أدى انقراض جماعي كارثي قبل 252 مليون سنة إلى القضاء على معظم أشكال الحياة الحيوانية على الأرض، بسبب الانفجارات البركانية الضخمة التي أطلقت 100 ألف مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون، وفقا لنتائج دراسة حديثة، نُشرت يوم 11 مارس في مجلة “فرونتيرز إن إيرث ساينس”.
وكشفت الدراسة أن متوسط درجة حرارة الهواء السطحي على الأرض ارتفع بنحو 10 درجات مئوية بعد الانقراض، في حين نجا العديد من النباتات. واستخدم الباحثون جراثيم نباتية متحجرة ونماذج مناخية متقدمة لتقدير ارتفاع درجات الحرارة العالمية بعد الكارثة.
وفي تصريح للجزيرة نت، قالت المؤلفة الرئيسية للدراسة “مورا برونيتي” – الباحثة الأولى بمجموعة الفيزياء التطبيقية ومعهد العلوم البيئية، جامعة جنيف، في سويسرا، “بينما لا توفر الجراثيم وحبوب اللقاح النباتية المتحجرة من العصر الترياسي المبكر دليلا قويا على فقدان مفاجئ وكارثي للتنوع البيولوجي، فقد شهدت الحيوانات البحرية والبرية أكبر انقراض جماعي في تاريخ الأرض. لقد كان على الحياة على الأرض أن تتكيف مع التغيرات المتكررة في المناخ ودورة الكربون لملايين السنين بعد حدود العصر البرمي-الترياسي”.
انفجارات بركانية ضخمة
حدث الانقراض الجماعي في نهاية العصر البرمي، حين أدت الانفجارات البركانية الضخمة إلى إطلاق كمية ضخمة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما أدى إلى اضطراب المناخ ودورة الكربون.
أدى ذلك إلى احترار عالمي شديد، ونقص الأكسجين في المحيطات، وانهيار العديد من النظم البيئية. ومع ذلك، تشير الأدلة الأحفورية إلى أنه في حين انقرض العديد من أنواع الحيوانات استمرت النباتات في الازدهار.
“لإعادة بناء المناخ القديم، حللنا حفريات نباتية من 5 مراحل جيولوجية رئيسية تمتد من العصر البرمي المتأخر إلى العصر الترياسي الأوسط”، كما أوضحت “برونيتي” في تصريحاتها للجزيرة نت.
وقام الفريق بتصنيف الأجناس النباتية إلى 6 مناطق بيئية رئيسية وقارنوها بنماذج مناخية لاستنتاج التغيرات في درجات الحرارة. وكشفت النتائج عن تباين حاد بين مناخ العصر البرمي البارد والبيئة الترياسية الأكثر حرارة بكثير.
خلال العصر البرمي، كان مناخ الأرض باردا نسبيا، حيث كانت الصحاري تهيمن على المناطق الاستوائية، وكانت النباتات المشابهة للتندرا تظهر في خطوط العرض الأعلى، لكن بعد الانقراض الجماعي، شهد العصر الترياسي المبكر تقلبات مناخية غير متوقعة جعلت من الصعب تشكيل نُظم بيئية مستقرة.
ومع ذلك، استقر العصر الترياسي اللاحق عند درجات حرارة أعلى بكثير، حيث انتقلت المناطق البيئية الاستوائية والمعتدلة نحو القطبين، وتوسعت الظروف الصحراوية في المناطق الاستوائية.
وتوضح الباحثة “يتميز هذا الانتقال من الحالة المناخية الباردة إلى الحالة الأكثر سخونة بزيادة تبلغ حوالي 10 درجات مئوية في متوسط درجة حرارة سطح الأرض العالمية، وتكثيف دورة المياه.
ظهرت المناطق البيئية الاستوائية الرطبة في المناطق الاستوائية، لتحل محل المناظر الطبيعية الصحراوية السائدة سابقا. وفي الوقت نفسه، انتقلت المنطقة البيئية الدافئة والمعتدلة نحو المناطق القطبية، مما أدى إلى الاختفاء التام لأنظمة التندرا البيئية”.

منظور لدراسة المناخ الحديث
وفقا للباحثة، توفر الدراسة منظورا مهما حول تغير المناخ في العصر الحديث، في سياق احترار عالمي قائم بالفعل.
ويحذر الباحثون من أنه إذا استمرت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الارتفاع بالمعدل الحالي، فقد يصل البشر إلى مستوى انبعاثات الغازات الدفيئة نفسه، التي تسببت في الانقراض الجماعي للعصر البرمي-الترياسي في غضون 2,700 عام.
وعلى عكس التراكم البطيء لانبعاثات البراكين القديمة، فإن استهلاك الوقود الأحفوري اليوم يدفع التغير المناخي بسرعة غير مسبوقة.
وأضافت “برونيتي” أنه يمكن ربط التحول في الغطاء النباتي بآليات تحول بين الحالات المناخية المستقرة، مما يوفر إطارا محتملا لفهم الانتقال بين العصر البرمي والترياسي. ويمكن استخدام هذا الإطار لفهم سلوك نقاط التحول في النظام المناخي استجابة لزيادة ثاني أكسيد الكربون الحالية.
ومع ذلك، يحذر الباحثون من أن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات ونماذج أكثر دقة لتأكيد نتائجهم. فعدم اليقين في عمليات إعادة بناء الجغرافيا القديمة وتصنيف المناطق البيئية، إلى جانب القيود في تقنيات النمذجة المناخية، يعني أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم كيفية ارتباط التحولات المناخية القديمة بالاحترار العالمي الحديث بشكل كامل.