تشير الدراسات الأخيرة إلى ارتفاع ملحوظ في درجات حرارة سطح البحر، مما يثير قلق العلماء حيال مستقبل كوكبنا. وهو ما يتطلب مزيدا من الدراسة والبحث لمعرفة السبب والحد من تداعياته.

وفقا للبيانات التي تم تحليلها في معهد تغير المناخ في “جامعة مين” (University of Maine)، تخطت درجات حرارة سطح البحر -المسجلة يوميا في أبريل/نيسان الماضي- الأرقام القياسية لأعلى ارتفاع لها منذ عام 1982. مما يستدعي قلق العلماء حيال هذه الزيادة الملحوظة.

محيطات في خطر

وسجلت القراءات اليومية تزايدا مستمرا في درجات حرارة سطح البحر بشكل يفوق المعدلات التي سجلت في الأعوام السابقة، مع عدم وجود أي مؤشر يدل على التحسن.

ويعد هذا جزءا من خطر أكبر يدعو إلى القلق. إذ توصلت دراسة نشرت الشهر الماضي في دورية “إيرث سيستم ساينس داتا” (Earth System Science Data) إلى أن كوكبنا استوعب كمية من الحرارة خلال الـ 15 عاما الماضية تماثل تقريبا ما تحمّله خلال الـ 45 عاما السابقة، مما يؤشر إلى أننا على موعد مع ارتفاعات كبيرة في درجات الحرارة العالمية.

غير أن الأسوأ من ذلك يتمثل في أننا لا نزال غير متأكدين تماما من السبب وراء حدوث هذا الارتفاع.

ولفترة طويلة، استخدم الإنسان المحيط كمكب للنفايات، مما راكم أكواما من النفايات في البحر، وعرّض الحياة البحرية للخطر.

وبالإضافة إلى النفايات البلاستيكية، يتحمل المحيط وسكانه عبء الانبعاثات الناتجة عن الإنسان والاحتباس الحراري، إذ استوعبت المحيطات حوالي 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العقود الأخيرة.

تغير مفاجئ في حرارة سطح البحر

وتعد زيادة حرارة سطح البحر إحدى تبعات تحمل المحيطات لتلك الأعباء السابقة. ففي الأول من أبريل/نيسان الماضي، وصل متوسط ​​حرارة سطح البحر العالمي إلى 21.1 درجة مئوية، وهو رقم قياسي جديد يتخطى ​​المتوسط العالمي المسجل بين عامي 1982 و2011 بنصف درجة مئوية.

وفي الواقع، يتم قياس حرارة سطح البحر على بعد متر تحت السطح عن طريق الأقمار الصناعية، ويتم التأكد من القراءات عن طريق السفن والعوامات.

وتصل درجات الحرارة عادة إلى أعلى نقطة لها في مارس/آذار أو في بداية أبريل/نيسان في السنة، وذلك بعد أن يُدفئ الصيف مياه المحيطات في النصف الجنوبي للكرة الأرضية؛ حيث يوجد معظم الماء على الأرض.

يذكر أن متوسط درجة حرارة سطح البحر بدأ هذا العام من نقطة مرتفعة نسبيا مقارنة بالأعوام السابقة.

ظاهرة “إل نينيو”

من الصعب أن تعزى هذه الزيادة الملحوظة في ارتفاع درجة حرارة سطح البحر إلى سبب محدد. غير أن طبيعة الذروة غير المعتادة المسجلة الشهر الماضي تجعل الأمر أصعب في تشخيص السبب الرئيس وراءها.

وطبقا لتقرير نشره موقع “ساينس ألرت” (ScienceAlert)، فقد سجلت الحرارة السطحية للمحيطات رقما قياسيا خلال عام 2016 أثناء حدوث ظاهرة “إل نينيو” (El Nino).

وظاهرة “إل نينيو” هي ظاهرة مناخية طبيعية تحدث تقريبا كل 4 إلى 12 سنة في المحيط الهادي، وتحديدا في المنطقة المدارية الواقعة على خط الاستواء بين السواحل الغربية لقارة أميركا الجنوبية والسواحل الشرقية لقارة آسيا والشمالية الشرقية لأستراليا.

وتتمثل هذه الظاهرة في ارتفاع درجات حرارة مياه البحر السطحية بشكل لافت، وخاصة في الصيف والخريف، مما يؤدي إلى تشكيل تيارات وكتل مائية دافئة، تتحرك شرقا حتى تصل إلى سواحل أميركا الجنوبية وعلى وجه الخصوص سواحل البيرو والإكوادور، مما يؤدي إلى تغيرات مناخية وبيئية قاسية في أنحاء أخرى من العالم.

تحديات مستقبلية

ورغم وجود أدلة متزايدة تشير إلى أننا سندخل في حدث مماثل قريبا، إلا أننا لم نصل بعد إلى هذه المرحلة، مما يجعل من المرجح أن ترتفع درجات حرارة سطح البحر بشكل أكبر خلال العام المقبل. وقد تسجل درجة حرارة سطح البحر رقما قياسيا جديدا خلال الأعوام القليلة المقبلة.

وعلى المدى الطويل، سيترتب على ارتفاع درجة حرارة المحيطات -سواء الطبقة السطحية أو العميقة- عواقب واسعة النطاق. إذ سيؤدي ذلك إلى ذوبان الجليد بصورة أسرع، كما يتسبب ذلك في تبييض الشعاب المرجانية، وسيزيد من قوة العواصف ومستويات البحر.

كما أن المحيطات الأكثر حرارة ستمتص نسبة أقل من الحرارة وكمية أقل من ثاني أكسيد الكربون، مما يسرع من ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.

المصدر : إيكونوميست + ساينس ألرت + مواقع إلكترونية

شاركها.
Exit mobile version