شهدت بابوا غينيا الجديدة كارثة رهيبة بسبب انهيارات أرضية تسببت بدفن أكثر من ألفي شخص أحياء في قرية كاوكالام الجبلية بمقاطعة إنجا.

ولا يزال وضع تلك المنطقة غير مستقر، فالانهيارات الأرضية مازالت مستمرة، مما دفع 8 آلاف شخص للنزوح من منازلهم خشية التعرض لكارثة جديدة، بينما طالبت حكومة غينيا الجديدة العالم بالتدخل للمساعدة.

من هايوان إلى فارغا.. أرض غير ثابتة

وتُعرف الانهيارات الأرضية بأنها انزلاق صخور أو قطع ضخمة من التربة على جزء منحدر من الأرض، ويمكن أن يحدث هذا الانزلاق فجأة أو بشكل تدريجي على فترات زمنية طويلة.

وفي حالة بابوا غينيا الجديدة انزلقت قطع ضخمة من الصخور بشكل مفاجئ، لتدفع كميات هائلة من التربة الرطبة التي انزلقت على سكان القرية ليلا وهم نائمون.

وهناك أسباب عدة لحدوث الانهيارات الأرضية، بعضها يتعلق بخصائص التربة، عندما تكون في بعض الأحيان ضعيفة أو متكسرة أو تتكون من طبقات ذات صلابة متفاوتة، مما يؤدي إلى سهولة تفتيتها وانزلاقها مع أقل دافع، خاصة إذا كانت تفتقد للغطاء النباتي الذي يعمل على تثبيتها عادة.

كما يمكن للممارسات الزراعية وعمليات البناء وإزالة الغابات أن تؤدي إلى زعزعة استقرار المنحدرات، مما يسهل حدوث الانهيارات الأرضية.

وربما تتدخل عوامل طبيعية أخرى لدفع الانهيارات الأرضية، فمثلا تسبب زلزال جانسو عام 1920 في مئات الانهيارات الأرضية بمنطقة هايوان الصينية، الأمر الذي تسبب بوفاة 200 ألف، ويعد أكبر حادث من هذا النوع حتى الآن.

وتعد مأساة فارغا في فنزويلا عام 1999 واحدة من أكبر هذه الكوارث أيضا، إذ وصل عدد القتلى إلى نحو 30 ألفا، وفي هذه الحادثة تسببت الأمطار الغزيرة المستمرة على سفوح الجبال في ولاية فارغاس بآلاف الانهيارات الأرضية التي دفنت مدنا بأكملها في طريقها.

وعلى حسب خصائص التربة وطبيعة المكان تختلف الانهيارات الأرضية في طريقة حدوثها، فقد تكون بسبب سقوط صخري من أعلى المنحدرات، أو ربما انخساف للأرض في مكانها بسبب ضعف تركيبتها السفلية، ولكنّ الانهيارات الطينية تعد أسرع أنواع الانهيارات الأرضية حركةً، وسرعتها تصل إلى 80 كيلومترا في الساعة.

في بابوا غينيا الجديدة

وفي بابوا غينيا الجديدة، تعد الانهيارات الأرضية كارثة متكررة، إذ إن تضاريس البلد جبلية وعرة شديدة الانحدار، كما أن تركيبة تلك المناطق الجبلية غير مستقرة، وهو ما يرفع من احتمالات وقوع كوارث طبيعية من هذا النوع.

أضف إلى ذلك أن بابوا غينيا الجديدة تقع في منطقة ذات نشاط زلزالي كثيف، مع نشاط بركاني في عدد من جوانبها، مما يؤدي مع الزمن إلى إضعاف المنحدرات الصخرية والتسبب بانهيارات أرضية.

إلى جانب ما سبق فإن هطول الأمطار الغزيرة أمر شائع في بابوا غينيا الجديدة المعروفة بمناخها الاستوائي، مما يؤدي إلى زيادة تآكل التربة والفيضانات، وهي عوامل تزيد من احتمالات الانهيارات الصخرية الخطيرة، فيمكن لأسابيع من المطر المستمر أن تُشبع التربة فيسهل انزلاقها.

Landslide in Petropolis city, natural disaster destroyed house, mud and debris. Firefighters teams working search and rescue for victims of rain at Morro da Oficina. Rio de Janeiro, Brazil 02.25.2022

تغيّر المناخ مرة أخرى

ومن المهم الإشارة إلى أن العلماء حاليا يعرفون أن تغيّر المناخ يؤثر بشكل كبير في تردد وشدة الانهيارات الأرضية، إذ يتسبب الاحترار العالمي بزيادة هطول الأمطار في بعض المناطق وخاصة الاستوائية منها، الأمر الذي يرفع احتمالات وقوع انهيارات أرضية.

كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر يؤدي إلى تآكل السواحل، مما ينتج عنه زعزعة استقرار المنحدرات والمناطق الساحلية، ويزيد من احتمالية وقوع انهيارات أرضية.

وبشكل عام، يضع تغيّر المناخ مناطق مثل بابوا غينيا الجديدة في خطر كبير، حيث إن ضعف البنية التحتية ونقص التعليم يساهم في زيادة أثر الكوارث الطبيعية التي باتت تتزايد بسبب تغير المناخ.

زد على ذلك أن الكثير من سكان هذه المناطق يعملون عادة في نطاقات تعتمد على الزراعة أو تربية الماشية أو الصيد، وهي مهن تتأثر بتغير المناخ بقوة، مما يزيد من معاناتهم بشكل عام، وفي مواجهة الكوارث الطبيعية بشكل خاص.

شاركها.
Exit mobile version