أشار باحثون من منظمة أوكسفام الدولية غير الربحية في تقرير بحثي صدر مؤخرا أن أغنى 1% فقط من سكان العالم (وهم حوالي 77 مليون شخص) مسؤولون عن نفث كمية من انبعاثات الكربون بقدر مماثل لما يتسبب فيه ما يقارب ثلثي سكان العالم.

ويأتي هذا التقرير في سياق جدل سياسي لازال قائما بين حكومات الدول الكبرى حول تحمل تكلفة تثبيت ارتفاع متوسطات درجات الحرارة حول 1.5 درجة مئوية مقارنة بما قبل عصر الثورة الصناعية.

ويتسبب ثاني أكسيد الكربون وغازات الصوبة الزجاجية الأخرى في رفع متوسطات درجات حرارة كوكبنا عن طريق ظاهرة الصوبة الزجاجية، حيث تمنع تلك الغازات اشعاع الشمس الذي امتصته الأرض من العودة مجددا إلى الفضاء وتبقيه داخل الغلاف الجوي.

كارثة الأغنياء

وأشار التقرير البحثي، الذي صدر تحت عنوان “المساواة المناخية” أن الانبعاثات الكربونية التي يتسبب فيها أغنياء العالم تكفي للتسبب في 1.3 مليون حالة وفاة زائدة بسبب الحرارة، أي ما يعادل تقريباً عدد سكان مدينة متوسطة، وستحدث معظم هذه الوفيات بين عامي 2020 و2030.

وأشار بيان صحفي صادر من المؤسسة إلى أن “فاحشي الثراء ينهبون الكوكب ويلوثونه إلى حد الدمار”، مما يترك البشرية تختنق بسبب الحرارة الشديدة والفيضانات والجفاف، وأنه قد أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أنه لا يمكن حل مشكلة المناخ من دون انهاء عصر الثروة المتطرفة.

وبحسب التقرير البحثي، فإن هناك فجوة صارخة بين البصمة الكربونية للأثرياء والجزء الأكبر من الناس في جميع أنحاء العالم، لأن أنماط حياتهم متعطشة للكربون واستثماراتهم في الصناعات الملوثة مثل الوقود الأحفوري، وهو ما يؤدي بشكل أساسي إلى زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري. وتعرف البصمة الكربونية بأنها إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة التي يتسبب بها نشاط أو منتج أو شركة أو بلد أو شخص ما.

ولغرض فهم حجم تلك الفجوة، فإن شخص عادي من الـ99% المتبقية من هذا العالم سيستغرق 1500 عام حتى يتمكن من إنتاج نفس القدر من الكربون الذي ينتجه أغنى المليارديرات في عام واحد!

وبحسب التقرير البحثي الجديد، فإنه في كل عام تلغي الانبعاثات التي يصدرها أغنى 1% من سكان العالم الأثر المناخي الإيجابي الناتج عما يقرب من مليون توربينة رياح!

وتقترح المؤسسة أنه لا يوجد حل لتلك الكارثة إلا ضريبة بنسبة 60% على دخل أغنى 1%، الأمر الذي يمكن أن يخفض الانبعاثات إلى مستوى معقول ويجمع 6.4 تريليون دولار سنويا لتمويل التحول من الوقود الأحفوري إلى منظومات الطاقة المتجددة.

DADAAB, SOMALIA-AUGUST 15: Unidentified children stretch out their hands at the Dadaab refugee camp where thousands of Somalian wait for help because of hunger on August 15, 2011, in Dadaab, Somalia.

مشكلات الفقراء

وللأسف، فإن الأثر الأكثر ضررا للتغير المناخي يقع بالأساس على دول نامية، تعتمد على الزراعة والصيد في أنماط حياتها، وهي نشاطات مهددة بقوة مع ارتفاع وتيرة الموجات الحارة وضربات الجفاف والفيضانات عامًا بعد عام.

وعادة ما تتواجد هذه المجتمعات في خطوط عرض مدارية، وتعيش في دول هشة سياسيًا، ومع نقص الموارد بسبب التغير المناخي فإن هذه الهشاشة السياسية يمكن أن تتحول لحروب أهلية أو حروب ما بين الدول المتجاورة، في أثناء التنافس على الموارد الشحيحة.

سكان هذه الدول لا يؤثرون في احترار المناخ إلا بنذر يسير مقارنة بآخرين من دول متقدمة يؤثرون بقوة في احترار المناخ، وهؤلاء في تلك الدول المتقدمة يمتلكون على الأقل القدرة للتكيف مع التغير المناخي بتغيير أنماط عملهم وتطوير هندسة المدن.

ويقر علماء الاجتماع بأن نسب التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين سكان العالم تتصاعد عاما بعد عام، وتهدد بكارثة بيئية ومناخية لن يتمكن أحد من صد آثارها مهما حصل.

وفي كتابه “مدار الفوضى” يشير الصحفي الاستقصائي والأكاديمي الأميركي كريستيان بارينتي إلى أن دول العالم الغربي ليست محمية من الكارثة الاجتماعية والسياسية التي يمكن أن تحدث ما بين مداري الجدي والسرطان بسبب تغير المناخ.

شاركها.
Exit mobile version