تتميز نباتات الشاي بوجود أحماض أمينية فريدة تسهم في إعطاء مشروب الشاي مذاقا مميزا وقيمة غذائية، خاصة عند وجود هذه الأحماض بمستويات عالية. والأحماض الأمينية ليست مسؤولة فقط عن مذاق الشاي وفوائده الصحية ولكنها أيضا ضرورية لنمو النبات.
ورغم أهمية الأحماض الأمينية مثل الثيانين والغلوتامين، فإن الديناميكيات التفصيلية لتخليقها ونقلها وتحليلها في نباتات الشاي ما زالت غير واضحة، إلا أن دراسة حديثة قام بها باحثون من جامعة هونان الزراعية في الصين ونشرت في مجلة “هورتيكالشر ريسيرش” كشفت عن أسرار عملية التمثيل الغذائي للأحماض الأمينية في نباتات الشاي.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة عن الدور المهم لامتصاص النتروجين في أنسجة الجذور ونقل الأحماض الأمينية الرئيسية لمسافات طويلة إلى الأوراق.
سر الشاي الدفين
وفى تصريح لـ “الجزيرة نت” عبر البريد الإلكتروني، قال جيان تشاو الباحث الرئيسي بالدراسة والخبير بالمختبر الرئيسي لعلوم الشاي بجامعة هونان، إن “هذا البحث يحاول بشكل أساسي توضيح التركيزات المختلفة للأحماض الأمينية الرئيسية الموجودة في أوراق الشاي عند استخدام أكثر من سماد نتروجيني مختلف”.
ويضيف تشاو أن “الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع مستوى حمض الثيانين في الأوراق، وانتقال الأحماض الأمينية من الجذور إلى الأوراق، وتنوع تركيزات الأحماض الأمينية ما زالت محل نقاش علمي”.
ويوضح تشاو أن الأحماض الأمينية يتم نقلها من جذور نبات الشاي إلى البراعم في صورة أحماض الأرجنين والغلوتامات، مضيفا أن هناك دور قوي للنتروجين في تخليق حمض الثيانين وهو أهم حمض أميني مسؤول عن المذاق في الشاي، يقول تشاو: “لذا فإن هذا الاكتشاف يساعد في استخدام أساليب زراعية مختلفة لتحسين نكهة الشاي وجودته وفوائده الصحية”.
وبينت الدراسة الجديدة أن امتصاص النتروجين يحدث أساسا في الجذور، حيث يتم تصنيع أحماض الغلوتامين والأرجنين والثيانين بشكل نشط، ثم يتم نقل هذه الأحماض الأمينية من خلال الجهاز الوعائي للنبات.
خط سير طويل لمركبات صغيرة جدا
وحاولت الدراسة فهم ديناميكيات تخليق هذه الأحماض الأمينية وانتقالها داخل النبات، وسلوك الجينات التي تتحكم في هذه العمليات. ومن خلال فهم آليات التخليق والانتقال هذه يهدف الباحثون إلى تحسين زراعة الشاي وتعزيز جودة مشروباته.
ورصدت الدراسة نظاما متطورا لتمثيل ونقل الأحماض الأمينية داخل النبات، حيث إن الجينات المشاركة في تخليق الأرجنين يتم التعبير عنها بشكل كبير في الجذور، بينما يتم التعبير عن الجينات المسؤولة عن نقل الأرجنين وتحللها في السيقان والأوراق الصغيرة.
كما أظهرت نتائج الدراسة أن التعبير الجيني المفرط “للجين المُخَلِق للأحماض الأمينية” في نباتات الشاي المعدلة، له تأثير كبير على مستويات أحماض الغلوتامين والثيانين، مقارنة بنباتات الشاي البرية غير المعدلة وراثيا. وتم العثور على النسخ العديدة لهذا الجين في خلايا الجذر، والأنسجة الوعائية للجذور والساق والأوراق، والنسيج الأوسط للأوراق.
فوائد الشاي الصحية
ويسهم الثيانين والأحماض الأمينية الأخرى في إعطاء المذاق اللذيذ لمشروبات الشاي وتوفير العديد من الفوائد الصحية، مثل تحسين الحالة المزاجية وتحسين الإدراك والحماية العصبية، بالإضافة إلى تأثير الشاي المضاد للالتهابات واحتوائه على مضادات الأكسدة.
ويمثل محتوى الأحماض الأمينية الإجمالي في الشاي أحد أهم معايير الجودة، فكلما زاد إجمالي محتوى الأحماض الأمينية في أوراق الشاي، كانت جودته وفوائده الصحية أفضل.
وأيضا من المهم الاهتمام بالمعاملات الزراعية والتصنيعية الأخرى، فزراعة نبات الشاي في أماكن شديدة الحرارة يؤثر بالسلب على تمثيل وجودة الأحماض الأمينية بالشاي، كما أن طريقة تجفيف الأوراق بعد الحصاد تؤثر أيضا على جودة الأحماض الأمينية.
وأمكن تطبيقيا في هذه الدراسة زيادة الثيانين والأحماض الأمينية في أوراق نبات الشاي عن طريق استخدام أسمدة نتروجية، حيث زادت كمية الثيانين وأحماض الغلوتاميك والغلوتامين والأرجنين عند تغذية جذور نبات الشاي على الأمونيوم.
وفي تصريحه لـ “الجزيرة نت” علق تشاو قائلا إن نتائج هذه الدراسة قد تساعد على فهم مسارات تمثيل النتروجين في نباتات الشاي وعلاقتها بتخليق الثيانين وتركيزه داخل الأوراق، الذي يعد أهم حمض أميني مسؤول عن المذاق في مشروب الشاي، خاصة عند وجوده بتركيزات كبيرة.