أعلن فلكيون من المنظار الفضائي جيمس ويب عن التقاط صورة جديدة لسديم السرطان الذي يعد واحدا من أشهر الأجرام في السماء، سواء بالنسبة لمتخصصي علم الفلك، أو للهواة الذين يتأملونه في مناظيرهم الصغيرة.

وأظهرت الصورة الجديدة التي التقطتها كاميرتا “نيركام” و”ميري” تفاصيل جديدة للسديم، حيث يظهر الكبريت المتأيّن الممثل باللون الأحمر البرتقالي، والحديد المتأين باللون الأزرق، والغبار بالألوان الأصفر والأبيض والأخضر.

وقد تمكن جيمس ويب من الغوص بعمق في تفاصيل السدم مقارنة بمناظير مثل “هابل” بسبب النطاق الذي يعمل خلاله، وهو نطاق الأشعة تحت الحمراء التي تمكن المنظار من اختراق سحب الغبار ورصد ما يقع في خلفيتها.

ولغرض التقريب، يشبه الأمر أن يذهب أحدهم إلى المستشفى بسبب كسر في عظمة الورك، فيخضع لصورة بالأشعة السينية التي تخترق الجلد لتبين موضع الكسر بالعظام، والأمر نفسه يحدث لجيمس ويب لكن في نطاق آخر للإشعاع الكهرومغناطيسي.

النجم القابع في مركز السرطان

وإلى جانب ذلك، يسلط جيمس ويب الضوء على ما يعرف بـ “إشعاع السنكروترون” وهو انبعاث ينتج من جسيمات مشحونة تتحرك حول خطوط المجال المغناطيسي للنجم النيتروني القابع في مركز السديم والذي يدور حول نفسه بسرعة شديدة، ويظهر الإشعاع في صورة جيمس ويب على شكل سحابة من الدخان الدوّار داخل سديم السرطان.

وبحسب بيان صادر من منصة المنظار جيمس ويب، فإن الرياح التي ينتجها النجم النابض في قلب السديم تدفع أغلفة الغاز والغبار إلى الخارج بوتيرة سريعة، فتميل الخيوط المكونة للسديم إلى أن تكون أطول نحو الجانب الأيمن العلوي من السديم، وهو نفس الاتجاه الذي يتحرك فيه النجم النابض.

وهذا النجم هو بقايا نجم آخر عملاق، يفوق حجمه بعشرات المرات حجم الشمس، عاش في هذا المكان قبل آلاف السنوات، ثم انهار على نفسه منفجرا ليتسبب في مستعر أعظم هائل، وهذا ما نراه الآن كسديم السرطان، تاركا ما تبقى من نواته كنجم نيتروني صغير جدا بقطر يساوي نحو 20 كيلومترا فقط وكتلة أكبر من شمسنا. ويأخذ الفيديو التالي الذي تضمنه البيان المشاهد في رحلة إلى أعماق سديم السرطان.

كتاب ابن أبي أصيبعة

ولوحظ انفجار هذا النجم على الأرض في مناطق عدة عام 1054، وكان حاضرا في بعض السجلات الصينية، حيث شاهده “يانغ وي تي” أحد فلكيي البلاط الملكي الصيني كنجم لامع بشكل غير معتاد في الأفق، وسمي النجم الضيف، واستمر بإضاءة تشبه القمر البدر لمدة 23 يوما، ثم اختفى.

وشاهده كذلك بعض علماء العالم الإسلامي في تلك الفترة، وهنا نذكر أن المؤرخ الشهير ابن أبي أصيبعة (المتوفى سنة 1270 ميلادية) نقل في كتابه “طبقات الأطباء” عن الطبيب المختار بن بطلان (المتوفى سنة 1066 ميلادية) أن نهر النيل كان منخفضا عام 446 هجرية (التي توافق 1054 ميلادية)، بينما شهدت السماء ظهور نجم لامع بشكل استثنائي.

لكن أول من رصد سديم السرطان كان جون بيفيس الفلكي البريطاني في سنة 1731، حينما وجّه منظاره الكبير إلى تلك المنطقة من كوكبة الثور ليجد سديما بديع الشكل سُمي فيما بعد “سديم السرطان”، وكانت تلك هي أول مرة نسجل فيها نحن البشر رصد بقايا مستعر أعظم.

شاركها.
Exit mobile version