نجحت نماذج الذكاء الاصطناعي مثل “شات جي بي تي” (ChatGPT) في إنتاج محتوى إبداعي عالي الجودة مشابه للإبداعات البشرية.

وأظهر الباحثون مؤخرا أن الميزات الأساسية للذكاء مثل التعلم والذاكرة يمكن تنفيذها في أجهزة غير بيولوجية مثل شبكات الأسلاك النانوية التي يمكن أن تتيح يوما ما محادثات وذكريات شبيهة لما لدى البشر.

ووجدت دراسة نشرت في دورية “ساينس أدفانسيز” (Science Advances) يوم 21 أبريل/نيسان الماضي، أن شبكة ذاتية التنظيم من أسلاك الفضة النانوية تتعلم وتتذكر بنفس الطريقة التي تتعلم بها أجهزة التفكير لدى البشر.

تقليد الدماغ

وفي مقال لهما نشر على موقع “ذا كونفيرسيشن” (The Conversation)، ذكر الباحثان المشاركان في الدراسة، ألون لوفلر، باحث دكتوراه بجامعة سيدني، وزدينكا كونسيتش، أستاذة الفيزياء بنفس الجامعة، أن عملهما البحثي يهدف إلى تكرار بنية ووظائف الخلايا العصبية في الأنظمة غير البيولوجية.

وبحسب الدراسة، أنشأ الباحثون شبكات من أسلاك الفضة النانوية عالية التوصيل، يبلغ عرضها حوالي واحد في الألف من عرض شعرة الإنسان (قطرها حوالي 50-100 نانومتر)، وعادة ما تكون مطلية بمادة عازلة مثل الخلايا العصبية التي لها غشاء عازل، ويتم تجميع الأسلاك ذاتيا لتشكيل بنية مشابهة للشبكة العصبية البيولوجية.

ووجدت الدراسة أن الشبكات أظهرت سلوكا شبيها بالتعلم والذاكرة في دماغ الإنسان، ولاحظ الباحثون أن تحفيزها بإشارات كهربائية ينقل الأيونات عبر الطبقة العازلة إلى سلك نانوي مجاور (يشبه إلى حد كبير الناقلات العصبية).

تغيرت مقاومة الأسلاك بطريقة تشير إلى أن الشبكة كانت “تتعلم” توقع النبض، واحتفظت الشبكة بـ”ذاكرة” للنبض وأظهرت استجابة مماثلة عند إعادة النبض. والأهم من ذلك، تغيرت الاتصالات بين الأسلاك النانوية، دون أن تتم برمجتها بشكل صريح، ويوضح هذا نوعا من التعلم على المستوى النانوي.

Nanowire networks learn and remember like a human brain

إثبات هام للمفهوم

وأظهرت شبكات الأسلاك النانوية شكلا ضيقا من التعلم غير الخاضع للإشراف والعمليات المنطقية البسيطة، ويمكن أن تحاكي بعض جوانب الاتصال العصبي الأساسية التي نراها في دماغ الإنسان، مثل التعرف على الأنماط والتصنيف، لكنها كانت شبكات محدودة وبسيطة تفتقر إلى العديد من خصائص الأدمغة البيولوجية.

جاءت الدراسة كإثبات هامّ للمفهوم، وتسلط الضوء على بعض الميزات الواعدة التي يمكن أن توفرها الشبكات العصبية الاصطناعية، حيث يمكنها تشكيل روابط على غرار المشابك العصبية.

وأوضح البحث إمكانات المواد النانوية في الحوسبة العصبية، وفي حين أن السلوك الذي لوحظ في الدراسة مثير للفضول، فمن المهم ملاحظة أن شبكة أسلاك الفضة النانوية ليست نظيرا حقيقيا للدماغ البشري، وأنها أبسط بكثير من الدماغ وتفتقر إلى العديد من الآليات المعقدة التي تجعل الدماغ قادرا على التعلم.

ومع ذلك، يمكن أن تكون لنتائج الدراسة آثار على تطوير أنواع جديدة من الأجهزة الإلكترونية القادرة على التعلم والتكيف مع بيئتها، لكننا ما زلنا بعيدين تماما عن مطابقة القوة الحسابية وقدرات التكامل الحسي للدماغ البشري.

التطبيقات المحتملة

يمكن أن تمهد نتائج الدراسة الطريق لتطوير أنواع جديدة من الأجهزة الإلكترونية القادرة على التعلم والتكيف مع بيئتها. وتعتبر أسلاك الفضة النانوية مادة واعدة لمجموعة متنوعة من التطبيقات، حيث تتميز بخصائص فريدة تجعلها ذات أهمية لمجموعة متنوعة من التطبيقات، فهي موصلة للغاية، ولديها مساحة سطح عالية إلى نسبة الحجم، مما يجعلها مفيدة لتطبيقات مثل الإلكترونيات المرنة وشاشات اللمس.

ويمكن أن يكون أحد التطبيقات المحتملة لهذه التكنولوجيا هو إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تقدما قادرة على التعلم من التجربة والتكيف مع المواقف الجديدة.

وربما يمكن لشبكة الأسلاك النانوية ذات الشكل العصبي أن تتعلم يوما ما إجراء محادثات تشبه الإنسان أكثر من نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية.

شاركها.
Exit mobile version