تمكن باحثون من الجمعية الكيميائية الأميركية من إيجاد دلائل على أن الألغام البحرية التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية قبل أكثر من 80 عاما مازالت قادرة إلى الآن على تلويث البحار والمحيطات وتحقيق قدر واسع من الضرر.

وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية “إنفيرونمنتال ساينس آند تكنولوجي”، فإنه لإزالة الألغام البحرية من قاع المحيط عادة ما يقوم الباحثون بإجراء تفجيرات متحكم بها، لكن حتى هذه التفجيرات تضر الحياة البحرية بشكل كبير عبر مخلفاتها السامة.

وإلى جانب ذلك، كشف الباحثون أن هذه التفجيرات كانت قادرة على دفع الرواسب إلى الأعلى والإخلال بنمط حياة الكائنات التي تعيش في تلك الرواسب.

تفجير الألغام

وللتوصل إلى تلك النتائج، حدد الباحثون مجموعة من الألغام قرب طريق شحن مزدحمة قبالة سواحل الدانمارك، ثم قاموا بتفجيرها، وفي أثناء ذلك فحصوا التركيب الكيميائي للمياة والرواسب في قاع المحيط، ووجدو أنها قد لوثت بمستويات عالية من المواد السامة مثل “ثلاثي نترو التولوين”، وهي المادة المتفجرة الأساسية في تلك الألغام.

ووجدت الدراسة أن الرواسب بعد الانفجارات القوية احتوت على ما يصل إلى 100 مليون ضعف من مادة “ثلاثي نترو التولوين”، وهذا يتجاوز المستويات التي أُبلغ من قبل بأنها سامة بالنسبة لكائنات مثل الطحالب الدقيقة وقنفذ البحر والأسماك.

ويقدر عدد ما تم إلقاؤه من الألغام البحرية في بحر البلطيق فقط إبان الحرب العالمية الثانية ما يصل إلى 385 ألف طن متري من الذخائر، بما في ذلك 40 ألف طن من الذخائر الكيميائية، بحسب بيان صحفي رسمي من الجمعية الكيميائية الأميركية.

ما الذي تفعله الحروب بالبيئة؟

تأتي تلك الدراسة في سياق مهم، وهو الحرب الحالية العنيفة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على غزة، فإلى جانب قتل الآلاف من الأبرياء كل يوم في القطاع من أطفال ونساء ورجال عزل، فإن ما تفعله الحرب بالبيئة أمر أكثر قسوة مما نظن، ويستمر أثره لعقود.

فلا يقف الأمر فقط على تلويث مياه البحر عبر القذائف وعادم السفن وحركتها في المياة، بل تدمر الحرب الحياة البرية والتنوع البيولوجي عن طريق قصف أو حرق أو تسميم الموائل الطبيعية والنظم البيئية، الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى التصحر وإفقاد التربة خصوبتها.

كما تؤدي الحرب إلى تلوث المياه والتربة والهواء بالمواد السامة، وتنتشر المركبات الناتجة عن المتفجرات (مثل ثلاثي نترو التولوين) والمواد الكيميائية والمواد المشعة والعوامل البيولوجية وعوادم المركبات القتالية التي تستهلك قدرا هائلا من الوقود، والتي يمكن أن تضر بصحة الإنسان والبيئة لأجيال عديدة.

أما عن نفايات الحرب فإنها قد تبقى لسنوات بعد المعارك، وهي بدورها مواد سامة ضارة بالبيئة والإنسان، ولا يسهل التخلص منها، خاصة وأن البنية التحتية ومنظومات التعامل مع النفايات يتم تدميرها أثناء الحرب.

شاركها.
Exit mobile version