جوش شابيرو حاكم بنسلفانيا، وجريتشن ويتمير حاكمة ميشيغان، وتوني إيفرز حاكم ويسكونسون، جهودهم لتفوز هاريس بالولايات المهمة، ويقومون بحملات ترويج لهاريس في حافلة تمر عبر الولايات الثلاث.

ونظرا للتركيبة السكانية المتغيرة مع هجرة مئات الآلاف من سكان هذه الولايات بحثا عن فرص عمل، وتدهور الوضع الاقتصادي فيها مع زيادة معدلات الفقر، فإن هذه الولايات الثلاث دفعت بالكثير من المعلقين لاعتبار نتائجها الانتخابية محددة لهوية الرئيس القادم.

ومن أجل هذا، تقضي حملتا هاريس وترامب الكثير من الوقت في توسيع وجودهما على الأرض داخل هذه الولايات، وترتب على ذلك زيارات متكررة لهما ولنائبيهما، جي دي فانس، وتيم والز كذلك.

صوت مسلم مؤثر

وتُعَد ميشيغان أكثر احتمالا للتصويت لترامب، بسبب غضب الأقلية العربية والمسلمة في الولاية من موقف هاريس تجاه غزة، إضافة لتصوير ترامب الانتقال المدعوم من إدارة بايدن-هاريس نحو السيارات الكهربائية على أنه تهديد لصناعة السيارات المحلية والوظائف المرتبطة بها.

وفي ميشيغان، التي لها 15 صوتا في المجمع الانتخابي، يحتفظ ترامب بأضيق تقدم له بنسبة تبلغ 1.3%، وفقا لمتوسط أغلب الاستطلاعات خلال الشهرين الأخيرين.

وفار بايدن بالولاية عام 2020 بفارق 154 ألف صوت، أي بنسبة 2.7%، في حين فاز ترامب في انتخابات عام 2016 بفارق 11 ألف صوت، أي ما نسبته 0.04% فقط، وصوّت في انتخابات 2020 ما يقرب من 206 آلاف ناخب مسلم، وهو ما يمنحهم القدرة نظريا على ترجيح كفة مرشح على آخر.

ولا يزال الديمقراطيون قلقين من أن الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين لن يصوتوا لهاريس بسبب الإحباط من دعم إدارة بايدن لإسرائيل مع استمرار العدوان على قطاع غزة ولبنان بعد أكثر من عام من هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وميشيغان هي موطن لما يقرب من 400 ألف من الأميركيين العرب، وفقا للمعهد العربي الأميركي.

وقرر أغلب المصوتين العرب عدم تأييد مرشح في السباق الرئاسي، ووضعت حملة “التخلي عن هاريس” دعمها وراء محاولة مرشح حزب الخضر جيل شتاين.

وردا على سؤال حول كيفية إقناع الناخبين العرب بدعم هاريس، قالت ويتمير، حاكمة الولاية، إن هاريس هي المرشحة الوحيدة الملتزمة بإيجاد حلول لهذه الأزمة.

وفي ولاية بنسلفانيا، التي لها 19 صوتا في المجمع الانتخابي، يتساوى المرشحان، وفيما سبق فاز بايدن بالولاية بفارق 80 ألف صوت، أي ما يقرب من 1% عام 2020، في حين فاز ترامب عام 2016 بفارق 68 ألف صوت، أي ما نسبته 1.2%، ولم يفز أي ديمقراطي بالرئاسة بدون ولاية بنسلفانيا منذ عام 1948.

وقد استثمرت كلتا الحملتين بكثافة في الولاية، حيث ضخت أكثر من 500 مليون دولار بشكل جماعي في الإنفاق على الإعلانات التلفزيونية، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، وصوّت ما يقرب من 168 ألف ناخب مسلم من الولاية في انتخابات 2020.

أما ولاية ويسكونسون، ذات المقاعد العشرة في المجمع الانتخابي، فيتقدم ترامب فيها بفارق 1% في متوسط استطلاعات الرأي، في حين سبق أن فاز بها بايدن عام 2020 بفارق 20 ألف صوت، أو ما نسبته 0.07%، وفاز بها ترامب عام 2016 بفارق 27 ألف صوت، أي ما يقرب من 1% فقط، وقد صوت ما يقرب من 22 ألف ناخب مسلم في انتخابات 2020، طبقا لبيانات مؤسسة إيماج النشطة في مجال تسجيل الناخبين المسلمين.

شاركها.
Exit mobile version