تشير دراسة جديدة إلى أن ظاهرة إل نينيو ربما ساعدت في نشوء وانتشار سلالة جديدة من الكوليرا خلال جائحة في أوائل القرن الـ20، وهذا يدعم فكرة أن الشذوذ المناخي قد يخلق فرصا لظهور سلالات جديدة من الكوليرا.
ومنذ عام 1961، توفي أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم في موجة جائحة الكوليرا السابعة التي حدثت منذ عام 1817.
وتشمل أهم أعراض مرض الكوليرا الإصابة بإسهال حاد يمكن أن يقتل في غضون ساعات إذا تُرك المريض بدون علاج.
ووفقا لنتائج الدراسة التي نشرت في الأول من أغسطس/آب في مجلة “بلوس نجلكتد تروبيكال ديزيزس”، فإن دوافع ومحفزات انتشار أوبئة الكوليرا السابقة لم تكن واضحة، لكن إحدى الفرضيات تقول إن الظروف المناخية الشاذة قد تعمل بشكل تآزري مع التغيرات الجينية لـ”ضمة الكوليرا” (البكتيريا التي تسبب المرض) لتسهيل انتشار وهيمنة سلالات جديدة.
بيئة مواتية للكوليرا
ويوضح المؤلف الرئيسي للدراسة “خافيير رودو” -الأستاذ الباحث في معهد الصحة العالمي في برشلونة بإسبانيا- في تصريح “الجزيرة نت” أن الفريق حلل سلالات منتشرة خلال جائحة أوائل القرن الـ20 في الهند، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أنه يرجح أن حدث إل نينيو ساعد في خلق بيئة مواتية لانتشار الكوليرا من خلال تحفيز الظواهر المناخية المتطرفة مثل درجات الحرارة غير العادية وهطول الأمطار.
وإل نينيو هي ظاهرة مناخية تحدث خلال فترات تتراوح بين 4 و12 عاما في المحيط الهادي وتؤدي إلى دفء مياهه، وهو ما قد يتمخض عن موجات جفاف وحر لافح في آسيا وشرق أفريقيا وهطول أمطار غزيرة وفيضانات في أميركا الجنوبية.
ويضيف “رودو” في تصريحه لـ”الجزيرة نت” أن “البيئة ربما ساعدت في خلق ونشر سلالة جديدة من بكتيريا ضمة الكوليرا، التي اكتشفها لأول مرة عالم الأحياء الدقيقة الألماني روبرت كوخ عام 1884، والتي تسببت في مرض منقول بالمياه. وكشفت النتائج أن أنماط وفيات الكوليرا تزامنت مع درجات الحرارة الموسمية غير العادية وهطول الأمطار الناجمة عن ظاهرة إل نينيو في الفترة من 1904 إلى 1907”.
وكانت جائحة الكوليرا خلال الفترة من 1899 إلى 1923 هي الحدث السادس منذ الأول في عام 1817، وقد وصف المؤرخون هذا الحدث بأنه كان مميتا بشكل خاص في الهند والجزيرة العربية وشمال أفريقيا. وفي عام 1900، تم الإبلاغ عن 700 ألف حالة وفاة غير مسبوقة في مقاطعات مختلفة في جميع أنحاء الهند، والتي كانت آنذاك تحت الحكم البريطاني.
تحليل النماذج المناخية
ربط الباحثون توقيت هذه الأحداث المناخية غير العادية بتطور سلالة غازية جديدة، صاحبها ارتفاع حاد للغاية في حالات الوفاة بين سكان الموانئ في كلكتا بالهند. بالإضافة إلى ذلك، حلّل الفريق أيضا الظروف المناخية السابقة وبيانات الكوليرا الخاصة بجائحة “إل تور” المستمرة، والتي بدأت في عام 1961.
ووجد المؤلفون أن الظروف المناخية في الماضي تحمل أوجه تشابه مع أحداث إل نينيو القوية التي ارتبطت بتغييرات في سلالات الكوليرا (سلالات جديدة تحل محل السلالات السائدة) خلال الوباء السابع المستمر. وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإنه في كل عام هناك 1.3 إلى 4.0 ملايين حالة إصابة بالكوليرا، و21 ألفا إلى 143 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء العالم بسبب الكوليرا.
واستخدم الباحثون مجموعة متنوعة من الأدوات الإحصائية والحسابية على السجلات التاريخية للظروف المناخية ووفيات الكوليرا في مناطق مختلفة من الهند البريطانية خلال جائحة الكوليرا السادسة، ثم استكشف الباحثون الاحتمالات المستقبلية لظهور سلالات جديدة من الكوليرا بسبب المناخ باستخدام نماذج التنبؤ بالمناخ، وفقا للبيان الصحفي الذي نشرته منصة مجلات “بلوس” تقديما للدراسة على “يوريك آلارت”. ووجدوا أن الزيادات الناجمة عن تغير المناخ في التقلبات المناخية والظواهر المتطرفة يمكن أن تعزز فرص ظهور سلالات جديدة حتى نهاية القرن الحالي.