أظهرت دراسة جديدة أن الحيوانات المهاجرة تحسّن سلوكها مع تقدمها في السن، مما يشير إلى أن التعلم التجريبي جزء مهم من الهجرة الناجحة. وقال الباحثون في الدراسة التي نشرت يوم 4 مارس/آذار الجاري في مجلة “بروسيدينغز أوف ذي ناشيونال أكاديمي أوف ساينس”: إن علم الوراثة والسلوك الاجتماعي هما عاملان مهمان في تشكيل هجرة الحيوانات، إلا أن المعلومات المكتسبة من خلال الخبرة الفردية للحيوان يبدو أنها تساعد أيضا في تشكيل حركات الهجرة.

ويقصد بالأنواع المهاجرة تلك التي تسافر كل عام من أجل التكاثر والبحث عن الغذاء، وتعبُر في سبيل ذلك البحار والقارات، وتقطع أحيانا آلاف الأميال. وتلعب الأنواع المهاجرة دورا رئيسيا في الحفاظ على النظم البيئية العالمية، وغالبا ما تشارك في تلقيح النباتات ونقل العناصر الغذائية الأساسية، وتفترس الآفات، وتساعد في تخزين الكربون.

الذاكرة المكانية للطيور

وتوضح المشاركة في الدراسة إلين أيكنز -وهي أستاذة مساعدة في كلية البيئة والموارد الطبيعية بجامعة وايمنغ الأميركية- أن الأنواع المهاجرة -وخاصة الطيور- قادرة على ممارسة الملاحة الحقيقية والتي تعرف على أنها القدرة على العودة إلى وجهة معروفة بعد الانتقال إلى مكان غير معروف دون الاعتماد على محيط مألوف أو إشارات تنبع من الوجهات، أو المعلومات التي تم جمعها في أثناء الرحلات بعيدا عن الموائل.

وتضيف أيكنز في حديث مع “الجزيرة نت” أن الطيور تكتسب المزيد من الخبرة مع طول ترحالها وتقدمها في السن الذي يعوقها في مرحلة متقدمة من العمر عن استكشاف أماكن جديدة، ومن ثم تلجأ إلى الاعتماد على الخبرات السابقة من رحلاتها لاختيار طرق أقصر لبلوغ الموائل أو أماكن الغذاء والتكاثر.

وتشير الباحثة إلى أن الحركة السريعة لهذه الكائنات تؤدي إلى إنفاق المزيد من الطاقة في أثناء رحلة الهجرة، وهو السبب الرئيسي الذي يدفعها إلى تكوين ما يعرف بالذاكرة المكانية المكتسبة من تكرار الرحلات لمساعدتها على قطع الطريق في وقت أقصر خلال هجرات الربيع.

تقنية تتبّع متطورة

وتضمنت الدراسة تتبّعا متطورا تقنيا لأكثر من 250 طائر لقلق أبيض منتشرة في خمس مناطق تكاثر في جنوب ألمانيا والنمسا بين عامي 2013 و2020. ولم تحدد بيانات التتبّع التي جمعها الباحثون مسارات هجرة طيور اللقلق فحسب، بل قامت أيضا بقياس توقيت ووتيرة هجرة طيور اللقلق الفردية بالإضافة إلى تقدير كمية الطاقة المستخدمة في أثناء الطيران.

ووجد الفريق أنه بينما تأخذ طيور اللقلق الصغيرة وقتها في استكشاف أماكن جديدة أثناء الهجرة، فإن هجراتها تصبح أسرع مع تقدم العمر.

ويقول الباحثون إن طيور اللقلق الفردية قامت بتقويم مسارات هجرتها بشكل تدريجي لإيجاد طرق أكثر مباشرة للتنقل بين الوجهات في أثناء هجرة الربيع إلى مناطق التكاثر والتعشيش في الصيف، ويمكن أن يكون لهذه النتائج آثار على مجموعة متنوعة من الأنواع الأخرى من الحيوانات المهاجرة، وفقا للبيان الصحفي المصاحب للدراسة.

ويشير الفريق البحثي إلى أنه رغم تجاهل المعلومات إلى حد كبير باعتبارها عملة تشكل سلوك الهجرة، فإن الحصول على المعلومات واستخدامها لتحسين سلوك الهجرة بشكل تدريجي من خلال التعلم يمكن أن يلعب دورا مهما في توفير الطاقة والوقت.

شاركها.
Exit mobile version