تستغرق الأكياس البلاستيكية ما يصل إلى 20 عاما كي تتحلل، وهو ما يجعلها تمثل مشكلة بيئية كبيرة، مما دفع باحثين إلى محاولة البحث عن بدائل قابلة للتحلل الحيوي، وأحد هذه البدائل قدمتها دراسة نشرت بدورية “الكيمياء والصيدلة المستدامة”، وكانت قائمة على “قشر الموز”.

والعثور على ألياف من المخلفات الزراعية المختلفة لتوظيفها في إنشاء مواد تعبئة قابلة للتحلل، ليست محاولة جديدة، ولكن الجديد في تلك المحاولة التي قام بها باحثون من جامعة ولاية داكوتا الجنوبية بأميركا، أنها أوجدت طريقة سهلة تعتمد على واحد من أكثر المخلفات شيوعا وهو “قشر الموز”.

لماذا الموز؟

ووفق بيان صحفي أصدرته جامعة ولاية داكوتا الجنوبية عن تلك الدراسة، فإن” الموز أحد أكثر الفواكه شعبية واستهلاكا على نطاق واسع في العالم، كما أنه رابع أكثر المحاصيل زراعة في العالم بعد الأرز والقمح والذرة فقط، وينتج عن استهلاكه ما يقرب من 36 مليون طن من القشور كل عام ويُتخلص من معظمها كنفايات. وعلاوة على ذلك، زاد إنتاجه بنسبة 10% بين عامي 2010 و2020، ومن المتوقع أن يستمر في النمو خلال العقد المقبل، وهو ما يَعِد بزيادة كمية القشور، لذلك فإن هذه الكميات الضخمة تجعل منها حلا عمليا، مقارنة بغيرها من المخلفات”.

ويوضح البيان أنه “إضافة إلى الكميات الضخمة، فإن ألياف بقايا الموز تتكون في الغالب من مادة لجينوسليلوزية، وهي العنصر الرئيسي في صناعة البلاستيك الحيوي القابل للتحلل بسبب بنيتها القوية وقابليتها للتحلل البيولوجي وكثافتها المنخفضة وعدم سميتها”.

من القشرة إلى البلاستيك

وتكشف الدراسة كيفية تحويل القشرة إلى بلاستيك عبر عدة خطوات، هي:

  • معالجة القشر: فأولا يُحول قشر الموز المستخدم إلى “نخالة” باستخدام الخلاط.
  • استخلاص المادة اللجينية السليلوزية: تُستخلص المادة اللجينية السليلوزية من قشر الموز باستخدام عملية المعالجة الكيميائية، وتشكل هذه المادة العنصر الرئيسي في صناعة الأغشية القابلة للتحلل.
  • التبييض والتقطير والمعالجة: تخضع الألياف المستخرجة لعمليات التبييض والتقطير والمعالجة لتحضيرها لإنتاج أغشية التعبئة.
  • إنتاج العبوات: تُحضر الألياف المعالَجة وتحول إلى أغشية.
  • الاختبار: خضعت الأغشية الجديدة لاختبارات بهدف كشف خصائصها، بما في ذلك القوة والشفافية والقابلية للتحلل الحيوي.

نتائج واعدة للأغشية الجديدة

يكشف الأستاذ المشارك في كيمياء الأغذية بقسم علوم الألبان والأغذية بجامعة ولاية داكوتا الجنوبية بأميركا، والباحث الرئيسي بالدراسة، سرينيفاس جاناسوامي، عن نتائج الاختبارات التي أجريت على الأغشية الجديدة، وكانت على النحو التالي:

  • التحلل البيولوجي: تتحلل خلال 30 يوما عند نسبة رطوبة تربة 21٪.
  • الشفافية: كانت شفافة بدرجة كبيرة، وأكثر شفافية من الأغشية السابقة المصنوعة من منتجات ثانوية مختلفة، وهذه إحدى الخصائص الأساسية للأغشية، حيث يفضل المستهلكون التغليف الشفاف للحكم على مدى نضارة الطعام.
  • قوة الشد والاستطالة: تعد القيم المرتبطة بقوة الشد والاستطالة مهمة للتنبؤ بما إذا كانت الأغشية ستصمد لفترات طويلة أثناء تغليف المواد الغذائية، وكانت القيم المرتبطة بأغشية قشر الموز أعلى من أكياس البقالة التجارية، حيث بلغت قوة شدتها 30 ميغاباسكالا (مقياس يستخدم بشكل شائع في الهندسة وعلوم المواد لقياس الإجهاد والضغط وقوة المواد، كما يستخدم  للتعبير عن قوة الشد وقوة الضغط، وغيرها من الخواص الميكانيكية للمواد).

وانطلاقا من هذه النتائج الواعدة، خلص جاناسوامي إلى أن دراستهم تفتح آفاقا جديدة لقشر الموز وغيرها من المنتجات الثانوية لاستخدامها في تصميم وتطوير أغشية قابلة للتحلل تكون بديلة عن البلاستيك.

قيمة اقتصادية مضافة

ويعد هذا الإنجاز البحثي بفوائد، ليس فقط للبيئة، ولكن ستكون له قيمة اقتصادية كبيرة، كما يوضح أستاذ علوم المواد بجامعة الزقازيق المصرية معتز الشربيني.

ويقول الشربيني في تصريحات هاتفية لـ”الجزيئرة نت”: إن “صناعات الأغذية تتخلص من أطنان من قشور الموز بعد استخدامها للموز في تصنيع العصائر والمربى وأغذية الأطفال، وبالتالي فإن العثور على استخدام عملي للقشور سيكون أمرا مهما لتوفير فوائد مالية لقطاع صناعات التغذية”.

ولكن الشربيني يقول إن تحقيق تلك الفوائد مرهون بدراسات لاحقة يعظّم من خلالها الباحثون الجدوى الاقتصادية لعملية إنتاج الأغشية من قشور الموز، وتشمل تلك الدراسات الآتي:

  • إجراء مقارنات في فعالية التكلفة بين إنتاج الأغشية القابلة للتحلل من قشر الموز، مقارنة بالبلاستيك التقليدي.
  • استكشاف طرق لزيادة إنتاجية المواد اللجينية السليلوزية من قشر الموز وتبسيط خطوات التحويل لتقليل استهلاك الطاقة والنفايات.
  • إجراء اختبارات طويلة المدى للأغشية في ظل ظروف مختلفة لتقييم أدائها واستقرارها مع مرور الوقت.
  • استكشاف تطبيقات متنوعة للأغشة المصنعة من قشر الموز لتحديد فرص السوق المحتملة والتطبيقات المتخصصة.
شاركها.
Exit mobile version